"الكانولا" بذور صديقة للبيئة تعيد عصر الفحم.. جنون الغاز السبب
رغم الاحتباس الحراري وتوجه العالم لمقاطعة الفحم الحجري، أعاد باحثون كنديون الأمل للعديد من الدول لاستخدام الفحم من جديد.
وابتكر الباحثون طريقة تسمح بإمكانية صنع فحم حيوي من بقايا بذور الكانولا، ليكون بديلا عن الفحم الحجري، المسبب الرئيسي لظاهرة الاحتباس الحراري.
وأكد الباحث أجاي دالاي، من قسم الهندسة الحيوية في جامعة ساسكاتشوان الكندية والمؤلف الرئيسي في مشروع البحث الذي استمر ست سنوات، أن "إمكانية صنع قطع فحم من مسحوق الكانولا، لاستخدامها في تدفئة المباني، كبديل صديق للبيئة، عن الفحم الحجري والغاز الطبيعي اللذين ينجم عنهما انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عند احتراقهما"، بحسب موقع "تيك لايف" الإخباري.
وقال أجاي دالاي: "في كل الأحوال يجب أن يتخلص العالم بشكل تدريجي من الفحم الأحفوري، وذلك بسبب ما ينجم عنه من تلوث بيئي هائل".
وأشار إلى أن ذلك "يمكن أن يتحقق من خلال إيجاد طرق لتحويل المواد المتبقية من إنتاج المحاصيل الزراعية، مثل الكانولا إلى فحم حيوي"، بحسب تعبيره.
وأوضح الفريق البحثي، أن مخلفات الكانولا تشكل نحو 60% من وزنها الأصلي، وتُستخدم عادةً لتغذية الماشية.
ويكمن التحدي الآن في إنتاج فحم حيوي من الكانولا عالي الجودة، ومناسب للتخزين والنقل إلى المنشآت، بحيث يمكن حرقه لإنتاج الطاقة الحرارية.
وقال الباحثون إنهم استخدموا تقنيات التصوير المقطعي المحوسب (ct)، لتقييم تأثير المواد المضافة، والكميات المختلفة من الماء، على القوة الميكانيكية من مسحوق الكانولا، وكمية الطاقة المنتجة عند حرقها، لتحويلها إلى قطع فحم حيوي.
وأشار الفريق البحثي، إلى أن الكميات المثلى من هذه الإضافات، تعمل كمواد ربط وتشحيم لإنشاء حبيبات الكانولا، حيث لا تمتص الكثير من الرطوبة أو تتفتت عند تخزينها ونقلها لمسافة طويلة.
يشار إلى أن كندا تشتهر بزراعة الكانولا، وأنتجت في عام 2019، أكثر من 18 مليون طن من هذا المنتج.
وتجدر الإشارة إلى أن دولا مثل الولايات المتحدة والصين والهند لا يزالون يستخدمون الفحم رغم الوعود بتحقيق صفر انبعاثات والحياد المناخي المستهدف، وذلك بسبب غلاء أسعار الغاز الطبيعي خلال الفترة الأخيرة.
2.4 تريليون دولار خسائر الاحتباس الحراري
منظمة العمل الدولية قالت إنه في 2030، قد تضيع 2.2% من مجموع ساعات العمل في العالم بسبب درجات الحرارة المرتفعة.
وتوقعت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، أن يؤدي الاحتباس الحراري إلى خسارة في الإنتاجية توازي 80 مليون وظيفة بحلول عام 2030.
وقالت المنظمة، في تقرير حديث، إن في 2030، قد تضيع 2.2% من مجموع ساعات العمل في العالم، بسبب درجات الحرارة المرتفعة، بحسب توقعات مبنية على ارتفاع الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية بحلول نهاية القرن.
وسيكون التأثير أكبر في جنوب آسيا وغرب أفريقيا من خلال إهدار 5% من ساعات العمل عام 2030، وفق مُعدّي التقرير، وعنوانه "العمل على كوكب باتت حرارته أعلى: تأثير الإجهاد الحراري على الإنتاجية في العمل والعمل اللائق".
