موقف الإمارات من القضية الفلسطينية ثابت لم يتغير، فالمعاهدة مع إسرائيل مهدت الطريق مجدداً لفرصة حقيقية لإحياء عملية السلام.
لمعاهدة السلام الإماراتية الإسرائيلية طبيعة مختلفة، حيث تبعث برسالة سياسية قوية، وفقاً للأطراف الثلاثة، إذ تم التوصل إلى هذه المعاهدة من أجل منع إسرائيل من المضي قدماً في الضم أحادي الجانب لأجزاء من الضفة الغربية، ثم أعلنت البحرين عن معاهدة سلام مع إسرائيل، لتكون ثاني دولة عربية خلال شهر بعد الإمارات، تتوصل إلى هذه المعاهدة التي تَعِد بمكاسب كبيرة على المستويات التجارية والسياحية.
ذلك يعد مكسباً ملموساً للقضية الفلسطينية، ليس بالشعارات بل بالعمل، من خلال وقف ضم الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية لصالح المستوطنات، وهو الأمر الذي ورد صراحة في البيان الثلاثي المشترك بين الإمارات وأمريكا وإسرائيل، وفيما بعد ستتضح أكثر فوائد المعاهدة خاصة أنها تفتح الباب نحو تعاون اقتصادي وعلمي بين اثنين من أكبر اقتصادات المنطقة وأكثرهما تقدماً، ما سينعكس إيجاباً على المنطقة ازدهاراً ونماء ورخاء.
في عام1973م كان الرأي العام الأميركي والغربي عموماً جاهزاً لكي يساعد في إيجاد حل عادل وشامل أكثر مما هو عليه اليوم، والسبب أن العرب كانوا متضامنين متوحدين في الهدف على الأقل، كانوا قوة يعتز بها وأثبتوا أن لهم قضية عادلة يناضلون من أجلها، واليوم فإن موقف الإمارات من القضية الفلسطينية ثابت لم يتغير، فالمعاهدة مع إسرائيل مهدت الطريق مجدداً لفرصة حقيقية لإحياء عملية السلام، ودفعت بمسألة حل الدولتين إلى الواجهة، وليعلم الذين ضلوا الطريق أن الإمارات لن تفرط بذرة واحدة من التراب الفلسطيني. فاستناداً إلى المعطيات التي أعلنتها دولة الإمارات في مبادرتها لإنجاز السلام الشامل في المنطقة وأكدت فيها على وقف الاستيطان وعدم ضم مساحات من الضفة الغربية إلى إسرائيل، وأن القدس قبلة المسيحيين والمسلمين.
وخلال المرحلة الماضية قوبلت الخطط الإسرائيلية لضم أكثر من 130 مستوطنة يهودية في الضفة الغربية وغور الأردن الذي يمتد بين بحيرة طبريا والبحر الميت، بموقف إماراتي صلب وراسخ، وتحقق ذلك قبل أن تطرح دولة الإمارات معاهدة السلام، في إيقاف هذه الخطط، فالمعاهدة بمجملها تمثل نقلة تاريخية، وتمهد الطريق للسلام في الشرق الأوسط المضطرب والعائم فوق حمم بركانية وفِخاخ قاتلة.
ورغم تراجع القضية الفلسطينية بدرجات مختلفة، من اهتمامات الكثير من الدول العربية والإسلامية، إلا أن الدعم المالي والسياسي الإماراتي للقضية ظل مستمراً وهو ما يكسبه قدراً كبيراً من الأهمية والحيوية ويميزه عن أدوار الأطراف العربية والإسلامية، ويأتي محل اتفاق التيارات الفلسطينية كلها دون استثناء، ويظهر بقوة أثناء المحن، وتكون الإمارات في صدارة المبادرين إلى مد يد المساندة والعون، ومن ثم يكون دورها أكثر تأثيراً وأهمية سواء على صعيد مساندة الشعب الفلسطيني، أو على المستوى السياسي ودعم القضية الفلسطينية في المحافل والمنظمات الإقليمية والدولية.
المبادرة الإماراتية تؤسس لتغيير كبير في جيوسياسية الخليج العربي والقرن الأفريقي والبحر الأحمر وفي المنطقة عموماً لما تحمله من مميزات ومواقع استراتيجية، وبذلك تتضح قوة الدولة الإماراتية المستمدة حيويتها من توازن ثرواتها واقتصاداتها وفي دبلوماسيتها الناجحة ودورها الإقليمي والدولي، ولابد من الإشارة إلى جوانب التكنولوجيا الحيوية والرعاية الصحية والدفاع والمراقبة الإلكترونية، وتعد الإمارات خير مثال على ذلك، ولها تطلعات دولية وما هو أبعد من ذلك، إذ أنها أول دولة عربية ترسل بعثة إلى المريخ، وتبني مفاعلاً نووياً لأغراض التنمية والسلام.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة