حدث في رمضان.. وفاة السيدة رقية بنت رسول الله
في شهر رمضان عام 2 هجريا توفيت رقية بنت محمد صلى الله عليه وسلم في نفس يوم نصر المسلمين في غزوة بدر الكبرى.
رقية هي بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمها خديجة بنت خويلد؛ أسلمت وهي ابنة 7 سنوات، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم هي وأخواتها حين بايعه النساء، وكانت تكنّى بـ"أم عبد الله"، وتكنى كذلك بـ"ذات الهجرتين" أي هجرة الحبشة وهجرة المدينة.
في يوم 17 من رمضان عام 2 هجريا توفيت رقية بنت محمد صلى الله عليه وسلم في نفس يوم نصر المسلمين في غزوة بدر الكبرى، وكان عمرها وقت وفاتها 22 عاما.
وكان رسول الله قد زوجها من عتبة بن أبي لهب، وزوّج أختها أم كلثوم من عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت سورة المسد "تبت يدا أبي لهب وتبّ" قال لهما أبوهما أبو لهب وأمهما أم جميل بنت حرب بن أمية حمالة الحطب: "فارِقا ابنتي محمد". ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما كرامة من الله تعالى، وهوانا لابني أبي لهب.
عوّضها الله بعد صبرها وتزوجت عثمان بن عفان أحد العشرة المبشرين بالجنة، وصاحب النسب العريق والمال الموفور والخلق الكريم، وما كان الرسول الكريم ليبخل على صحابي مثل عثمان بمصاهرته، وسرعان ما استشار ابنته؛ ففهم منها الموافقة عن حب وكرامة، وتم لعثمان نقل عروسه إلى بيته، وهو يعلم أن قريشا لن تشاركه فرحته، وسوف تغضب عليه أشد الغضب، ولكن الإيمان يفديه عثمان بالقلب، ويسأل ربه القبول، ودخلت رقية بيت الزوج العزيز، وهي تدرك أنها ستشاركه دعوته وصبره، وأنها ستسلك سبلا صعبة دون شك إلى أن يتم النصر لأبيها وأتباعه، وسعدت رقية رضي الله عنها بهذا الزواج.
هاجرت رقية مع عثمان رضي الله عنه الهجرة الأولى إلى الحبشة، وكان السبب في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأصحابه لما رأى المشركين ولا يستطيع أحد أن يكفهم عنه: "إن بالحبشة ملكا لا يُظلم عنده أحد، فو خرجتم إليه حتى يجعل الله لكم فرجا". فكان أول من خرج منهم عثمان بن عفان ومعه رقية.
ولما تأخرت أخبارهما على النبي صلى الله عليه وسلم، أرسل أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، فقال: "ائتيني بخبرهما"، فرجعت أسماء إلى النبي وعنده أبو بكر، فقالت: "يا رسول الله؛ أخرج حمارا موكفا فحملها عليه، وأخذ بها نحو البحر". فقال النبي: "يا أبا بكر؛ إنهما لأول من هاجر بعد لوط وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام".
وبعد رجوعهما من الحبشة هاجر عثمان إلى المدينة ومعه رقية؛ لذلك أُطلق عليها "ذات الهجرتين" أي هجرة الحبشة وهجرة المدينة.
ولدت رقية في الحبشة لعثمان ولدا اسمه عبد الله، وكان عثمان يكنى به، فبلغ الغلام 6 سنوات فنقر عينه ديك، فورم وجهه ومرض ومات في جمادى الأولى عام 4 هجريا، وصلى عليه جده النبي الله صلى الله عليه وسلم، ونزل الرسول وأبوه عثمان في قبره، وكانت وفاته بعد وفاة أمه رقية بسنتين.
وفي السنة الثانية من الهجرة مرضت رقية عليها السلام، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعد وقتها للخروج إلى بدر، فأمر عثمان وأسامة بن زيد بالبقاء لرعايتها في مرضها، فماتت حين وصل زيد بن حارثة ببشارة نصر المسلمين في غزوة بدر، وتوفيت ولها من العمر 22 سنة، ودفنت في البقيع بالمدينة.