آخرها سوناك.. الانتخابات البريطانية تاريخ من الزلات «القاتلة»
بينما يحاول حزبه المحافظة على قاعدته الشعبية؛ أملا في عبور محطة الانتخابات المقبلة، تسببت «زلة» لرئيس الوزراء البريطاني، في توجيه ضربة جديدة لـ«المحافظين».
تلك «الزلة» التي تمثلت في غيابه عن جزء من احتفالات يوم النصر (الحرب العالمية الثانية)، عرضت ريشي سوناك لانتقادات، وتسببت بعاصفة سياسية تهدد بإخراج حملة الانتخابات العامة لحزب المحافظين عن مسارها.
وعلى الرغم من اعتذار سوناك عن عدم حضور الاحتفال النهائي يوم الخميس على شاطئ أوماها في نورماندي، فإن منتقديه قالوا إن القرار أظهر عدم احترام لقدامى المحاربين، وقلل من مكانة المملكة المتحدة الدولية.
وكان زعماء العالم الآخرون، بمن فيهم الرئيس جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز والزعيم الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حاضرين.
وبقي كير ستارمر، زعيم حزب العمال المنافس الرئيسي لسوناك حتى النهاية، ليحاول استغلال تلك الزلة لتوجيه ضربة لخصمه، بقوله: إن الأمر متروك لسوناك للإجابة عن اختياره تخطي هذا الحدث.
ومع إعطاء استطلاعات الرأي لحزب العمال تقدمًا كبيرًا قبل الانتخابات المقررة في 4 يوليو/تموز، أثارت «زلة» سوناك مخاوف من أن دعم المحافظين قد يتعرض لمزيد من الضغوط خلال الأيام المقبلة.
فهل كانت تلك الزلة الأولى في الحملات الانتخابية ببريطانيا؟
تقول وكالة «أسوشيتد برس»، إن الزلات في الحملات الانتخابية تعتبر من السمات المعتادة للانتخابات البريطانية، مشيرة إلى أن بعضها لها تأثير أكبر من غيرها على الاستحقاقات الدستورية، التي من أبرزها:
1974.. تقديرات خاطئة
بعد سنوات قليلة وصفت بـ«الصعبة» في الحكومة التي شهدت ارتفاع أسعار النفط أربع مرات في أعقاب حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وإضراب عمال المناجم الذي تسبب في آلام اقتصادية واسعة النطاق، دعا رئيس الوزراء المحافظ تيد هيث إلى إجراء انتخابات عامة قبل عام من الوقت المحدد (شهر فبراير/شباط 1974).
وفي شرحه لقراره بإجراء الانتخابات في منتصف فصل الشتاء، قال هيث إنه يسعى للحصول على تفويض من الشعب البريطاني لكبح جماح سلطة النقابات العمالية. وكان سؤاله للجمهور هو: من يحكم بريطانيا؟ في نهاية المطاف، قرر الشعب البريطاني أن ذلك ليس هيث، ليتولى رئاسة الوزراء -آنذاك- هارولد ويلسون من حزب العمال.
1983.. رسالة انتحار
في أعقاب حرب فوكلاند في عام 1982، والتي أبحرت فيها القوات البريطانية آلاف الأميال إلى جنوب المحيط الأطلسي لطرد القوات الأرجنتينية، كانت رئيسة الوزراء المحافظة مارجريت تاتشر في وضع جيد، وكان من المتوقع على نطاق واسع أن تفوز في الانتخابات العامة التي دعت إليها في يونيو/حزيران 1983.
إلا أن فوزها أصبح في الانتخابات مضمونا إلى حد ما، بعد أن نشر حزب العمال، الذي كان مُمزقا بالانقسامات على مدى السنوات القليلة الماضية، بيانا انتخابيا وصفه أحد الأعضاء المعتدلين في الحزب بأنه «أطول رسالة انتحار في التاريخ».
دعا البيان إلى مجموعة من السياسات اليسارية المتطرفة التي سيتم تمويلها من خلال زيادة الضرائب، كما دعا إلى نزع السلاح النووي من جانب واحد والانسحاب مما كان يعرف آنذاك باسم «الجماعة الاقتصادية الأوروبية» ــ وهي السياسة التي سيتبناها المحافظون بعد عقود من الزمن، مما منح تاتشر فوزًا ساحقًا، لتظل في السلطة حتى عام 1990 عندما أطاح بها المشرعون في حزبها.
