«العصفور المفترس» عرقلت وصول الحرس الثوري لـ90 مليون دولار

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال في تقرير مفصل، أن مجموعة القرصنة المعروفة باسم "العصفور المفترس"، نفّذت عملية سيبرانية واسعة النطاق ضد البنية التحتية المالية الإيرانية.
ونجحت مجموعة "العصفور المفترس"، خلال ما عُرف بـ"حرب الأيام الـ12"، في إخراج محافظ رقمية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني تحتوي على عملات مشفرة بقيمة 90 مليون دولار من متناول أصحابها، وتدميرها بشكل كامل.
ونُشر التقرير يوم الأحد، مشيرا إلى أن تعطل أجهزة الصراف الآلي خلال تلك الفترة كان جزءا من "حملة سيبرانية غير مسبوقة ضد النظام المالي الإيراني"، استهدفت "تدمير الأصول الرقمية والسجلات المصرفية بهدف إضعاف النظام الإيراني".
وبحسب الصحيفة، فإن مجموعة "العصفور المفترس" التي يُعتقد أنها على صلة بإسرائيل، بدأت حملتها باختراق البنية المعلوماتية لبنك سپه، باعتباره الذراع المالية المركزية للحرس الثوري، حيث قامت بمسح بياناته وتعطيل أنظمته بشكل كامل.
وقد أدت هذه الهجمات إلى تعطل أجهزة الصراف الآلي، بما في ذلك تلك الخارجة عن نطاق بنك سپه، وتوقف الخدمات المصرفية الإلكترونية والحضورية، فضلًا عن وقف صرف الرواتب والمستحقات المالية للعسكريين والعناصر الأمنية، التي كانت تتم عبر البنك ذاته.
وأشار التقرير إلى أن هذه الأحداث تسببت في حالة ذعر عام، تلتها موجة اندفاع نحو سحب الأموال من البنوك. ورغم أن بنك ملي، أكبر بنك تجاري في إيران، لم يكن مستهدفا بشكل مباشر، فإنه عجز عن تلبية الطلب المتزايد على السيولة. وسارع البنك المركزي الإيراني إلى احتواء الأزمة عبر طباعة مزيد من النقود وضخ الاحتياطات في النظام المصرفي.
ولفت التقرير إلى أن من نتائج هذه الهجمات أيضًا انهيار البورصة في طهران وتراجع قيمة الريال الإيراني بنسبة 12%.
كما بيّن التقرير أن "العصفور المفترس" استهدف بنية مالية موازية للحرس الثوري قائمة على العملات الرقمية المستقرة، والمدعومة بأصول غير رقمية. وقد تمكنت المجموعة من تحديد المحافظ التي يستخدمها الحرس في عملياته اليومية، ثم قامت بسحب نحو 90 مليون دولار منها، ونقلها إلى عناوين غير قابلة للاسترداد، ما أدى إلى تدمير تلك المحافظ بالكامل.
ويرى معدّو التقرير أن قطع الوصول إلى الموارد المالية استهدف بشكل مباشر شرعية النظام الإيراني في نظر العناصر الموالية له، لا سيما في صفوف الأجهزة الأمنية والعسكرية.
وفي تحليلهما للتداعيات الاستراتيجية لهذه العمليات، يرى كل من مايكل دوران، الخبير البارز في السياسة الخارجية الأمريكية، والمتخصص في الأمن السيبراني في الشرق الأوسط، وزميلته زينب ريبوا من مركز السلام والأمن في الشرق الأوسط، أن هذه الهجمات تحمل رسالة واضحة: "البنية التحتية المالية للجمهورية الإسلامية قائمة فقط ما دامت الحكومة الإسرائيلية تسمح بذلك".
واعتبر الكاتبان أن العملية الأخيرة لمجموعة "العصفور المفترس" شكّلت تحولا نوعيا في إطار السياسة الأمريكية تجاه إيران، إذ وفّرت للإدارة الأميركية، وتحديدا إدارة الرئيس دونالد ترامب، فرصة لفرض معادلة مباشرة على طهران: "إما التراجع عن البرنامج النووي، أو مواجهة الانهيار الاقتصادي".
ويرى التقرير أن نجاح هذه الاستراتيجية يعتمد على مسارين رئيسيين:
أولًا، استمرار فرض العقوبات لدفع الموارد الإيرانية نحو الشبكات غير الرسمية والعملات الرقمية، حيث يمكن استهدافها عبر عمليات سيبرانية.
ثانيًا، التحول من الدعم غير المباشر إلى الشراكة الفعلية بين الولايات المتحدة وإسرائيل في تنفيذ هجمات سيبرانية هجومية ضد البنية المالية للنظام الإيراني.
ويرى معدّو التقرير أن هذا النهج فعّال، ومنخفض التكلفة، ويمتلك قبولا سياسيا، خاصة في ظل عدم رغبة الولايات المتحدة في التورط في مواجهة عسكرية مباشرة مع إيران.
وفي ختام التقرير، جرى التأكيد على أن الحرب السيبرانية، كما الحرب التقليدية، تتطلب "اختبارا ميدانيا". وخلص إلى أن التعاون العملياتي المتواصل بين واشنطن وتل أبيب لا يعزز فقط متانة تحالفهما، بل يضمن لهما أيضا التفوق الميداني في مواجهة قوى دولية منافسة مثل الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية.
وتجدر الإشارة إلى أن آراء مايكل دوران وزينب ريبوا حيال إيران غالبا ما تتركّز حول تحليل السياسات الأمنية والاستراتيجية للولايات المتحدة وإسرائيل تجاه إيران، لا سيما في ما يتعلق باستخدام أدوات مثل العقوبات الاقتصادية والهجمات السيبرانية في إطار سياسة الردع.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjA1IA== جزيرة ام اند امز