ضم 4 مناطق أوكرانية لروسيا.. كيف يراها الغرب وحلفاء موسكو؟
تنديد غربي بالاستفتاءات الروسية الهادفة لضم 4 مناطق أوكرانية، وسط توعد دولي بعقوبات جديدة على موسكو، التي بدت تغرد خارج السرب وحيدة.
ففيما جاءت نتائج الاستفتاءات المعلنة، مساء الثلاثاء، لضم مناطق لوهانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوريجيا إلى روسيا، مؤيدة بنسبة تقترب من 100%، تعهدت موسكو بالدفاع عن هذه المنطقة باستخدام السلاح النووي.
إلا أن التهديد الروسي يبدو أنه لم يردع أوكرانيا التي تحركت، الأربعاء، على محورين؛ أولهما مطالبة مجلس الأمن بالتحرك ضد روسيا، والثاني مناشدة الدول الغربية بزيادة كبيرة في مساعدات الأسلحة لمحاربة موسكو.
وبين الموقف الروسي الذي اعتبر أن نتائج الاستفتاءات التي تهدف إلى ضم 4 مناطق أوكرانية إلى الأراضي الروسية، تعبر عن خيار "صالح" اتخذته المناطق الأربع، وما تراه أوكرانيا بأن الهدف من تلك الخطوة هو "إجبار رجال أوكرانيين على الانضمام للجيش الروسي لإرسالهم للقتال ضد وطنهم"، وهي الرواية التي انحاز لها الغرب.
أبرز ردود الفعل
آخر ردود الفعل على الخطوة الروسية، ذلك الذي أصدره البيت الأبيض على لسان المتحدثة باسمه كارين جين-بيير، قائلا إن الولايات المتحدة لن تعترف بالمناطق التي ستضمها روسيا في أوكرانيا، بعد الاستفتاءات التي وصفتها بأنها "غير قانونية وغير مشروعة" استخدمتها موسكو للتحايل وسيتم الطعن عليها دوليا.
وأضافت المتحدثة في تصريحات صحفية: "بناء على معلوماتنا، كل جوانب تلك الاستفتاءات كانت مرتبة سلفا بتدبير من الكرملين" مشيرة إلى أن واشنطن ستحشد المعارضة للاعتراف بالمناطق التي يتم ضمها بما يشمل في الأمم المتحدة (..) بغض النظر عن المزاعم الروسية، ستظل تلك المناطق أراضي أوكرانية".
بدورها، اقترحت المفوضية الأوروبية، الأربعاء، على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وضع سقف لسعر النفط الروسي ووضع قيود جديدة على التبادل التجاري مع روسيا.
وقالت رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين: "نزيد من عزلة الاقتصاد الروسي وإضعافه" في مواجهة تصعيد موسكو في أوكرانيا لاسيما بعد تنظيم استفتاءات الضم".
وأشارت إلى أنه يجب أن تحظى التدابير الجديدة بموافقة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ليتم اعتمادها.
ودخلت الأمم المتحدة على خط الأزمة، لتعلن على لسان الأمينة العامة المساعدة للأمم المتحدة للشؤون السياسية خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي مساء الثلاثاء التأكيد على تمسك المنظمة الدولية "بوحدة أراضي أوكرانيا" ضمن "حدودها المعترف بها".
وقالت روزماري ديكارلو في بداية الاجتماع: "دعوني أكرّر أنّ الأمم المتحدة ما زالت ملتزمة تماماً سيادة أوكرانيا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، داخل حدودها المعترف بها دولياً".
ماذا قالت أوكرانيا؟
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه لا يمكن لبلاده أن تتفاوض مع موسكو بعد "الاستفتاءات"، مضيفًا أن "اعتراف روسيا بالاستفتاءات الزائفة على أنّها طبيعية، وتطبيقها نفس السيناريو الذي طبّقته في شبه جزيرة القرم، ومحاولتها مرة إضافية ضمّ جزء من الأراضي الأوكرانية، كلّ هذا يعني أنّه لا يتعيّن علينا التفاوض مع الرئيس الروسي الحالي".
