طي صفحة معركة باخموت.. الروس يتحصنون في خنادق أوكرانيا
تطوي موسكو صفحة "باخموت" وتتطلع إلى جولة أخرى في الحرب المستعرة منذ نحو 15 شهرا في الأراضي الأوكرانية.
وفي هذا الإطار، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن المعركة من أجل مدينة باخموت شرقي أوكرانيا انتهت بشكل أساسي في الوقت الراهن.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن التشكيلات الروسية تسيطر على المركز الصناعي، بعد عشرة أشهر من القصف المدفعي والتقدم المحموم للقوات وآلاف الخسائر الروسية والأوكرانية، في حين تحاول القوات الأوكرانية الضغط على أطراف المدينة.
لكن لم تتضح الخطوة التالية لروسيا، التي قالت إنها تستهدف السيطرة على منطقة دونباس الشرقية بأكملها.
وفي وقت سابق من المعركة، كانت موسكو تأمل في استخدام السيطرة على باخموت كنقطة انطلاق لمزيد من التقدم تجاه الناحية الغربية، من أجل المدينتين الأكبر كراماتورسك وسلوفيانسك، لكن بحسب "نيويورك تايمز" يبدو هذا الهدف بعيد المنال في الوقت الحالي.
وقال محللون إن القوات الروسية تبدو مستهلكة، بعد تكبد خسائر فادحة في تأمين باخموت.
وبشكل عام، لم تظهر القوات الروسية سوى قليل من القدرة على السيطرة على مزيد من الأراضي بمناطق أخرى، بعدما اتجهت إلى هجمات على نطاق أصغر في عدد قليل من البلدات في شرق البلد.
وفي غضون ذلك، دربت أوكرانيا تشكيلات جديدة مسلحة ومجهزة من الغرب، ومن المتوقع أن تشن هجوما مضادا أوسع نطاقا بمكان ما على طول خط الجبهة الممتد لمسافة حوالي 600 ميل.
وجعل ذلك، بحسب الصحيفة، روسيا في موقف دفاعي بشكل ما، مع تمديد نشر قواتها، حيث يبنون تحصينات ويستعدون للمرحلة التالية من الحرب.
وقال المحلل العسكري بمعهد أبحاث السياسة الخارجية، روب لي "سنرى على الأرجح المزيد من الهجمات التكتيكية المحلية"، مشيرا إلى أن "روسيا من المرجح أن تركز بشكل أساسي على الدفاع والاستعداد للهجوم المضاد الأوكراني".
وقضت القوات الروسية معظم فصل الشتاء في حفر الخنادق والاستعداد للضربة الأوكرانية، بالرغم من أن بعض الوحدات واصلت الهجوم في مناطق مثل كريمينا شمال باخموت وأفدييفكا إلى الجنوب.
وفي الجنوب، الذي يتوقع بعض المحللين العسكريين أن يكون محور تركيز الهجوم الأوكراني، حفرت القوات الروسية شبكة معقدة من خطوط الخنادق الأولية والثانوية وحقول الألغام لإحباط أي تقدم أوكراني، بحسب صور للأقمار الصناعية ومحللين.
وفي الجنوب الغربي، تسيطر أوكرانيا الآن على مدينة خيرسون الساحلية الجنوبية بعد استعادتها في نوفمبر/تشرين الثاني، لكن نظرًا لأن نهر دنيبرو يمثل حدودا طبيعية، يمكن لوحدات المدفعية الروسية قصف المدينة من الجانب الشرقي مع وجود خطر ضئيل لاجتياحهم من جانب القوات البرية الأوكرانية، نظرا لصعوبة عبور ممر مائي عريض مكشوف.
وفي الشمال، اخترقت وحدات بالوكالة مدعومة أوكرانيا الحدود الروسية في الأيام الأخيرة، وسيطرت على جزء صغير من الأراضي فيما يعتبر خطوة دعائية لتقييد القوات الروسية وإحراج الكرملين بعد الاستيلاء على باخموت.
لكن جاءت معركة باخموت بتكلفة كبيرة لروسيا وأوكرانيا، وستؤثر بشكل كبير على ما سيأتي بعد ذلك، واستثمر كلا الجانبين استثمارات ضخمة في الرجال والعتاد للاستيلاء على مدينة صغيرة نسبيا ومدمرة حاليًا، والتي كان عدد سكانها قبل الحرب أكثر من 70 ألف نسمة.
وقال المحلل الأمريكي مايكل كوفمان: "معركة باخموت أقل أهمية فيما يتعلق بالأراضي وأكثر أهمية في تأثيرها على قوات كلا الجانبين وما تكشفه عنهم".
وتكبدت القوات الروسية هزيمة على ثلاث جبهات العام الماضي حول كييف، وفي منطقة خاركيف الشمالية الشرقية، وفي خيرسون، وتعمل موسكو على إعادة إنعاش تشكيلاتها المنهكة بعد قتال وحشي في باخموت.
وحققت القوات الأوكرانية، في الأيام الأخيرة، مكاسب صغيرة في شمال وجنوب باخموت، مما جعل قواتها في وضع أفضل لمنع مزيد من التقدم للقوات الروسية.
وجادل محللون عسكريون ووكالات استخبارات غربية ومسؤولون أوكرانيون حول الأهمية الاستراتيجية لحملة باخموت لأشهر.
وقالوا إنه كان بإمكان موسكو استثمار الموارد في مكان آخر على خط المواجهة بدلاً من إهدار الأرواح والذخيرة على بضعة أميال من الأرض.
في المقابل، كان من الممكن أن تتراجع كييف عن باخموت في وقت سابق، لإنقاذ كتائبها وألويتها وإمداداتها من أجل شن هجمات في المستقبل.