طبيب بالمستشفى الملكي البريطاني يكشف لـ«العين الإخبارية» عن تحولات ثورية في علم الشيخوخة
كشف الدكتور إبرام عياد، أستاذ أمراض الشيخوخة بالمستشفى الملكي البريطاني، عن أبحاث تسلط الضوء على العلاقة بين الشيخوخة والتمثيل الغذائي.
وأوضح في تصريحات خاصة مع "العين الإخبارية" أن الشيخوخة ليست فقط حالة طبيعية يصاحبها تغييرات جسدية، بل تمثل العامل الأكبر الذي يزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة، مثل السكري والسرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، بالإضافة إلى الاضطرابات التنكسية العصبية.
وأشار الدكتور عياد إلى أن السبب الرئيسي وراء هذه المشكلات هو تعطيل التوازن الخلوي والتمثيل الغذائي، مما ينعكس بشكل سلبي على استقرار البيئة الداخلية للجسم. وعندما يحدث اختلال في هذا التوازن، يبدأ الجسم في فقدان قدرته على تنظيم الوظائف الأساسية، مما يفتح المجال لظهور أمراض مزمنة واضطرابات وظيفية أخرى تساهم في تسريع عملية الشيخوخة.
وأكد الدكتور عياد على أهمية دور التمثيل الغذائي في صحة الخلايا، حيث يرتبط تعطيله بعدة جوانب سلبية للشيخوخة.
من بين هذه الجوانب تقصير التيلومير، والذي يُعتبر الحامي الطبيعي للكروموسومات، بالإضافة إلى ضعف الميتوكوندريا، وهي مصانع الطاقة في الخلايا. وأشار أيضًا إلى أن تدهور ميكروبات الأمعاء واضطرابات في استشعار المغذيات من قبل الخلايا هي عوامل مهمة تسهم في تفاقم هذه الأمراض.
من خلال الدراسات الحديثة، اكتُشف أن هناك علاقة وثيقة بين اضطراب استقلاب الجلوكوز والأمراض التنكسية العصبية مثل ألزهايمر. حيث تم تحديد إنزيم يسمى IDO1 يلعب دوراً محورياً في تحطيم الحمض الأميني التربتوفان. ويؤدي هذا المسار إلى إنتاج مركب يسمى كينورينين، الذي يُنشط استجابات التهابية قد تكون ضارة وتزيد من خطر الإصابة بألزهايمر.
أحد أبرز الاكتشافات التي تحدث عنها الدكتور عياد كان يتعلق بقدرة العلماء على تثبيط إنزيم IDO1 واستعادة وظائف الدماغ والذاكرة في نماذج قبل السريرية.
وقد لوحظ أن المثبطات التي صُممت أصلاً لعلاج السرطانات مثل سرطان الجلد وسرطان الثدي، يمكن أن تُستخدم لتحسين وظائف الدماغ عن طريق الحد من تراكم الكينورينين وإعادة تنشيط استقلاب الجلوكوز.
وفي هذا السياق، أشار الدكتور عياد إلى دراسة أُجريت باستخدام فئران وخلايا مرضى ألزهايمر، أثبتت أن مثبطات IDO1 يمكن أن تعيد توازن استقلاب الجلوكوز في الدماغ، مما يمهد الطريق لاستخدام هذه الأدوية في علاج الأمراض التنكسية العصبية المتعددة.
وأضاف أن هناك دراسات حديثة تدعم هذا الاتجاه، مثل الأبحاث التي أُجريت في جامعة هارفارد والتي أكدت على دور التمثيل الغذائي في التقدم في العمر والاضطرابات المرتبطة به. وأظهرت الدراسات أن تحسين استقلاب الخلايا يمكن أن يؤخر ظهور الأمراض التنكسية العصبية ويُحسِّن من جودة الحياة لدى كبار السن.
في ختام تصريحاته، دعا الدكتور عياد إلى ضرورة الاستمرار في استكشاف العلاقة بين التمثيل الغذائي والشيخوخة من خلال البحث العلمي المتقدم، مؤكداً أن هذه الاكتشافات تفتح أفقاً جديداً لعلاج أمراض الشيخوخة، وتحسين جودة الحياة للمرضى.