أفريقيا في مفترق طرق.. قوى متنافسة وتداعيات عالمية

تشهد أفريقيا تصاعدًا في التوترات، إذ تتلاقى أحداث خطيرة في قارة تشهد تحولات كبرى قد تمتد آثارها إلى ما وراء حدودها.
ووفقا لتقرير لصحيفة "واشنطن بوست"، تحولت منطقة الساحل الأفريقي إلى مركز جديد للتطرف العنيف بعد تراجع تنظيم "داعش" في الشرق الأوسط.
وتسيطر جماعات مرتبطة بتنظيمي "القاعدة" و"داعش" على مساحات شاسعة من الأراضي، وتمارس نفوذًا متزايدًا على السكان المحليين.
وتصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية بنسبة 40% خلال عام 2023، مع استمرار الجماعات المسلحة في التوسع نحو دول جديدة.
موجة الانقلابات العسكرية
ومنذ عام 2020، شهدت عدة دول في الساحل الأفريقي انقلابات عسكرية ناجحة، ما أدى إلى تزايد الحكم العسكري.
وشهدت هذه الدول سجن أو نفي أو اغتيال النشطاء السياسيين والصحفيين الذين كانوا يسعون إلى بناء مستقبل ديمقراطي. وتتجه الحكومات العسكرية الجديدة نحو التحالف مع روسيا والجماعات المسلحة بدلاً من الاعتماد على الغرب، مما يزيد من تعقيد المشهد الجيوسياسي.
روسيا تملأ فراغ الغرب
ومنذ سقوط الاتحاد السوفياتي، تسعى روسيا إلى استعادة نفوذها في أفريقيا، مستغلة الفراغ الذي تركته القوى الغربية.
وينتشر مرتزقة فاغنر الذين أعيد تنظيمهم تحت اسم "فيلق أفريقيا"، الآن في ست دول أفريقية، حيث يقدمون خدمات عسكرية وأمنية للحكومات العسكرية.
ولا تكتفي روسيا بالدعم العسكري، بل تشرف على حملات إعلامية ضخمة لتشويه صورة الغرب، وتعزيز نفوذها من خلال الدعاية السياسية، ويمنح التوسع الروسي في أفريقيا موسكو فرصة للسيطرة على الموارد الطبيعية الهائلة، بما في ذلك اليورانيوم والذهب والغاز.
تراجع نفوذ الغرب
وحتى وقت قريب، كانت الولايات المتحدة وفرنسا تلعبان دورًا رئيسيًا في تقديم الدعم العسكري والاقتصادي إلى دول الساحل.
لكن في عام 2023، قامت النيجر بطرد القوات الأمريكية وسحبت منها حق استخدام أكبر قاعدة طائرات دون طيار في المنطقة، ما شكل ضربة قوية للاستراتيجية الأمريكية في مكافحة الإرهاب.
كما انسحبت فرنسا من مالي وبوركينا فاسو، مما سمح للجماعات الإرهابية وروسيا بملء الفراغ الأمني.
وحددت "واشنطن بوست"، عدة عوامل وراء هذه التحولات، وهي:
الانفجار السكاني والفقر
تضم منطقة الساحل أسرع معدل نمو سكاني في العالم، حيث يتوقع أن يرتفع عدد السكان من 400 مليون إلى 700 مليون بحلول عام 2050.
70 % من سكان المنطقة تحت سن 25 عامًا، يعاني معظمهم من البطالة والفقر، ما يجعلهم عرضة للتجنيد في الجماعات الإرهابية أو الانضمام إلى المليشيات المسلحة.
الصراع على الموارد الطبيعية
أفريقيا غنية بالموارد الطبيعية، مثل الذهب واليورانيوم والغاز، ما يجعلها ساحة للصراعات الجيوسياسية بين القوى الكبرى. وبدأت الشركات الروسية والصينية السيطرة على مناجم الذهب واليورانيوم، في حين فقدت الشركات الغربية نفوذها في المنطقة.
ضعف الحكومات المحلية
تعاني العديد من الدول الأفريقية من حكومات ضعيفة غير قادرة على فرض الأمن أو تقديم الخدمات الأساسية، وزادت الانقلابات من عدم الاستقرار السياسي وأدت إلى انهيار المؤسسات الحكومية.
ماذا يحمل المستقبل لأفريقيا؟
أصبحت أفريقيا ساحة رئيسية لصراعات القوى العالمية، حيث تسعى روسيا إلى توسيع نفوذها، في حين تتراجع الولايات المتحدة وفرنسا.
وتستغل الجماعات الإرهابية الفراغ الأمني لزيادة نفوذها، ما يجعل منطقة الساحل الأفريقي إحدى أخطر المناطق في العالم، وحسب "واشنطن بوست"، إذا استمرت الاتجاهات الحالية على ذات النحو، فقد تؤدي الأوضاع في أفريقيا إلى تصعيد دولي يغير النظام العالمي في السنوات المقبلة.