احذروا الدب الجريح.. 7 أسباب تمنع إسرائيل من "تسليح أوكرانيا"
تشكل الذكرى السنوية الأولى للعملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا، مناسبة أفضل لتقييم سياسات إسرائيل تجاهها، خاصة رفضها بيع أسلحة لكييف.
وفي مقال للرأي بمجلة ناشيونال إنترست الأمريكية قال تشاك فريليتش، زميل بارز في معهد ميريام والنائب الأسبق لمستشار الأمن القومي الإسرائيلي، وداني أيالون خبير السياسة في معهد ميريام نائب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق، إن الحاجة لهذا التقييم تحتل أهمية خاصة، وتحديدا بالنظر إلى العلاقة الاستراتيجية الوثيقة التي ظهرت بين روسيا وإيران والعلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
وذكر الكاتبان أن إسرائيل قدمت مساعدات مباشرة لأوكرانيا، لكنها اقتصرت على الجانب الإنساني المهم، تمثلت في تقديم مستشفى ميداني وسيارات إسعاف وسترات واقية وخوذات وأغذية ومعدات تنقية المياه، بل تعدى الأمر إلى تقديم معلومات استخبارية لكييف والتصويت معها في الأمم المتحدة، إلا أنها أبدت رفضا قاطعا للطلبات الأوكرانية بالحصول على السلاح الإسرائيلي، بما في ذلك أنظمة الدفاع الصاروخي مثل القبة الحديدية.
لكنهما يعتقدان أن "الدب الجريح" يشكل خطرا داهما في حال حاول البعض استفزازه، وهو ما قد يدفعه للقيام بأعمال يمكن أن تحدث ضررا جسيما لإسرائيل. وبالتالي فرفض إسرائيل بيع أسلحة أوكرانيا لا يزال مناسبًا، لكن هذا قد يتغير اعتمادا على تصرفات موسكو.
وذكر المسؤولان السابقان سبعة أسباب رئيسية لعدم بيع أسلحة لأوكرانيا:
أولاً:
زودت طهران موسكو بـ1700 طائرة مسيرة، وهناك تقارير عن اعتزامها بناء مصنع في روسيا لإنتاج نحو 6000 مسيرة أخرى، وقد تزودها بصواريخ باليستية.
في المقابل، وافقت روسيا على تزويد إيران بمقاتلات سو-35 وطائرات هليكوبتر وربما نظام الدفاع الجوي إس-400 وسفن حربية وغواصات وأقمار صناعية، إضافة إلى التعاون الإلكتروني في مجال تكنولوجيا المعلومات. ومن ثم ينبغي على إسرائيل تجنب التدابير التي قد تؤدي إلى حدوث تحالف استراتيجي روسي إيراني أكثر تقاربا.
ثانيا:
روسيا وإيران هما اللاعبان الرئيسيان في سوريا، وقد سعت روسيا، في بعض الأحيان، إلى التصدي لجهود إيران لتوسيع نفوذها هناك، الذي شمل زيادة وجودها العسكري هناك واستخدام سوريا كمعبر لنقل الأسلحة إلى حزب الله.
وقد أجبرت احتياجات الحرب على سحب بعض الأصول العسكرية الروسية من سوريا، لكنها أبقت على منظومات إس-400، والتي ستحد بقوة من قدرة إسرائيل على مواجهة مساعي إيران لتعزيز وجودها في سوريا.
وقال الكاتبان: "حتى الآن، امتنعت روسيا عن القيام بذلك، لكن هذا قد يتغير في أي وقت، إذا تدخلت إسرائيل في الحرب الأوكرانية بشكل مباشر، ولذا لا يمكن لإسرائيل السماح بحدوث هذا".
