محادثات روما وهدنة غزة.. قضايا حساسة عالقة في شباك نتنياهو
في وقت تتصاعد فيه التطورات الميدانية بالمنطقة وسط توتر على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان، كانت روما تقيس نبض هدنة غزة.
وأمس الأحد، اجتمع مسؤولون كبار من إسرائيل ومصر وقطر والولايات المتحدة في روما لمواصلة المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ووفق ما طالعته "العين الإخبارية" في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تظل المحادثات في روما عالقة بشأن العديد من القضايا الرئيسية، بما في ذلك مدى انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، حيث أُجبر عشرات الآلاف من السكان بموجب أوامر إسرائيلية على الإخلاء أمس الأحد.
وبحسب ثلاثة مسؤولين مشاركين في المحادثات أو مطلعين عليها كان المسؤولون في المحادثات التي استمرت يوما واحدا في روما يسعون إلى التوصل إلى هدنة يتم بموجبها تبادل الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس بمئات الفلسطينيين المسجونين لدى تل أبيب، بموجب خطة تمت مناقشتها منذ أشهر.
ويوم أمس، أعلنت الحكومة الإسرائيلية، في بيان لها، أن ممثلها في الاجتماع ديفيد برنياع، رئيس الاستخبارات الخارجية، قد عاد بالفعل إلى تل أبيب، وأن المفاوضات ستستأنف في الأيام المقبلة دون أن يذكر البيان مزيدا من التفاصيل.
وعلى الرغم من التقدم الذي أحرز في الأسابيع الأخيرة فإن المفاوضات التي استمرت شهورا ظلت متوقفة بسبب العديد من القضايا الرئيسية، خاصة مدى بقاء القوات الإسرائيلية في غزة أثناء الهدنة، حسب ما تحدث به سبعة مسؤولين شاركوا في المحادثات أو اطلعوا عليها، لصحيفة "نيويورك تايمز".
الحدود مع مصر
وفي وقت سابق من الشهر الجاري شددت إسرائيل على موقفها بشأن الحفاظ على نقاط التفتيش على طول طريق سريع استراتيجي جنوب مدينة غزة، بعد أسابيع من اقتراحها أنها قد تتراجع.
ولم يكن من الواضح يوم أمس، ما إذا كان نتنياهو قد سمح للمفاوضين بإظهار قدر أكبر من المرونة بشأن هذه المسألة أثناء محادثات روما.
ويواجه نتنياهو ضغوطاً من أعضاء حكومته اليمينية للالتزام بخط أكثر صرامة بالنسبة للحرب المتواصلة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأسفرت عن مقتل قرابة أربعين ألف فلسطيني.
كما أن طول الهدنة يشكل مصدراً للنزاع، فحماس تريد هدنة دائمة، في حين تريد إسرائيل خيار استئناف القتال.
كذلك رفضت إسرائيل ضمان مغادرة قواتها للحدود بين غزة ومصر أثناء وقف إطلاق النار، خوفا من أن تقوم حماس بتهريب الأسلحة عبر الحدود في غياب القوات الإسرائيلية.
وقال ثلاثة مسؤولين مطلعين على المحادثات إن المفاوضين الإسرائيليين ناقشوا بشكل خاص مسألة مغادرة منطقة الحدود مع مصر إذا تمكنوا أولاً من تركيب أجهزة استشعار إلكترونية للكشف عن الجهود المستقبلية لحفر الأنفاق، فضلاً عن بناء حواجز تحت الأرض لمنع بناء الأنفاق.
لكن المسؤولين لفتوا إلى أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق في هذه المسألة.
وتريد إسرائيل الاحتفاظ بنقاط تفتيش عسكرية على طول طريق سريع استراتيجي داخل غزة من أجل منع مقاتلي حماس من نقل الأسلحة نحو مدينة غزة، وفقًا لأربعة مسؤولين إسرائيليين ومسؤول من إحدى الدول الوسيطة.
وقال المسؤولون إنه بعد أن بدت إسرائيل أكثر مرونة بشأن هذه القضية في وقت سابق من الصيف، تشدد موقفها مرة أخرى منذ نحو ثلاثة أسابيع، في حين لم توافق حماس أبدا على التسوية.
ولفت مسؤولون إلى أن الاجتماع في روما جاء في الوقت الذي سارع فيه الدبلوماسيون الغربيون، يوم الأحد، إلى منع تصاعد القتال على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، بعد أن أدى صاروخ قالت إسرائيل إنه أُطلق من لبنان يوم السبت إلى مقتل 12 شخصا على الأقل في بلدة بالجولان المحتل.
وردت إسرائيل في وقت مبكر من صباح يوم الأحد بشن غارات في أنحاء متفرقة بلبنان، وسط مخاوف من اتساع رقعة القتال إلى حرب واسعة.
وقبل الغارات، كان الوسطاء يأملون في أن توفر الهدنة في غزة الزخم لتخفيف التوترات على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، حتى مع بقاء خطر التصعيد هناك أعلى من أي وقت مضى.
نتنياهو "السبب" في تشدد موقف إسرائيل
وكشف ستة مسؤولين إسرائيليين أن نتنياهو "هو السبب الرئيسي وراء موقف إسرائيل المتشدد في المحادثات التي جرت في روما، وأن كبار المسؤولين الأمنيين يضغطون على رئيس الوزراء لإظهار قدر أعظم من المرونة من أجل تأمين صفقة".
وأشارت الصحيفة إلى أن مجال المناورة المتاح أمام نتنياهو محدود بسبب أعضاء حكومته الائتلافية اليمينية، حيث يعارض بعضهم الهدنة التي يرون أنها ستسمح لحماس بالبقاء على قيد الحياة في الحرب، وهددوا بإسقاط الحكومة إذا لم تتم تلبية رغباتهم.
أوامر إخلاء
وانعقدت محادثات روما، في الوقت الذي أُجبر فيه عشرات الآلاف من سكان غزة، بموجب أوامر إسرائيلية، على إخلاء عدة أحياء في جنوب القطاع المحاصر، وفقا للأمم المتحدة.
وكان الأمر الإسرائيلي الصادر يوم السبت هو الأحدث في سلسلة من هذه التوجيهات مؤخرا، التي أجبرت الفلسطينيين النازحين على الانتقال مرة أخرى.
وتشمل الأوامر منطقة حول مدينة خان يونس كانت إسرائيل قد خصصتها في السابق "منطقة إنسانية" للمدنيين الفلسطينيين، الذين واجهوا ما يقرب من عام من الحرب المتواصلة وكافحوا لتجنب المرض وإيجاد الطعام والمياه النظيفة.
ويتجه عشرات الآلاف من الناس سيرا على الأقدام نحو المواصي، وهي منطقة مكتظة بالفعل من الخيام بالقرب من البحر غربي مدينة خان يونس (في الجنوب) التي كانت بمثابة ملجأ مؤقت للملاذ الأخير لعدة أشهر.
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن نحو 182 ألف شخص نزحوا من مدينة خان يونس إلى المواصي في غضون أيام قليلة الأسبوع الماضي.
لكن الأمم المتحدة قالت أيضا إن المئات ما زالوا عالقين في المناطق التي أمرت بإخلائها، بما في ذلك نحو 300 لاجئ في مدارس مختلفة.