لم تأت الزيارة المرتقبة للملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا، مطلع الشهر المقبل، من باب العلاقات العامة، وإنما ليقين بأنها فرصة تاريخية
لم تأت الزيارة المرتقبة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، إلى روسيا، مطلع الشهر المقبل، من باب العلاقات العامة، وإنما ليقين بأنها فرصة تاريخية، لبحث ملفات ساخنة تشهدها المنطقة في سبيل الوصول إلى حلها، استنادا للثقل الذي يتمتع به البلدان، ناهيك عن اتفاقيات التعاون المشترك التي ستوقع بين الجانبين.
الزيارة إيجابية لحل الملفات العالقة
المحلل السياسي الروسي، أندريا أنتيكوف، أكد أن موسكو تنتظر هذه الزيارة منذ وقت طويل، وتعتبرها فرصة تاريخية جيدة لكل من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وخادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، لتبادل الآراء إزاء القضايا المختلفة في الشرق الأوسط.
وأضاف أنتيكوف في حديث لبوابة العين الإخبارية أن "الموضوع الرئيسي المركزي في تبادل الآراء، سيكون الملف السوري، الذي تلعب فيه موسكو دورا مهما، مثل المملكة، ولذلك نحتاج إلى توافق حول هذا الأمر، في ظل الاختلاف في طريقة الحل، لا سيما ما يتعلق بإنشاء مناطق خافضة للتوتر، وهي الفكرة التي تؤيدها موسكو".
ولفت إلى أن هذه الزيارة ستأتي بتطور إيجابي في الأهداف عبر الملفات العالقة، وبالإمكان الوصول إلى حل حول الأزمة السورية، على أساس قرار مجلس الأمن 2254 في وقت قريب، لا سيما أن هناك ملفات دولية تشهد توافقا بين موسكو والرياض في محاربة الإرهاب، ومواجهة التنظيمات المتطرفة، وهو أمر له علاقة بالأزمة السورية.
وأشار أنتيكوف إلى أن "الأزمة القطرية ستكون حاضرة، ونحن كروسيا نتوافق مع السعودية وحلفائها بما يخص جماعة الإخوان المسلمين، حيث إن موسكو صنفتها ضمن المنظمات الإرهابية، لذلك نؤيد مكافحة الإرهاب".
وأردف: "موسكو تبذل كل الجهود، بإقناع الأطراف المعنية في الرباعي العربي، للوصول إلى حل لهذه الأزمة الخليجية، والتوافق بهذا الخصوص، وسيكون هذا الملف على رأس الملفات على طاولة مباحثات الملك سلمان في روسيا".
وأوضح المحلل السياسي الروسي أن المخاطر الإيرانية حاضرة، في ظل جهود كل القوى، لمواجهتها.
المباحثات ستشمل أيضا -بحسب أنتيكوف- التطرق للعلاقات الصناعية بين موسكو والرياض، لا سيما أنهما قوتان مصدّرتان للنفط، وأيضا التعاون العسكري موجود بقوة، ومن الضروري تعميق التعاون في هذا الصدد.
مباحثات مهمة وصفقات نوعية
مستشار باللجنة الخاصة بمجلس الوزراء السعودي رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية بجدة اللواء الركن متقاعد أنور ماجد عشقي، قال من جانبه إن الموضوعات المطروحة في هذه الزيارة التاريخية تتطرق بالأساس إلى العلاقات البينية بين المملكة وروسيا.
وأشار إلى أن "المملكة تحاول أن تكون علاقتها جيدة مع روسيا باعتبارها دولة فاعلة في الشرق الأوسط، ومن الدول الكبرى في العالم، وسيكون هناك نقاش حول بعض المواقف التي يعتبر هناك شبه توافق عليها مثل المصالح النفطية والعلاقات الاقتصادية ومواجهة الإرهاب، ومواقف أخرى تحتاج إلى حوار وتقريب في وجهات النظر، لا سيما في الأزمة السورية".
وقال عشقي لـ"بوابة العين" إن المباحثات ستتطرق للمقاطعة العربية للدوحة، وستوضح السعودية موقفها الكامل بالنسبة للقضية، فالمملكة قطعت على نفسها عهدا بأن تحارب الإرهاب، ومن المؤكد أن روسيا تسير في الطريق نفسه، وتدرك الدور القطري في تمويل الجماعات المتطرفة.
وبالنسبة للدور الروسي في مساعي الوساطة بين الرباعية العربية وقطر؛ أوضح الباحث في العلاقات الدولية بجامعة نيجنى نوفجورود الحكومية الروسية عمرو الديب، "أننا سنكون أمام محاولة من جانب بوتين لتقريب وجهات النظر؛ لأن الروس يهمهم أن تحل هذه الأزمة بالوقت القريب، وأن أي تباعد خليجي-خليجي ليس في مصلحتهم من الناحية الاقتصادية والسياسية".
وأكد الديب أن زيارة الملك السعودي لموسكو في أوائل شهر أكتوبر المقبل سيكون لها تأثير كبير على شكل العلاقات الثنائية؛ التي يتحدد على إثرها الكثير من الملفات الدولية، وأهمها تحديد سعر النفط خاصة أن الدولتين من كبار منتجي موارد الطاقة في العالم.
وأوضح "الديب"، متحدثا من موسكو، أن السعودية تهتم باجتذاب الشركات الروسية للعمل داخل السوق المحلي، خصوصا أن اقتصاد المملكة مصنف ضمن قائمة أكبر 20 اقتصادا في العالم، ومن أسرع دول العالم نموا، وخصوصا في إطار "رؤية المملكة 2030"، وبرنامج التحول الوطني الذي يستهدف تنويع مصادر الدخل دون الاعتماد على النفط كمصدر أساسي للدخل، والذي يحتاج إلى استقطاب شركات بمواصفات عالمية، ومنها طبعا الشركات الروسية.
aXA6IDMuMTQ0LjI1Mi41OCA= جزيرة ام اند امز