روسيا تكثّف استثماراتها في إفريقيا.. ماذا يريد بوتين؟
ماذا يريد بوتين من إفريقيا.. صحيفة سويسرية ترصد تاريخ الاستثمارات الروسية في الدول الإفريقية.
كثّفت روسيا استثماراتها الحكومية والخاصة في بلدان إفريقية عديدة، ما لفت انتباه وسائل إعلام أجنبية التي طرحت سؤالا ماذا يريد بوتين من القارة السمراء؟
وأشارت صحيفة "إيكوفين.ابدو" السويسرية، المختصة في التحليل الاقتصادي بإفريقيا، إلى الاهتمام الروسي المتزايد السنوات الأخيرة بالاستثمار في عدة دول إفريقية، في مجالات الطاقة، والبنية التحتية، ووسائل المواصلات".
وقالت في سبتمبر الماضي: أسقط الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين عندما التقى مع نظيره الغيني، ألفا كوندي، 20 مليار دولار، من الديون لعدة بلدان إفريقية مختلفة، كجزء من مبادرة لمساعدة البلدان الأشد فقراً العاجزة عن تسديد ديونها".
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أنه لم يتم تحديد أسماء البلدان المعنية، إلا أن الإعلان ذاته مؤشر ممتاز للوضع الحالي للعلاقات بين موسكو وإفريقيا، تلك القارة التي أصبحت ذات أولوية دبلوماسية لعدة بلدان من بينها روسيا، منذ مطلع عام 2000.
خبراء السياسة اتفقوا، حسب الصحيفة، على أن "هناك مصلحة حقيقية سياسية، واقتصادية وأمنية" لروسيا تجاه إفريقيا، لافتين إلى أن موسكو تسعى للاستيلاء على موارد وخيرات تلك القارة، عن طريق الاستثمارات الضخمة، في جميع القطاعات الاستراتيجية بحجة التنمية.
ورصدت الصحيفة استثمارات روسية متنوعة في بلدان إفريقية، في مطلع ديسمبر الجاري، منها إعلان الشركة الروسية "جيوسيرفيس ليمتد" عزمها استثمار نحو 12.5 مليار دولار في قطاع السكك الحديدية في غانا، ويمثل هذا المبلغ نسبة 29 % من الناتج المحلي الإجمالي لساحل الذهب سابقا (غانا).
وفي أنجولا، استثمر الروس أموالاً طائلة، خصصها البنك العام الروسي "روسيكسيم بنك" لتمويل أول قمر صناعي أنجو سات-1، واستثمارات روسية أخرى ضخمة في قطاعات (النفط والغاز والتعدين)، كما شمل التمويل الروسي في أنجولا، استئناف المساعدات العسكرية.
لماذا هذا الاهتمام؟
قال أستاذ العلوم السياسية كريل بريت، إن "روسيا منذ عام 2008، تسعى لاستعادة دور الاتحاد السوفيتي لأن يكون أحد مراكز القوى الدولية، ومن ثم سعت لإيجاد الموارد الشحيحة التي تفتقرها، في إفريقيا"، موضحاً أنه "قبل انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991، كان التعاون مع دول العالم الثالث إحدى أهم أولويات الاتحاد السوفيتي السابق، ما جعله قوة دولية كبرى، في مواجهة الولايات المتحدة.
وتابع "أنه خلال الحرب الباردة، انقسمت الدول الإفريقية بين الولايات المتحدة والدعم السوفيتي، حتى أن موسكو قدمت الدعم للدول الإفريقية، في كفاحها ضد المحتلين الأوروبيين".
ومع ذلك، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، غاصت روسيا في المشاكل الاقتصادية التي أدت إلى وقف جميع أشكال التعاون مع إفريقيا، وتفوقت عليها البلدان الناشئة، كالصين والهند، فضلاً عن العملاق الأمريكي.
الغزو الروسي لإفريقيا
استؤنف التوغل الروسي في إفريقيا تدريجياً مع صعود الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مطلع القرن الحادي والعشرين، وتطورت العلاقة بين موسكو وإفريقيا، حتى أصبحت موسكو حليفاً لا غنى عنه، بسبب إمكاناتها الزراعية والتعدينية.
وقدمت موسكو مساعدات إنسانية في إفريقيا، حيث ذكر بوتين مؤخرا، خلال لقائه الرئيس الغيني "ألفا كوندي"، أنه تم تقديم مساعدات غذائية تقدر بنحو 5 ملايين دولار، في إطار مساعدة الدول الأكثر فقراً، للدول المعنية بهذه التبرعات، التي يعود تاريخها إلى 2011، هي إثيوبيا والصومال، وغينيا، وكينيا وجيبوتي.
مجال الدفاع
يعد مجال الدفاع العسكري، محوراً رئيسيا في العلاقات بين إفريقيا وروسيا، حيث تعد موسكو ثان أكبر مصدر للأسلحة في العالم، ومعظم عملائها من الدول الإفريقية، أبرزهم الجزائر، أكبر مستورد للسلاح الروسي في إفريقيا، حيث استوردت خلال عام 2016 بنحو 924 مليون دولار.
وتتعاون مع روسيا في المجال العسكري، أوغندا والسودان، وبروندي وجنوب إفريقيا، وزيمبابوي.
وفي غانا، أعلنت روسيا تطوير شبكات البنية التحتية والمواصلات في سلسلة من المشروعات المتعلقة بتحديث وتوسيع شبكة السكك الحديدية بتكلفة التقديرية 2.4 مليار دولار، بشراكة بين القطاعين العام والخاص.
واختتمت الصحيفة السويسرية، تقريرها، قائلة إن "استئناف علاقات الصداقة والشراكة بين روسيا وإفريقيا ليس من المستغرب في حد ذاته، عندما نعود إلى التاريخ نرى كيف غزا القيصر الروسي بيير الأول في القرن السابع عشر الميلادي إفريقيا".