وعلى غرار العديد من أعضاء مجلس الأمن ندّد الرئيس الأوكراني بـ"مهزلة" نتائجها "معدّة مسبقاً"، قائلا إن "ضم الأراضي (التي احتلّتها موسكو) هو أبشع انتهاك لميثاق الأمم المتّحدة"، مطالباً بوجوب "إقصاء روسيا من كل المنظّمات الدولية" أو على الأقلّ تعليق عضويتها في هذه المنظمات.
واعتبر زيلينسكي أنّ روسيا تريد من وراء هذه الاستفتاءات "إجبار رجال أوكرانيين من الأراضي المحتلّة في أوكرانيا على الانضمام للجيش الروسي لإرسالهم للقتال ضدّ وطنهم".
وناشد الرئيس الأوكراني مجلس الأمن التحرّك ضد روسيا، قائلا: "هناك حاجة إلى إشارة واضحة من كلّ دول العالم".
رد روسيا
السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا قال إن "الاستفتاءات" كانت "شفّافة"، مستنكراً "فورة الغضب" و"الدعاية" التي يمارسها الغرب والتي تهدف إلى إجبار بلاده على "الخضوع".
فيما قال المستشار الألماني أولاف شولتز خلال اتصال هاتفي الأربعاء بالرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن "ألمانيا لن تعترف مطلقا بنتائج" استفتاءات الضم التي نظمتها موسكو في أوكرانيا، مضيفًا أن "ألمانيا ستواصل دعم أوكرانيا سياسيا وماليا وإنسانيا، وكذلك دفاعا عن سيادتها ووحدة اراضيها، ويشمل ذلك تسليمها اسلحة".
وبحث الجانبان خلال المكالمة الوضع العسكري والسياسي والاقتصادي في اوكرانيا وإمكانات تقديم دعم اضافي يشمل إعادة إعمار البلاد. وتوافقا على "البقاء على اتصال وثيق"، بحسب بيان الحكومة الألمانية.
وأكدت وزارة الخارجية الروسية الأربعاء أن المناطق الأوكرانية الأربع التي تسيطر عليها موسكو قامت "بخيار حر لصالح روسيا" حين أيدت ضمها عبر "الاستفتاءات".
وقالت الخارجية في بيان إن "نتائج هذا الاستفتاء تتحدث عن نفسها: إن سكان دونباس وخيرسون وزابوريجيا لا يريدون العودة إلى حياتهم السابقة وقاموا بخيار واع وحر لصالح روسيا"، مشيرة إلى أن "سكان هذه المناطق "لم يكن لديهم خيار آخر"، علماً أن موسكو اتهمت كييف بالإعداد لقمع سكان اوكرانيا الناطقين بالروسية لتبرير هجومها.
وأكدت الخارجية أن "النتيجة المنطقية (...) كانت قرار سكان دونباس وخيرسون وزابوريجيا بطلب حماية روسيا"، مشيرة إلى أن "سكان دونباس تعرضوا لإبادة منهجية ومشينة" من جانب قوات كييف منذ بدء الحرب مع الانفصاليين الموالين لروسيا في 2014.
بدوره، أكد الكرملين الثلاثاء مجددا حقه باستخدام السلاح النووي دفاعا عن الأراضي ألأوكرانية عند ضمها.
ماذا قال حلفاء موسكو؟
وخلال جلسة مجلس الأمن التي عقدت يوم الثلاثاء، دعا السفير الصيني في الأمم المتّحدة تشانج جون إلى احترام "سلامة أراضي كلّ الدول".
وقال إنّ "الصين أخذت علماً بالتطوّرات الأخيرة في الوضع في أوكرانيا (...). إنّ موقفنا واقتراحنا بشأن كيفية النظر إلى قضية أوكرانيا ومعالجتها بشكل متّسق وواضح. وهذا يعني أنّه ينبغي احترام سيادة كل الدول وسلامة أراضيها".
