لا يبدو أن مفاجآت سارة تنتظر معسكر الانقلابيين، في اليمن هذا الشتاء، حيث إن الصدام المسلح، بين الحليفين مجرد وقت لا أكثر.
لا يبدو أن مفاجآت سارة تنتظر معسكر الانقلابيين، في اليمن هذا الشتاء، فما كان تحالفا انتهازيا هشاً بين حزب المؤتمر الشعبي، جناح صالح، وميليشيا الحوثي، تحول أخيراً إلى أزمة عميقة، يبدو معها الصدام المسلح، بين حليفي الضرورة، مجرد وقت لا أكثر.
المؤكد أن الأزمة المحتدمة التي تضرب جدار حلف الانقلاب في صنعاء، تخطت دائرة الخلاف على تقاسم الكعكة، تحت تأثير إفرازات حروب صعدة منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة.
ومع أن قطبي الانقلاب (صالح والحوثي) يحاولان اعتساف طبيعة الصراع، في خلافات إجرائية على إدارة مؤسسات الدولة التي ما زالت واقعة في مناطق نفوذ الانقلابيين، بيد أنهما لا يجدان مكانا ملائما لإخفاء التراشقات المسلحة التي تقض مساءات صنعاء من وقت لآخر.
الثابت في اليمن، أن قيادة الحركة الحوثية، قد اتخذت قرار التخلص من علي عبد الله صالح، بعد أن استنفدت حاجتها له، بالتوازي مع تجريده من آخر ورقة قوة عسكرية يراهن عليها لحسم أي صراع مع الجماعة لصالحه.
مع الإشارة، إلى أن الذراع الطائفية الإيرانية في خاصرة الجزيرة العربية، لم تعد تخفي رغبتها الجامحة للانقضاض على شريك الانقلاب وحليف الحرب، وهي رغبة مدفوعة بتراكمات ثأرية عالقة منذ حروب صعدة بجولاتها الست.
يحتل اسم علي عبدالله صالح، صدارة قائمة المتهمين حوثياً بقتل مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، خلال حروب صعدة، وعند هذه النقطة تحديداً، يكون من غير الوارد أن يتخلى فتى الكهف عن ثأر شقيقه
لا تحتاج الحوثية، كحركة فاشية عالقة عند لحظة الانحطاط التاريخي، لسبب ما لتفجر حرباً مع أحد، فهي تخوض حروباً مجنونة وحروباً بالوكالة من دون أن تكلف نفسها عناء التوقف عند استفسارات طارئة من نوع: لماذا؟ وعلى ماذا؟.
بيد أن الأمر يبدو مختلفاً كلياً حين يتعلق الأمر باستقراء النوايا الحوثية المبيتة تجاه” صالح“، وليس جزافاً القول إن ذاكرة الجماعة متخمة بكميات كبيرة من الضغائن تجاه الأخير، لدرجة أنها تكفي لتدشين طبعة عصرية من حرب "البسوس".
بكلمات أخرى، يحتل اسم علي عبدالله صالح، صدارة قائمة المتهمين حوثياً بقتل مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، خلال حروب صعدة، وعند هذه النقطة تحديداً، يكون من غير الوارد أن يتخلى فتى الكهف عن ثأر شقيقه، وهو من يبدد جل وقته، في رياضة النواح وضرب الخد لأن "الحسين مات عاطشا" في القرن الهجري الثاني!
في المقابل، لا بد أن الضربات المتتالية التي سددتها ميليشيا الحوثي، الأيام القليلة الماضية، إلى صدر حزب المؤتمر الشعبي، في صنعاء، قد فتحت أعين صالح على أفعى ماكرة تهم بتصميم نهاية عادلة بـ"الراقص على رؤوس الثعابين".
من دون إغفال بديهية أن علي عبد الله صالح، يعي جيداً أنه فشل في شراء ود ميليشيا الحوثي، رغم كلفة الفاتورة التي دفعها ثمناً للتقرب من لوثة سرطانية خبيثة ذات امتدادات إقليمية طائفية، على اليمن دولة وشعباً.
ولأن كان صالح يحاول قدر الإمكان إحناء رأسه لمرور الجائحة الحوثية بسلامة شخصية، أو على الأقل تأخير لحظة انفجار الحرب المؤجلة أكثر وقت ممكن، فإنه يتحرك على الواقع بعقلية المدرك أن الصدام واقع لا محالة.
ثمة وقائع أخرى كثيرة، تعزز فرضية أن صنعاء ستفيق يوماً ما على حريق كبير لا يمكن إخماده، وهذا ما يقوله، على الأقل، التحشيد العسكري المضاد من الطرفين، فضلاً عن تصريحات صحافية للرئيس السابق اتهم فيها ميليشيا الحوثي بالتخطيط لتفجير الوضع عسكرياً في العاصمة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة