تحول عصري في التجارة الإلكترونية.. وكلاء تسوق بالذكاء الاصطناعي

تشهد التجارة الإلكترونية تحولًا جوهريًا مع صعود وكلاء الذكاء الاصطناعي الذين يغيرون طريقة شراء المستهلكين للمنتجات عبر الإنترنت.
وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، فإن شركات كبرى مثل OpenAI وGoogle وPerplexity وMicrosoft تراهن الآن على أن مستقبل التسوق سيكون بقيادة وكلاء افتراضيين يمكنهم البحث، والمقارنة، وحتى إتمام عمليات الشراء نيابة عن المستخدمين.
وفي عام 2024، أدخلت هذه الشركات أدوات قوية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT Agent من OpenAI، وComet من Perplexity، وميزة Action من Microsoft، و"الوضع الذكي" في بحث غوغل. وتتيح جميعها للمستخدم البحث عن منتجات من خلال محادثات نصية، فضلا عن قدرة هذه الأنظمة على تنفيذ المهام بشكل ذاتي، مثل اختيار المنتجات، وإضافتها إلى عربة التسوق، وتقديم التوصيات.
فعلى سبيل المثال، يمكن لوكيل OpenAI الجديد إتمام طلب شراء كامل، مثل تحضير وجبة عشاء، من خلال تصفح مواقع المتاجر، واختيار المنتجات، ثم إعادة التحكم للمستخدم لإتمام الدفع.
بحث لا يؤدي إلى نقرات
وفقًا لبيانات Semrush، فإن ما يقرب من 60% من عمليات البحث على غوغل في أوروبا لا تؤدي إلى نقر فعلي، حيث يعتمد المستخدمون على النص التلخيصي المولّد بالذكاء الاصطناعي. وهذا ما يدفع الشركات للإقرار بأن وكلاء الذكاء الاصطناعي لا يقتصر دورهم على البحث، بل أصبحوا يؤثرون مباشرة على قرارات الشراء.
ويتوقع محللو Gartner أن ينخفض حجم استخدام محركات البحث التقليدية بنسبة 25% بحلول عام 2026 نتيجة تزايد الاعتماد على الوكلاء والروبوتات التفاعلية.
وأمام هذا التغيير، بدأت الشركات والعلامات التجارية بتعديل استراتيجيات ظهورها في نتائج البحث التي تنتجها روبوتات الدردشة. ومن بين هذه الأساليب: استخدام روابط URL طويلة مملوءة بالكلمات المفتاحية ومحاولة الظهور على مواقع توصف بأنها "موثوقة" من قبل الخوارزميات وتحسين سرعة تحميل المواقع (أقل من 3 ثوانٍ) لزيادة فرص اختيارها من قبل الوكلاء.
ويقول المحلل نيخيل لاي من Forrester: إن "الوكلاء أصبحوا حساسين لتفاصيل تقنية دقيقة، مثل سرعة التحميل ووصف المنتج الدقيق، ما يعني أن مجرد الجمالية لم تعد كافية لجذب الانتباه".
الطفرة في البحث
وتشهد روبوتات الدردشة أيضًا زيادة في نمط البحث الدلالي أو "Semantic Search"، حيث يبحث المستخدمون بعبارات سياقية مثل "ملابس مناسبة لزفاف في جنوب فرنسا"، بدلًا من البحث عن منتج محدد. ووفقا للتقرير، فإن هذا يتطلب من العلامات التجارية إعادة تنظيم كتالوجاتها لتتوافق مع هذا النوع من البحث المعتمد على الأوصاف النصية.
كما كشفت دراسة من جامعة العلوم التطبيقية في الولاية النمساوية "النمسا العليا" أن روبوتات الدردشة تتفاعل بشكل أكبر مع الإعلانات النصية المباشرة، مقارنة بالصور أو الوسائط، مما يمنح النص البسيط أفضلية للظهور في نتائج التوصية.
ومع انتقال عملية الشراء من مواقع البيع إلى بيئات المحادثة، ترى شركات مثل Dept Media أن العلامات التجارية يجب أن تتهيأ لعالم جديد حيث لم يعد المستخدم هو الزائر الأساسي للمواقع، بل الوكلاء الذكيون هم من يقومون بذلك نيابة عنه.
وقال ديمي ألبيرز، المدير التنفيذي للشركة: "المنافسة لم تعد على موقع أمازون أو الموقع الرسمي، بل على الوكلاء الذين يتحدثون مع بعضهم البعض ويحددون للمستخدم ما يجب أن يشتريه".
ومن جهتها، تحذر شركة Inrupt، التي أسسها مخترع الإنترنت تيم بيرنرز-لي، من أن هذا الاتجاه قد يقلل من حرية الاختيار ويؤدي إلى اعتماد المستهلكين على أنظمة تختار لهم بدلًا من أن تقدم كل الخيارات المتاحة.
وقال المؤسس المشارك جون بروس: "نحن أمام عالم جديد حيث لم تعد المتاجر والعلامات التجارية هي من تقود السوق، بل الأنظمة الذكية. اليوم تتنازل عن زوج أحذية... وغدًا من يدري ما الذي ستتنازل عنه؟".