أما تركيا التي لعبت دور الوسيط حتى الآن في هذا النزاع، فقد زادت من عزلة روسيا المصرفية، الأربعاء، مع تخلي ثلاثة مصارف تركية عامة عن نظام التسديد المالي الروسي "مير" بحسب ما أفاد مسؤول تركي رفيع المستوى.
ماذا يقول حكام المناطق الأربع؟
السلطات الموالية لروسيا في مناطق لوهانسك وخيرسون وزابوريجيا الأوكرانية أعلنت الأربعاء أنها طلبت من الرئيس فلاديمير بوتين ضمها إلى روسيا غداة عمليات التصويت.
وقال الزعيم الانفصالي الموالي لروسيا ليونيد باسيتشنيك في نص نُشر على تليجرام: "عزيزي فلاديمير فلاديميروفيتش.. أطلب منك النظر في مسألة انضمام جمهورية لوهانسك الشعبية إلى روسيا كعضو في روسيا الاتحادية".
وأضاف: "ندرك الصلة التاريخية والثقافية والروحية مع شعب روسيا المتعدد الأطياف".
وفي وقت سابق، أعلن باسيتشنيك أنه سيتوجه إلى موسكو، على غرار نظيره في منطقة دونيتسك دنيس بوشيلين، لإضفاء طابع رسمي على الانضمام إلى روسيا.
ووجهت رسالتان مماثلتان إلى بوتين من جانب رئيسي إدارتي خيرسون وزابوريجيا (جنوب) فلاديمير سالدو ويفجيني باليتسكي.3
ودافع سالدو في رسالته عن عملية انتخابية "قانونية تماما"، لافتا إلى "حق الشعوب في تقرير مصيرها والذي ورد في ميثاق الامم المتحدة"، وذلك ردا على تنديد كييف والمجتمع الدولي.
وبعد الظهر، بادر رئيس منطقة زابوريجيا يفجيني باليتسكي بالخطوة نفسها، مشددا على "الماضي التاريخي المشترك" لمنطقته مع روسيا.
وكتب في رسالة نشرت على تليجرام: "نريد أن نكون موحدين مع روسيا الاتحادية".
وتأتي هذه المواقف غداة استفتاءات نظمتها موسكو تمهيدا لضم المناطق الأوكرانية الأربع التي تحتلها قواتها، في عمليات نددت بها كييف والدول الغربية.
هل يمكن معاقبة روسيا في مجلس الأمن؟
يحول حق الفيتو الذي تتمتّع به روسيا في مجلس الأمن دون صدور أيّ قرار عن المجلس ضدّ موسكو؛ إلا أنه على الرّغم من ذلك تعتزم الولايات المتحدة بالاشتراك مع ألبانيا طرح "مشروع قرار يدين الاستفتاءات الزائفة، ويدعو الدول الأعضاء إلى عدم الاعتراف بأيّ وضع معدّل لأوكرانيا، ويطالب روسيا بسحب قواتها من أوكرانيا".
وقالت السفيرة الأمريكية في الأمم المتحدة ليندا توماس-جرينفيلد، إنه "إذا استخدمت روسيا حقّ النقض لحماية نفسها من هذا القرار، فسنحول أنظارنا إلى الجمعية العامة لإرسال رسالة لا لُبس فيها إلى موسكو"،
وأوضحت أن "هذا التصويت يمكن أن يتم في نهاية الأسبوع الجاري أو مطلع الأسبوع المقبل".
وخلافاً لمجلس الأمن فإنّ قرارات الجمعية العامة المؤلفة من 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة تصدر بالأغلبية ولا تتمتّع أيّ دولة بحق استخدام الفيتو.
aXA6IDMuMTQ3LjI4LjExMSA= جزيرة ام اند امز