1992.. ثقة مفرطة
بعد الهزيمة الكبرى التي مُني بها عام 1983، سعى حزب العمال، تحت زعامة نيل كينوك، إلى العودة إلى موقف الوسط، حيث يتم الفوز بالانتخابات تاريخياً.
وبحلول الوقت الذي دعي فيه لإجراء الانتخابات في أبريل/نيسان 1992 من قبل جون ميجور، الذي حل محل تاتشر، كان حزب العمال يتنافس مرة أخرى، فيما كانت استطلاعات الرأي تتحرك لصالح حزب العمال.
ونظمت مسيرة حاشدة في شيفيلد، وهي مدينة تقع شمال إنجلترا، وكان التفاؤل مرتفعا، إلا أن «الثقة المفرطة» لحزب العمال في نفسه، كان يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها أحد الأسباب التي أدت إلى فشله وفوز «المحافظين» بالانتخابات الرابعة على التوالي.
2001.. لكمة وبيضة
هذه الانتخابات كانت واحدة من أكثر الاستحقاقات الدستورية ما بعد الحرب مللاً، حيث كان من المتوقع على نطاق واسع أن يُعاد انتخاب حزب العمال تحت زعامة توني بلير بهامش كبير، أشبه بذلك الذي حققه قبل أربع سنوات.
وجرت الانتخابات بعد شهر من الموعد الذي خطط له بلير في يونيو/حزيران 2001 نتيجة لتفشي مرض الحمى القلاعية. ولم يحدث أي شيء آخر يثير الدهشة، إلى أن لكم نائب بلير، جون بريسكوت، رجلاً بتصفيفة شعر البوري بعد أن ألقى عليه «بيضة» أثناء الحملة الانتخابية.
وهدد الحادث بعرقلة حملة حزب العمال، لكن بلير تمكن من نزع فتيل تأثيرها في المؤتمر الصحفي الذي عقد في صباح اليوم التالي، قائلا: «جون هو جون»، وسط ضحكة بين الصحفيين الحاضرين.
2010.. «المرأة المتعصبة»
لم يتمتع جوردون براون، خليفة بلير، بمهارات الاتصال الطبيعية التي كان يتمتع بها سلفه، وكان ذلك واضحا بشكل خاص في الحملة الانتخابية لعام 2010. فقد انهارت معدلات شعبية براون - وحزب العمال - في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وانهار الحزب الذي يتولى السلطة منذ عام 1997.
ومع بقاء أسبوع واحد فقط على انتخابات مايو/أيار، وجهت جيليان دافي، البالغة من العمر 65 عاماً، أسئلة إلى براون بينما كان يستفسر عن حالة الاقتصاد وسياسات الهجرة التي ينتهجها الحزب.
وبعد الإجابة عن الأسئلة، أخبر براون مستشاريه أن الاجتماع كان «كارثة» وأنها كانت «مجرد امرأة متعصبة»، في زلة هيمنت على بقية الحملة الانتخابية ولم يكن هناك طريق للعودة لحزب العمال، على الرغم من فشل المحافظين في الفوز بأغلبية مطلقة واضطر ديفيد كاميرون إلى الدخول في ترتيب ائتلافي مع الديمقراطيين الليبراليين الأصغر حجما.
2017.. ضريبة الخرف
سعت تيريزا ماي، التي خلفت كاميرون بعد استقالته عقب تصويت بريطانيا لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي في استفتاء أجري في يونيو/حزيران 2016، إلى الاستفادة من التقدم الكبير لحزب المحافظين في استطلاعات الرأي ودعت إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة في يونيو/حزيران 2017.
دعوة أملت أن تساعدها في حسمها، أغلبية كبيرة في مواجهة المنتقدين - سواء داخل صفوفها أو في المعارضة - في مناقشات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
إلا أنه مع ذلك، فإن اقتراحها بتغيير الطريقة التي يدفع بها المتقاعدون تكاليف الرعاية الطويلة الأجل تعرض لانتقادات كبيرة، وسرعان ما أطلق عليها اسم «ضريبة الخرف». واضطرت ماي إلى القيام بتراجع جزئي محرج.
وبدلا من زيادة الأغلبية المتواضعة التي حصل عليها كاميرون في الانتخابات العامة عام 2015، خسرتها. لم تتعاف رئاستها للوزراء قط، وتم استبدالها ببوريس جونسون بعد ذلك بعامين.
aXA6IDMuMjIuMjQ5LjIyOSA=
جزيرة ام اند امز