علم روسي فوق "أنقاض باخموت".. هل تستحق المدينة الثمن المدفوع؟
للمرة الأولى منذ ثمانية أشهر يوشك الروس على الاستيلاء على مدينة أوكرانية، هجرها أكثر من 90% من سكانها قبل الحرب.
ويرى ميك رايان، جنرال أسترالي سابق، أن القوات الأوكرانية قد تقرر الانسحاب من باخموت لأنها فعلت كل ما في وسعها بالصمود في مواقعها الدفاعية حول باخموت، وأن الحفاظ على قوتها للمعارك التالية أكثر أهمية من الحفاظ على المدينة.
لكن الانسحاب الأوكراني لن يشكل كارثة إذا تم بطريقة منظمة، ويوضح رايان أنه "يجب التعامل معه على أنه تكتيك روتيني، وأن الانسحاب أكثر ذكاءً من المعاناة من الخسائر المتزايدة والضربة المدمرة للمعنويات من رؤية استسلام مئات وربما الآلاف من الجنود الأوكرانيين المحاصرين.
وتشير معركة باخموت إلى أن الجنود الروس يغيرون أساليبهم في الحرب، أو على الأقل يحاولون القيام بذلك، فلا يزالون يعتمدون على وابل كثيف من النيران غير المباشرة (المدفعية ومدافع الهاوتزر والصواريخ والقصف الجوي) لسحق المواقع الدفاعية، والذي كان التكتيك المتبع في مدن ماريوبول وسفيرودونتسك وليسيتشانسك العام الماضي، في تذكير بكلمات المارشال جورجي جوكوف في عهد ستالين "كلما طالت مدة المعركة سيتعين علينا استخدام المزيد من القوة".
ووفقا للتقرير، تحولت باخموت إلى هاجس للروس في ظل غياب التقدم في أماكن أخرى، بعيدا عن أي منطق استراتيجي.
فتحول التركيز على باخموت على حساب العمليات الروسية في أماكن أخرى، لحاجة القيادة الماسة إلى تحقيق "انتصار" -أي انتصار- بغض النظر عن ساحة المعركة الأوسع.
التعبئة الروسية:
وساعدت التعبئة الروسية في الخريف الماضي، والتي جندت حوالي 300 ألف رجل، على توفير مجموعة من جنود المشاة وساعدت في إعادة تشكيل الوحدات التي عانت من خسائر.
ولكن وفقًا لمعهد الحرب الحديثة في ويست بوينت "لم تتمكن روسيا من إثبات قدرتها على دمج قوات جديدة بشكل فعال في التشكيلات المتضررة، أو بناء وحدات متماسكة من مجموعات متخصصة من بقايا الوحدات المتناثرة".
ويقدر المعهد أن روسيا "تحاول الآن خوض صراع مكلف وطويل الأمد مع فريق من جنود الاحتياط بينما تعاني من استنزاف شديد للقيادة في ساحة المعركة".
مجموعات الكتائب التكتيكية
وشهد الصراع الأوكراني محاولة القوات الروسية تدريجياً الابتعاد عن الاعتماد على مجموعات الكتائب التكتيكية، وهي تشكيلات أسلحة مجمعة أثبتت أنها غير مجهزة للصراع الأوكراني.
وكان غياب مجموعات الكتائب التكتيكية في التقدم نحو كييف قبل عام واحد من أسباب تعثر الحملة وفشلها، وكانت القوات الروسية عرضة للكمائن.
ووفقا لدراسة حديثة أجراها المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإن "عدم كفاية التدريب وعدم كفاءة العسكريين الروس والتسلسل الهرمي للقيادة تركت الضباط الروس غير قادرين على التصرف وفقا لوضعهم في ساحة المعركة أو التنسيق للتقدم بسرعة في عمق أراضي العدو".
كما كتب روب جونسون في دورية الجيش الأمريكي الحربية الفصلية: "المهارات القتالية الأساسية (مثل اليقظة، وإدارة الخدمات اللوجستية، والتحرك التكتيكي عبر التضاريس لتجنب وقوع إصابات) كانت دون المستوى، وتشير الأدلة إلى نقص كبير في الانضباط".
ولا يتم علاج أوجه القصور هذه بين عشية وضحاها. وإعادة تجهيز التشكيلات والهياكل أثناء الحروب ليست مثالية، لكنها أقل من ذلك عندما يكون هناك نقص في القادة الأكفاء من المستوى المتوسط، يزيد فقدان ضباط من رتبتي العقيد والملازم أول من تفاقم المشاكل الروسية.
لكن المؤكد أن تلك القوات ألحقت خسائر فادحة بالوحدات الأوكرانية في الأشهر القليلة الماضية، ودفعت بعض القادة الأوكرانيين إلى التشكيك في حكمة التمسك بكل من سوليدار وباخموت.
وحتى وإن رفع العلم الروسي فوق أنقاض باخموت، فقد يتضح أنه انتصار باهظ الثمن.
كما كتب ميك رايان: "إذا استولى الروس على باخموت فإنهم يستولون على الأنقاض، إنها مدينة ذات أهمية استراتيجية ضئيلة، مع عدم وجود بنية تحتية متبقية تقريبا".
aXA6IDMuMTUuMTQ1LjUwIA== جزيرة ام اند امز