مراسيم سلطانية تدشن مرحلة جديدة في تاريخ عمان
مرحلة هامة جديدة في تاريخ سلطنة عمان، يؤسس لها السلطان هيثم بن طارق، بمرسومين أصدرهما يتعلقان بالنظام الأساسي للدولة والسلطة التشريعية.
مرسومان وضع بموجبهما آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة، واستحدث منصب ولي العهد لأول مرة في تاريخ البلاد، وحدد مهام واختصاصات البرلمان، إضافة إلى تغييرات أخرى شملت مختلف مناحي الحياة ومختلف الأجهزة والسلطات في السلطنة.
تغييرات ترتكز على الوضوح والصراحة والشفافية والمساءلة والمحاسبة والعدالة، بشكل يسهم تسريع الخطى لتحقيق " رؤية عٌمان 2040 " التي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان.
وجاء إصدار المرسومين في ذكرى تولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في البلاد 11 يناير/كانون الثاني الماضي، في خطوة لها دلالات عدة، وتؤرخ في الوقت ذاته لتلك المراسيم التاريخية بتلك المناسبة الهامة.
مرسومان تاريخيان
وأصدر السلطان هيثم بن طارق، الإثنين، مرسومين سلطانيين ساميين بإصدار النظام الأساسي للدولة وقانون مجلس عمان ،الذي يتكون من مجلس الشورى المنتخب ومجلس الدولة المعين.
ويتضمن المرسوم القاضي بإصدار نظام أساسي جديد للدولة :" وضع آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة، ووضع آلية تعيين ولي العهد وبيان مهامه واختصاصاته."
ويتضمن المرسوم "التأكيد على مبدأ سيادة القانون واستقلال القضاء كأساس للحكم في الدولة، والتأكيد على دور الدولة في كفالة المزيد من الحقوق والحريات للمواطنين وأهمها الآتي :
المساواة بين المرأة والرجل ورعاية الطفل والمعاقين والنشء، والشباب.
إلزامية التعليم حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي وتشجيع إنشاء الجامعات والنهوض بالبحث العلمي ورعاية المبدعين والمبتكرين.
الحق في الحياة والكرامة الإنسانية والحياة الآمنةوحُرمة الحياة الخاصة وعلى أن السجون دُورُ للإصلاح والتأهيل وخضوعها لإشراف قضائي.
حماية التراث الوطني واعتبار الاعتداء عليه والاتجار فيه جريمة يعاقب عليها القانون.
وفي إطار حوكمة مؤسسات الدولة ، أفرد النظام الأساسي فصلًا خاصًا لمتابعة الأداء الحكومي ورقابته بإنشاء لجنة تتبع السلطان تتولى متابعة وتقييم أداء الوزراء ووكلاء الوزارات ومن في حكمهم .
كما أفرد نص خاص لجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة لدعم دوره في تحقيق تلك الحوكمة.
وأبرز أيضا ما يتضمنه النظام الأساسي للدولة :التأكيد على نهج الدولة في إرساء نظام للإدارة المحلية بإفراد فصل خاص لذلك، والتأكيد على أهمية دور مجلس عُمان ومساهماته المقدرة في مسيرة التنمية الشاملة للوطن ومن أجل ذلك أفرد له النظام الأساسي للدولة بابًا خاصًا تضمن أهم الأحكام الخاصة بهذا المجلس والاختصاصات المنوطة به والتي من أهمها: إقرار أو تعديل القوانين التي تحيلها الحكومة وكذلك اقتراح مشروعات القوانين ومناقشة خطط التنمية والميزانية العامة للدولة إضافة إلى أدوات المتابعة المقررة لمجلس الشورى.
أما فيما يتعلق بقانون مجلس عُمان فإنه يتضمن اختصاصات المجلس وشروط العضوية وجميع حقوق وواجبات الأعضاء إضافة إلى تنظيم كل ما يتعلق بشؤون المجلس.
وقالت وكالة الأنباء العمانية إن إصدار المرسومين لتلبية متطلبات السلطنة في المرحلة القادمة وانسجامًا مع "رؤية عٌمان 2040 ".
دلالات هامة
تلك المراسيم تحمل أهمية خاصة لأكثر من سبب أولها، أن المرسوم الأول يتعلق بإصدار النظام الأساسي للدولة ، والنظام الأساسي للدولة يعد بمثابة دستور سلطنة عمان ويوفر الإطار القانوني لتطوير وتنفيذ كافة التشريعات والسياسات الحكومية.
كما أن وضع آلية محددة ومستقرة لانتقال ولاية الحكم في السلطنة، ووضع آلية تعيين ولي العهد وبيان مهامه واختصاصاته، أمر من شأنه تحقيق المزيد من الاستقرار والازدهار على الصعيدين الحالي والمستقبلي في البلاد.