ثالثا:
روسيا طرف في الاتفاق النووي مع إيران والمفاوضات الدولية المستمرة. ولعبت موسكو، في بعض الأحيان، دورا بناء في هذا الصدد، لكنها أبدت دعمها لإيران في وكالة الطاقة الذرية الدولية مؤخرًا، وتورط إسرائيل قد يدفع روسيا اليائسة إلى تقديم مساعدات لبرنامج إيران النووي، ولذا لا تستطيع إسرائيل تنفير روسيا كثيرا.
رابعا:
إسرائيل ليست قوة عالمية تمتلك مخزونات ضخمة من الأسلحة الرئيسية، ولا يمكنها نقل الأنظمة الحرجة إلى أوكرانيا دون تعريض أمنها للخطر، بل إنها لا تمتلك أعدادا كبيرة من بطاريات القبة الحديدية اللازمة وتواجه نقصا في الصواريخ الاعتراضية.
علاوة على ذلك، فقد أكد وزير الدفاع الأوكراني أن أنظمة الدفاع الجوي التي حصلت عليها، بما في ذلك الأنظمة الأمريكية التي تخلت عنها الولايات المتحدة، أكثر ملاءمة لاحتياجات أوكرانيا. وبات واضحا أن كل ما تريده أوكرانيا حقًا هو جر إسرائيل إلى الصراع إلى جانبها، وهو ما لا ينبغي على إسرائيل القيام به.
خامسا:
حوالي 15 في المائة من سكان إسرائيل لديهم جذور في الاتحاد السوفياتي السابق وما زال هناك 60 ألف يهودي يعيشون في روسيا.
وقد اتخذت موسكو بالفعل تدابير تهدف لإظهار قدرتها على وقف الهجرة.
سادسا:
ما لم تغير الولايات المتحدة سياسة فك الارتباط الجزئي عن الشرق الأوسط التي اتبعها أربعة رؤساء متتاليين، ستظل روسيا لاعباً حاسماً في المنطقة.
فبالإضافة إلى دعم إيران، تزود روسيا تركيا ومصر بأسلحة متطورة ومفاعلات طاقة نووية يمكن أن تتحول إلى برامج نووية عسكرية، واقترحت صفقات مماثلة مع السعودية ودول أخرى، وهي لاعب مهم في أوبك+ وليبيا، وعدد كبير من الدول.
سابعاً:
قدمت فرنسا وألمانيا واليابان ودول رائدة أخرى مساعدات محدودة فقط لأوكرانيا. كما رفضت كوريا الجنوبية تقديم أي أسلحة. وحتى الولايات المتحدة فرضت قيودًا صارمة على أنواع من الأسلحة، منها على سبيل المثال الطائرات والصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي، وحتى الآن، الدبابات، ولذا لا ينبغي لإسرائيل المسارعة إلى تقديم السلاح.
ويرى المسؤولان السابقان، أنه قد يكون هناك ما يبرر تغيير موقف إسرائيل الرافض لتزويد أوكرانيا بالأسلحة إذا قررت روسيا، على سبيل المثال، الحد من حريتها في المناورة الجوية في سوريا، وتزويد إيران بأنظمة معينة مثل إس-400، أو اتخذت موقفا معرقلا واضحا في المحادثات النووية، أو قدمت مساعدات مباشرة لبرنامج طهران النووي.
ويعتقدان أنه إذا كان لإسرائيل أن تفعل شيئا فهو تزويد أوكرانيا بمساعدات إنسانية ضخمة، فيجب أن تعيد المستشفى الميداني إلى أوكرانيا وإرسال فرق بحث وإنقاذ تابعة للجيش الإسرائيلي وتوسيع برامج إعادة التأهيل للجرحى الأوكرانيين، واستكمال نقل تكنولوجيا الإنذار الصاروخي التي تعهدت بتسليمها لأوكرانيا.
وفي النهاية، خلص الكاتبان إلى أن هذا النوع من المساعدات سيكون ذات فائدة كبيرة لأوكرانيا، لكنه لا يتوقع أن يؤدي إلى رد روسي مفرط، إذ تدرك جميع الأطراف أن هناك قواعد معينة للعبة.