سياسة روسيا الخارجية الجديدة.. تباينات "شاسعة" بين "الشرق" و"الغرب"
انطلاقا من "تعددية قطبية" مرجوة، خطت روسيا ملامح سياستها الخارجية في دوائر الحركة المختلفة، وضد "التهديدات الوجودية".
وتبنت روسيا، اليوم الجمعة، استراتيجية جديدة للسياسة الخارجية تقدم الولايات المتحدة والغرب على أنهما مصدر "تهديد وجودي" لموسكو، في حين شددت على تعزيز التعاون مع دول الخليج والشرق الأوسط في مختلف المجالات، وبينها دعم التكامل الإقليمي ومكافحة الإرهاب.
- "تشويه السمعة".. حصار وزاري لـ"الغنوشي" يربك إخوان تونس
- "خبيئة" كاتم أسرار إخوان تونس تفضح جرائمهم.. تآمر واغتيالات
تهديدات وجودية
واعتبرت روسيا في استراتيجيتها الجديدة للسياسة الخارجية التي تبنتها، الجمعة، الولايات المتحدة والغرب مصدر "تهديدات وجودية" لموسكو في أجواء الخلافات المتصاعدة المرتبطة بالنزاع في أوكرانيا.
وقال الرئيس فلاديمير بوتين، مبررا تبني هذه الخطة الجديدة، إن "الاضطرابات على الساحة الدولية" تجبر روسيا على "تكييف وثائق التخطيط الاستراتيجي الخاصة بها".
بدوره، أكد وزير الخارجية سيرغي لافروف أن "الطبيعة الوجودية للتهديدات (...) الناتجة عن سلوك الدول المعادية"، متهماً الولايات المتحدة بأنها "المحرض الرئيسي وقائد أوركسترا الخط المناهض لروسيا".
وأضاف لافروف "بشكل عام توصف سياسة الغرب المتمثلة في إضعاف روسيا بأي وسيلة بأنها نوع جديد من الحرب الهجينة".
ومضى قائلا إن استراتيجية السياسة الخارجية الروسية الجديدة تقوم على مبدأ أن "الإجراءات المعادية لروسيا التي تتخذها الدول غير الودية ستواجه باستمرار، بقسوة إذا لزم الأمر".
وتبني استراتيجية السياسة الخارجية الجديدة هذه يعمّق الهوة بين موسكو والدول الغربية منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، إذ تسبّب هذا الصراع في أزمة دبلوماسية على درجة من الخطورة تذكر بزمن الحرب الباردة.
وفرضت واشنطن وحلفاؤها عقوبات اقتصادية شديدة على موسكو التي تتهمهم في المقابل بشن حرب بالوكالة في أوكرانيا لا سيما عبر تسليم أسلحة لكييف.
تعددية قطبية
وينص المرسوم الذي وقعه بوتين لتغيير استراتيجية السياسة الخارجية، على: "من أجل المساعدة في تكييف النظام العالمي مع حقائق العالم متعدد الأقطاب، يعتزم الاتحاد الروسي العمل على القضاء على بقايا هيمنة الولايات المتحدة والدول غير الصديقة الأخرى في الشؤون العالمية، وتهيئة الظروف لتمكين أي دولة من نبذ الطموحات الاستعمارية الجديدة أو الهيمنة".
ويتابع: "تتضامن روسيا مع الدول الأفريقية في رغبتها في عالم متعدد القوى وأكثر إنصافًا والقضاء على عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، التي تتزايد بسبب السياسات الاستعمارية الجديدة المعقدة لبعض الدول المتقدمة تجاه أفريقيا"، وفق ما طالعته "العين الإخبارية" على موقع الخارجية الروسية.
الشرق الأوسط
وحول الشرق الأوسط، نصت الاستراتيجية الروسية الجديدة على "دعم التكامل الإقليمي ودون الإقليمي داخل المؤسسات الودية متعددة الأطراف ومنصات الحوار والاتحادات الإقليمية في آسيا والمحيط الهادئ وأمريكا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط".
وتضيف: "تعمل روسيا على تعزيز التعاون متعدد الأوجه مع الحلفاء والشركاء في مجال مكافحة الإرهاب، وتزويدهم بالمساعدة العملية في عمليات مكافحة الإرهاب".
دول الخليج
الاستراتيجية نصت أيضا على "إقامة بنية تعاونية وهيكل أمن إقليمي شامل ومستدام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على أساس الجمع بين قدرات جميع الدول والتحالفات بين الدول في هذه المناطق، بما في ذلك جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي".
وتضيف: "تعتزم روسيا التعاون بنشاط مع جميع الدول المهتمة والمنظمات، من أجل تنفيذ مفهوم الأمن الجماعي الروسي لمنطقة الخليج العربي، وتعتبر أن تنفيذ هذه المبادرة كخطوة مهمة نحو أوضاع طبيعية مستدامة وشاملة في الشرق".
كما تقول إن روسيا تريد "المساعدة في حل، والتغلب على عواقب النزاعات المسلحة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب، وجنوب شرق آسيا ومناطق أخرى، حيث توجد الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي".
الاتحاد الأوروبي
وانتقلت الاستراتيجية الروسية إلى ملف الاتحاد الأوروبي، وقالت: "تتبع معظم الدول الأوروبية سياسة عدوانية تجاه روسيا تهدف إلى خلق تهديدات لأمن وسيادة الاتحاد الروسي، واكتساب مزايا اقتصادية أحادية الجانب، وتقويض الاستقرار السياسي المحلي، وتقويض القيم الروحية والأخلاقية الروسية التقليدية، وخلق عقبات أمام تعاون روسيا مع الحلفاء وشركاء".
وتابعت: "وفي هذا الصدد، يعتزم الاتحاد الروسي الدفاع باستمرار عن مصالحه الوطنية بإعطاء الأولوية إلى تقليل وتحييد التهديدات للأمن وسلامة الأراضي والسيادة والقيم الروحية والأخلاقية التقليدية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية لروسيا وحلفائها وشركائها".
ونصت الاستراتيجية بوضوح على "إدراك دول أوروبا أنه لا بديل عن التعايش السلمي والتعاون المتبادل والمنفعة المتبادلة مع روسيا، وزيادة مستوى استقلال سياستها الخارجية والانتقال إلى سياسة حسن الجوار مع الاتحاد الروسي، سيكون له أثر إيجابي على أمن ورفاهية المنطقة الأوروبية ومساعدة الدول الأوروبية على أخذ مكانها المناسب في الشراكة الأوروبية الآسيوية الكبرى وفي عالم متعدد الأقطاب".
aXA6IDMuMTQ0LjkwLjIzNiA=
جزيرة ام اند امز