وأضاف التقرير أنه في المجمل، تمثل الخسائر الاقتصادية 2400 مليار دولار على المستوى العالمي.
غلاء الغاز يزيد الطلب على الفحم
وقد انتعش استخدام الفحم في الولايات المتحدة بعد أن أدَّت جائحة فيروس كورونا إلى تقليص استخدام الكهرباء، وخفض الطلب على الوقود بنسبة 19% العام الماضي. فضلاً عن المكاسب في أسعار الغاز الطبيعي، التي ارتفعت بأكثر من 40% عن العام الماضي.
فعندما يصبح الغاز أكثر تكلفة، تبدأ المرافق في كثير من الأحيان في حرق المزيد من الفحم لخفض التكاليف، على الرغم من أنَّه يصدر ضعف الانبعاثات.
وتتوقَّع إدارة معلومات الطاقة أن تظلَّ أسعار الغاز مرتفعة حتى عام 2022، مما يشير إلى قوة الطلب على الفحم العام المقبل.
وقفزت يوم الأربعاء، العقود الآجلة الأمريكية للغاز الطبيعي أكثر من أربعة بالمئة إلى أعلى مستوى في أسبوع، وسط موجة شديدة البرودة تقلص الإنتاج في بعض المناطق المنتجة وتوقعات بأن تبقى الأحوال الجوية أكثر برودة من المستويات المعتادة حتى نهاية يناير/كانون الثاني الجاري.
وارتفعت عقود الغاز تسليم فبراير/شباط 16.5 سنت، أو 4.4 بالمئة، لتسجل عند التسوية 3.882 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، وهو أعلى مستوى إغلاق منذ 29 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وفي أوروبا، قفزت أسعار الغاز حوالي ثمانية بالمئة يوم الأربعاء.
وكانت العقود الأمريكية للغاز الطبيعي قد سجلت أعلى مستوى في 12 عاما فوق ستة دولارات للمليون وحدة حرارية في أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي. لكن منذ ذلك الحين تراجعت الأسعار لأن الولايات المتحدة لديها إنتاج وفير بالإضافة إلى وفرة في مخزونات الغاز للشتاء.
مستقبل استخدام الفحم
أنَّ الأسواق الناشئة التي بدت ذات يوم على أنَّها المستهلك الأكبر على المدى الطويل أصبحت تدير ظهرها للوقود، لأنَّ التمويل بات أكثر صعوبة، وأصبح الوصول إلى بدائل مثل الغاز والطاقة المتجددة، أكثر سهولة، وأقل تكلفة.
وتخلَّت بنجلاديش عن جميع مشاريعها المخطط لها تقريباً، كما أعلنت الفلبين العام الماضي تعليقاً اختيارياً لمحطات الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم.
وقال "وامستيد" من معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي: "إنَّ التوجُّهات تستمر بالانخفاض أكثر فأكثر"، بحسب بلومبرج.
ولكن في البداية، فإنَّ الوقود مهيَّأ لانتعاش من شأنه أن يرفع الطلب العالمي الإجمالي هذا العام بعد انخفاض لسنتين متتاليين، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة. وتعكس توقُّعاتها بزيادة الاستهلاك بنسبة 2.6% هذا العام التوقُّعات بانتعاش في كلِّ مناطق العالم.
وتتوقَّع شركة "كول انديا" (Coal India)، أكبر منتج للفحم في العالم، زيادة الاستهلاك مع عودة الصناعات بما في ذلك الصلب، والأسمنت، والألومنيوم، إلى مستويات ما قبل الجائحة. وكانت الشركة قد وافقت هذا الشهر على استثمارات تزيد على 6 مليارات دولار في مناجم وتوسُّعات جديدة.
ويقول بيناي ديال، المدير الفني للشركة: "هناك قضايا تغيُّر مناخي تتعلَّق بالفحم، ولكنَّ احتياجات الهند من الطاقة لن تسمح لها بالتخلُّص من الوقود على الفور".