إنفوجراف.. العنف ضد الروهينجا.. أزمة طائفية قديمة بسيناريو جديد
"بوابة العين" الإخبارية استطلعت آراء علماء من الأزهر حول مأساة مسلمي الروهينجا وكيفية التدخل لاحتواء هذه الأزمة.
أكثر من 430 ألف مسلم فروا من ميانمار إلى بنجلاديش المجاورة لحدودها خلال الـ3 أسابيع الماضية، هرباً من حالات العنف والاضطهاد التي يتعرضون لها بولاية راخين الواقعة شمال غربي ميانمار.
"غادرو وإلا سنقتلكم جميعاً" هذه العبارة ترددت في 21 قرية مسلمة في راثيدونج منذ بداية أغسطس/آب الماضي، إضافة لتشريد أعداد من المسلمين الذين سكنوا المخيمات جراء أعمال عنف ديني سابقة، ما أدى لفرار نحو 28 ألف شخص من 16 قرية بعد تعرض بعض المنازل والمخيمات للحرق.
ومع تزايد وتيرة العنف والاضطهاد الديني تتفاقم أوضاع مسلمي الروهينجا الفارين بالمخيمات المؤقتة في دول الجوار، ما دفع رئيسة وزراء بنجلاديش التوجه إلى الأمم المتحدة، مطالبة المجتمع الدولي بضرورة التضامن مع بلادها لسوء الأوضاع الإنسانية بالجنوب بعد استقبالها المزيد من اللاجئين خلال الأيام الماضية.
استطلعت "بوابة العين" الإخبارية آراء علماء من الأزهر حول مأساة مسلمي الروهينجا وكيفية التدخل لاحتواء هذه الأزمة.
مثال للتطهير العرقي
"معاناة مسلمي الروهينجا في ميانمار (بورما) تعود لسنوات طوال، فهي أزمة قديمة تتجدد مع التوترات الطائفية، وكلما اشتدت وطأة التعذيب والاضطهاد من البوذيين تفر الأقلية المسلمة إلى خارج ميانمار" بهذه العبارة فسر الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر أثناء حديثه مع "بوابة العين" سبب تدفق مسلمي الروهينجا إلى بنجلاديش منذ الـ25 من أغسطس/آب الماضي، مشيراً إلى أن وقوع ميانمار في إقليم متنازع يزيد من حدة الصراع، خاصة بعد تقسيم شبه القارة الهندية.
وفي ظل مطالبات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس لزعيمة ميانمار "أونغ سان سوكي" بضرورة إيقاف اعتداءات الجيش التي دفعت مئات الآلاف من المسلمين للفرار إلى المناطق الحدودية، محذراً من تحول الوضع إلى مأساة مروعة، تبنت السلطات في ميانمار سيناريو جديد لتبرير الأزمة الطائفية هذه المرة، زاعمة أن هذه الممارسات هي مجرد رد على الهجمات الدامية التي تعرضت لها مراكز شرطة من قبل بعض المسلحين خلال الشهر الماضي.
ووصف أستاذ الشرعية بجامعة الأزهر العنف الممارس ضد مسلمي الروهينجا بالممارسات الطائفية، التي تتزايد مع غياب القيم الإنسانية ببعض المجتمعات.
الغموض يخدم الحكومة
واعتبر الدكتور سالم عبدالجليل، وكيل وزارة الأوقاف سابقاً، في تصريحاته مع "بوابة العين"، أن طبيعة الأحداث التي تشهدها ولاية راخين ليست واضحة بالقدر الكافي حتى يتثنى له تحديد أسباب الفرار، ملمحاً إلى أن الوضع يتسم بالغموض ولا يستطيع أحد الجزم بأن العنصرية والاضطهاد الديني الدافع وراء هذه الأحداث.
وفي الوقت نفسه أكد عبدالجليل قائلًا "أيا كان السبب وراء فرار مسلمي الروهينجا فالعنف والاضطهاد من الإنسان لأخيه الإنسان مرفوض في كل الحالات، فهو أمر غير مبرر ولا تقبله الإنسانية"، مشيراً إلى أن الفيديوهات والصور والأخبار المتداولة إذا ثبت صحتها فهي مؤشرات على حالة التنازع والتناحر والاختلاف التي تعيشها الإنسانية.
وأرجع وكيل وزارة الأوقاف سابقاً سبب التناحر والاختلاف الحالي إلى ظهور دول داعمة للإرهاب كدولة قطر التي دعمت التشتت والفرقة بين أبناء المجتمعات الواحدة.
وألقى سالم عبدالجليل اللوم على الوكالات العالمية المسؤولة عن نقل الصورة الحقيقة وتغطية الأحداث بشكل موضعي لتوضيح أسباب نزوح مسلمي الروهينجا في السنوات الأخيرة من مصادر موثق فيها، خاصة مع اندلاع الاضطرابات في راخين عام 2012، حيث قتل نحو 200 شخص وقتها وشرد نحو 140 ألفا من مسلمي الروهينجا.
وأشار إلى أن حالة الغموض السائدة للأحداث في ميانمار تخدم السلطات في بورما في كل الحالات، مروجين لأقاويل أخرى تزعم أن الممارسات الحالية هي مجرد تتبع للمسلحين الذين شنوا هجمات متتالية على مراكز الشرطة في الشهر الماضي.
دور المؤسسات والمجتمع الدولي
وشدد الدكتور أحمد كريمة على دور القنوات الدبلوماسية المتمثلة في السفارات والقنصليات في التعامل مع هذا الأمر مع قادة الدول والحكومات، قائلًا "الوضع في ميانمار لا يختذل في كيان أو دولة، بل يصبح أمرا عالميا".
وأسند أستاذ الشريعة مسؤولية الدعوة للتعايش والسلام وقبول الآخر والتسامح ونشر الفكر الإيجابي إلى عاتق علماء الدين والأزهر، بجانب تعاونهم المستمر مع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان لرفع المعاناة عن الإنسانية كافة دون التمييز بين الأديان أو الطوائف والجنسيات والأعراق.
ونوه كريمة إلى أن توزيع الأدوار بين المؤسسات يتم بناء على التخصصات، مشيراً إلى أن مهمة منظمات الإغاثة تصبح ضرورة في ظل تأزم الوضع الإنساني بمخيمات جنوب بنجلاديش، لنقص الأغذية والأدوية.
وأكد عبدالجليل أهمية تدخل الأمم المتحدة في أزمة الروهينجا، كونها المنظمة الدولية المعترف بها في حفظ الأمن والأمان وحماية الإنسانية مهما كانت التوجهات.
كما أثنى وكيل وزارة الأوقاف سابقاً على دور مصر في الحديث عن هذه الأزمة، قائلًا "السياسة المصرية اتسمت بالحكمة"، خاصة بعد إصدار بيانات إدانة لأعمال العنف ضد مسلمي الروهينجا، وشرحها لتاريخ الأزمة التي تزداد تعقيداً في الـ5 سنوات الأخيرة.