الغزو الروسي المحتمل لـ"أوكرانيا" يفجر سلة غذاء العالم.. أزمة جوع بالأفق
"أنت لست في منأى عن التداعيات المحتملة حال الغزو الروسي لأوكرانيا"، إنها الحقيقة التي قد لا يدركها البعض وهي "تهديد أمنهم الغذائي".
ولمن لا يدرك أبعاد الموقف فإن روسيا حشدت 100 ألف جندي على حدود أوكرانيا، وأغلب سفرات العالم طالبت رعاياها بمغادرة أوكرانيا، أبرزهم أمريكا وألمانيا والإمارات والسعودية.
وتنفي الحكومة الروسية مرارا وتكرارا نيتها لغزو جارتها التي تسعى للانضمام لحلف الناتو رغم مخالفة هذا لوثيقة إعلان سيادة دولة أوكرانيا، المعتمدة في 16 يوليو 1990، والتي حملت قسم الأمن الخارجي والداخلي ونص على أنه " تقع صفة عدم الانحياز وعدم الانضمام إلى الأحلاف، في أساس الدولة الأوكرانية".
كيف يؤثر غزو أوكرانيا على الأمن الغذائي؟
تخطط الولايات المتحدة لفرض عقوبات شديدة إذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا، ويمكن لروسيا أن تلحق الضرر ببقية العالم من خلال سيطرتها على بعض السلع الأساسية في أوكرانيا.
أوكرانيا الأولى في صادرات الحبوب عالميا
وخلال العقد الأخير صعدت أوكرانيا إلى المراتب الأولى في صادرات الحبوب، حيث كانت تهدف هذا العام إلى احتلال المرتبة الثالثة في القمح والمرتبة الرابعة في الذرة، على الرغم من أن الصراع الأخير مع روسيا قد غرس الخوف في الأسواق بشأن ما إذا كانت جهود التصدير الأوكرانية يمكن أن تنجح.
وبحسب رويترز، فإن الاحتلال الروسي للأراضي الأوكرانية قبل ثماني سنوات لم يعرقل صادرات الحبوب، لكن مخاوف عدم الاستقرار في العملة الأوكرانية هي التي قد تؤثر على صادرات المحاصيل.
يشكل الأمن الغذائي العالمي مصدر قلق كبير في حالة ما تعرضت الصادرات الأوكرانية للاضطراب، لأن الكثير من الحبوب موجهة إلى دول الشرق الأوسط وأفريقيا التي تعتمد بشكل كبير على الواردات.
وفي الآونة الأخيرة، توجه أكثر من 40% من شحنات الذرة والقمح السنوية لأوكرانيا إلى الشرق الأوسط أو إفريقيا.
كما أدت موجات الجفاف التاريخية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا العام الماضي إلى تفاقم الاحتياجات من الحبوب مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية والمخاوف المستمرة بشأن النقص.
دول عربية قد تتأثر
أدى الدور المتزايد لأوكرانيا في السوق الزراعية العالمية إلى جذب الكثير من الاستثمار الأجنبي إلى البلاد، مما أدى إلى زيادة المحاصيل الزراعية.
ومع ذلك، فقد أشار المزارعون بالفعل إلى مخاوفهم قبل موسم الذرة 2022 بشأن التأثير السلبي المحتمل لارتفاع أسعار الوقود.
قال أليكس سميث، المحلل الزراعي في معهد Breakthrough لصحيفة Washington Post، إن التهديدات لصادرات القمح الأوكرانية تشكل أكبر خطر على الأمن الغذائي العالمي.
وأشار سميث إلى أنه في عام 2020، جاء نصف القمح المستهلك في لبنان من أوكرانيا، وتستورد اليمن وليبيا على التوالي 22% و43% من إجمالي استهلاكهما من القمح من أوكرانيا.
الأمن الغذائي لـ4 دول في خطر
وفي عام 2020، صدرت أوكرانيا أيضًا أكثر من 20% من القمح لـ ماليزيا وإندونيسيا وبنجلاديش.
كما تُعد مصر مشتر رئيسي للقمح الأوكراني، لذلك فإن ارتفاع الأسعار المحتمل للقمح الأوكراني قد ينعكس سلبًا على مصر، خاصًة مع سعى الحكومة المصرية لرفع الدعم عن الخبز.
وأضاف سميث إلى أنه إذا حدث هجوم على أوكرانيا، قد يؤدي ذلك إلى استيلاء روسي على الأرض، مما فقد يؤدي لانخفاض إنتاج القمح وسط فرار المزارعين وتدمير البنية التحتية.
من ناحية أخرى، صدرت أوكرانيا أكثر من 8 ملايين طن من الذرة إلى الصين في عام 2020، وهو ما يزيد قليلاً عن ربع إجمالي صادرات الذرة الأوكرانية في ذلك العام، وفقًا لوزارة الزراعة الأميركية.
لذلك قد يؤدي نقص الذرة الأوكراني إلى قيام الصين بشراء الذرة من الولايات المتحدة الأمريكية.
الاقتصاد الأوكراني والعملة
وتشكل صادرات الحبوب هي حجر الزاوية في الاقتصاد الأوكراني، وبحسب رويترز، ومن المتوقع أن تصدر البلاد هذا العام أكثر من ثلاثة أرباع محصولها المحلي من الذرة والقمح.
حيث تزداد أهمية أوكرانيا بالنسبة للبذور الزيتية لأنها تمثل نصف صادرات زيت عباد الشمس في العالم، وهي المصدر الثالث لبذور اللفت.
وسجلت العديد من البذور الزيتية العالمية، وخاصة الزيوت النباتية، أسعارًا قياسية مرتفعة خلال العام الماضي.
وفي هذا العام، من المتوقع أن تمثل أوكرانيا 12% من صادرات القمح العالمية، و16% للذرة، و18% للشعير، و19% لبذور اللفت.
انهيار العملة الأوكرانية
بدأت عملة أوكرانيا "الهريفنيا" في الانخفاض مقابل الدولار في أوائل عام 2014 أثناء الثورة والاحتلال الروسي لشبه جزيرة القرم والصراع في شرق أوكرانيا.
حيث وصل هذا التخفيض إلى ذروته بسرعة في أوائل عام 2015، وظل الضعف في الهريفنيا عند أكثر من ثلاثة أضعاف مستويات ما قبل عام 2014 منذ ذلك الحين.
في حين أن ضعف العملة عادة ما يؤدي إلى تعزيز الصادرات، إلا أنه أدى أيضًا إلى زيادة تكاليف المدخلات الزراعية، والتي يتم استيراد الكثير منها.
وقام بعض المنتجين في عام 2015 بتقليل مشترياتهم من المدخلات الزراعية عالية الجودة، واستخدموا عددًا أقل من المواد الكيميائية لتوفير النفقات.
لكن النتائج كانت إيجابية في الغالب، حيث ارتفعت صادرات الحبوب الأولية في أوكرانيا إلى مستويات قياسية جديدة في كل عام من 2013-14 حتى 2016-2017.
aXA6IDMuMTM2LjIyLjIwNCA= جزيرة ام اند امز