وهو ما يعني إلغاء آلية اختيار السلطان في النظام السابق، والتي كان يقوم بموجبها" مجلـس العائلة المالكة، خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان، بتحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم. فإذا لم يتفق مجلس العائلة المالكة على اختيار سلطان للبلاد قام مجلس الدفاع بالاشتراك مع رئيسي مجلس الدولة ومجلس الشورى ورئيس المحكمة العليا وأقدم اثنين من نوابه بتثبيت من أشار به السلطان فـي رسالته إلى مجلس العائلة."
أيضا يستمد المرسوم الجديد أهميته من كون أن النظام الأساسي للدولة، يشكل الأساس لكافة التشريعات القانونية، كما أنه يعتبر المرجعية النهائية للسلطة القضائية في سلطنة عمان.
ويحدد النظام الأساسي للدولة الإطار الذي ينبغي أن تتطور في نطاقه المؤسسات التشريعية والمؤسسات السياسية الأخرى، وآليات الرقابة والمحاسبة.
وأفرد النظام الأساسي للدولة باب خاص لمجلس عمان الذي يتكون من مجلس الشورى يضم بدوره أعضاء منتخبين ومجلس الدولة المعين.
وركز النظام الأساسي للدولة على حقوق وواجبات المواطنين العمانيين التي تتضمن عدم التمييز بأي شكل من الأشكال، والمساواة بين المرأة والرجل ورعاية الطفل والمعاقين والنشء، والشباب، وإلزامية التعليم حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي وتشجيع إنشاء الجامعات والنهوض بالبحث العلمي ورعاية المبدعين والمبتكرين، و الحق في الحياة والكرامة الإنسانية والحياة الآمنة وحُرمة الحياة الخاصة.
أي أن النظام الأساسي الجديد حدد ملامح وإطارات لمختلف مناحي الحياة في السلطنة بدءا من آلية انتقال الحكم حتى حقوق المواطن، ومرورا بأجهزة الدولة المختلفة التنفيذية والتشريعية والقضاء وآليات الرقابة والشفافية والمساءلة.
ونظرا لتلك الأهمية لهذا المرسوم، تضمن عدد من الملامح والأهداف والأطر العامة، من بينها أنه يأتي تأكيدا للمبادئ التي قامت عليها سلطنة عُمان، ووجهت سياستها في
مختلف المجالات، ونهضت بها: محليا، وإقليميا، ودوليا، وترسيخا لمكانة عُمان الدولية، ودورها في إرساء أسس العدالة، ودعائم الحق والأمن والاستقرار والسلام بين مختلف الدول والشعوب.
ويأتي في إطار تصميم السلطنة على مواصلة الجهود لصياغة مستقبل أفضل، يتسم بمزيد من الإنجازات التي تعود بالخير على الوطن والمواطنين، واستمرارا لمشاركة أبناء الوطن، وتمكينهم من صنع مستقبلهم في جميع مناحي الحياة، وصونا للوطن، وحفاظا على أرضه، ووحدته ، ونسيجه الاجتماعي، وحماية لمقوّماته الحضارية، وتعزيزا للحقوق والواجبات، والحريات العامة، ودعما لمؤسسات الدولة، وترسيخا لمبادئ الشورى.
رؤية 2040
كل تلك المبادئ والأطر الدفع بها من شأنه تسريع الخطى تنفيذ الرؤية المستقبلية ” عُمان 2040″، التي انطلقت بداية من يناير الجاري ، والتي ستنفذ على مدى أربع خطط تنموية متتالية استهلتها السلطنة بانطلاق خطّة التّنمية الخمسيّة العاشرة (2021م ـ2025م)، و التي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان.
وترتكز الرؤية المستقبلية "عُمان 2040 " على أربعة محاور رئيسة تشمل "مجتمع إنسانه مبدع " يشمل التعليم والتعلّم والبحث العلمي والقدرات الوطنية والصحّة والمواطنة والهويّة والتراث والثقافة الوطنيّة والرفاه والحماية الاجتماعية وتنمية الشّباب.
فيما يشمل المحور الثاني "اقتصاد بيئته تنافسية" القيادة والإدارة الاقتصادية والتنويع الاقتصادي والاستدامة المالية وسوق العمل والتشغيل والقطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي وتنمية المحافظات والمدن المستدامة وتقنية المعلومات.
ويتضمن المحور الثالث "بيئة مواردها مستدامة" جوانب البيئة والموارد الطبيعية.
ويتضمن المحور الرابع " دولة أجهزتها مسؤولة " موضوعات تتصل بالتشريع والقضاء والرقابة وحوكمة الجهاز الإداري للدولة والموارد والمشاريع وكل تلك المحاور تتسق مع التوجه الاستراتيجي نحو مجتمع معتز بهويته وثقافته، وملتزم بمواطنته.
aXA6IDEzLjU4LjIwMy4yNTUg جزيرة ام اند امز