سياسيون يؤكدون أهمية اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين مصر وروسيا
محللون سياسيون يؤكدون أن الاتفاقية المزمع توقيعها بين مصر وروسيا هي مرحلة أعلى من التنسيق والتشاور السياسي وتختلف عن الاتفاقيات السابقة
توقع مصر وروسيا "اتفاقية شراكة استراتيجية" خلال القمة المرتقبة التي ستجمع الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي والروسي فلاديمير بوتين في منتجع سوتشي الروسي، حسب ما أعلنه رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف، الثلاثاء، والذي اعتبر الاتفاقية بمثابة "مرحلة جديدة في تطوير العلاقات الروسية المصرية الودية".
وبين روسيا ومصر علاقات ممتدة منذ 75 عاماً، غير أنها شهدت تطورا لافتا ارتبط بثورة 30 يونيو/حزيران 2013 في مصر ووصول الرئيس السيسي للحكم، تجسد في تعاون عسكري واقتصادي واسع، أفرز مشروعات مشتركة عملاقة، منها المحطة النووية والمنطقة الصناعية الروسية وغيرهما.
ويقول دبلوماسيون تحدثوا لـ"العين الإخبارية" إن الاتفاقية المزمع توقيعها بين مصر وروسيا تختلف عن جميع اتفاقيات التعاون المصري الروسي السابقة، فهي بمثابة مرحلة أعلى من التنسيق والتشاور السياسي تخص قضايا ذات أبعاد دولية وإقليمية مثل مكافحة الإرهاب، كما أنها تحدد الأهداف طويلة الأمد في جهود البلدين المشتركة، فضلا عن أنها تمنح مصر خصوصية وميزة نسبية في علاقاتها مع روسيا.
وتأتي الاتفاقية بناء على تعليمات أصدرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث وقع مرسوما بهذا الشأن نشر على البوابة الرسمية للمعلومات القانونية للكرملين، نص على قبول مقترحات وزارة الخارجية الروسية المتوافق عليها مع أجهزة السلطة التنفيذية الروسية الفيدرالية المعنية بشأن توقيع اتفاقية بين روسيا ومصر حول الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجي.
وقال مدفيديف، خلال لقائه الرئيس السيسي، الثلاثاء، في مقر إقامته في (غوركي) إحدى ضواحي موسكو: "إن روسيا ومصر تتمتعان بعلاقات مميزة وخاصة"، واصفاً مصر بأنها "الشريك الرئيسي" لموسكو في الشرق الأوسط وأفريقيا.
السفير أشرف حربي، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، قال لـ"العين الإخبارية" إن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين مصر وروسيا تعد تتويجا لمرحلة التعاون السابقة بين البلدين في جميع المجالات، وتصعيدا إيجابيا للعلاقات الثنائية بينهما، فهي مرحلة أعلى من الاجتماعات التي تحدث بصيغة "2+ 2"، والتي يجتمع فيها وزيرا الدفاع والخارجية من البلدين.
وأوضح السفير أن الاتفاقية الجديدة تعني تشاورا سياسيا وتنسيقا مسبقا على أعلى مستوى فيما يخص القضايا الدولية والإقليمية، التي لها أبعاد استراتيجية تؤثر على الدولتين، حيث يكون لها أبعاد مستقبلية وليس على المدى القريب.
وتابع: قضية مكافحة الإرهاب أو الهجرة غير الشرعية مثلا.. أمر يحتاج إلى مفهوم مشترك، وتداعياته تتعلق بالمنطقة والعالم أجمع.
وأكد حربي أن لهذه الاتفاقية دلالة مهمة، وهي أن هناك خصوصية في التعامل بين مصر وروسيا، وهي بالتأكيد تعود بالنفع على البلدين خاصة مصر، التي سيكون لها أولوية في برامج المساعدات أو التدريب أو الاستثمار الروسي عن أي دولة أخرى.
بدورها، قالت الدكتورة نهى بكر، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إن اتفاقية الشراكة الشاملة بين مصر وروسيا دليل على عمق العلاقات بين البلدين، ومكانة مصر الكبيرة لدى روسيا، فهي ستكون الإطار الأشمل لكل اتفاقيات التعاون بين البلدين، حيث تعني وجود تنسيق شامل فيما يتعلق بالجوانب السياسية والعسكرية "طويلة الأمد"، ليس فيما يخص علاقتهما الثنائية فقط بل الإطار الإقليمي والدولي.
وأوضحت أن الاتفاقية تؤكد النهج الذي اتخذته مصر منذ ثورة 30 يونيو 2013، وهي تنويع علاقاتها الخارجية وعدم الاعتماد على قوة واحدة، فهي تتمتع بعلاقات قوية مع روسيا والولايات المتحدة وكذلك الاتحاد الأوروبي.
ووصل الرئيس المصري إلى روسيا، الإثنين، في زيارة رسمية تستغرق 3 أيام، يلتقي خلالها الرئيس الروسي في تاسع لقاء قمة بين الزعيمين.
وألقى السيسي، الثلاثاء، خطاباً أمام مجلس الفيدرالية الروسي، كأول رئيس أجنبي يلقي خطاباً بهذا المجلس، حيث أكد أن العلاقات المصرية-الروسية تتميز بالعمق والخصوصية، خاصة المواقف الروسية الداعمة لإرادة المصريين في السنوات الماضية.
وأشار الرئيس المصري إلى "الإنجازات التي بذلها المصريون لمواجهة خطاب التطرف والأفكار المغلوطة والتفاسير الملتوية التي تجافي صحيح الدين وتنافي قيمه الحميدة".
وقال السيسي إن العلاقات الوطيدة التي تجمع مصر وروسيا منذ 75 عاما تتميز بالخصوصية والعمق، وإن مصر لن تنسى مساهمة روسيا في معركتها للبناء والتعمير منذ بناء السد العالي في ستينيات القرن الماضي.