صور: سليم اليمني.. شاب يتحدى الإعاقة بالقراءة
يسعى لأن يكون كاسمه "سليما" ومعافى، ويتغلب على قدره الذي جعل منه قعيدا بسبب إعاقةٍ رافقته منذ نعومة أظافره.
إنه الشاب اليمني "سليم محمد"، في العقد الثالث من عمره، أحد ذوي الهمم الذين شقوا طريقهم في الحياة العملية والاجتماعية، دون أن تعوقهم ظروفهم الجسدية.
ورغم أنه لا يتحرك إلا عبر كرسي متحرك، غير أن طموحه ينطلق ليصل أفاقًا لا حدود لها، بل إنه يحلم بما يفوق قدراته، وينتظر من يقف إلى جانبه ويدعم شغفه في الحياة والنجاح.
سليم السليم
في مدينة عدن جنوب اليمن، ولد سليم محمد، قبل نحو 30 عامًا، لكن القدر لم يمهله كثيرًا، فباغته مرض شلل الأطفال؛ الذي تسبب بإعاقته حركيًا، منذ أن كان في ربيعه الخامس.
غير أن سليم لم يستسلم، ومضى في حياته، مستكملاً تعليمه ودراسته الابتدائية والإعدادية، حتى أبهر كل من حوله، وفرض على القريبين منه تسميته بـ"سليم السليم".
وهو الآن يمتلك شهادات علمية وتدريبية في عدة مجالات، أهمها في مجال الحاسوب والبرمجيات، والتي تفوق فيها بدرجة امتياز.
ويبدو أن المقربين من سليم أيقنوا واستوعبوا الدرس الذي أعطاه لكل المحيطين به، من خلال مواصلته وكفاحه في استكمال دراسته، ليؤكد لهم أن الإعاقة لن تمنعه من الحياة، ولن تصادر حقه في العيش بشكل طبيعي.
مرشد الشباب
يقول سليم لـ "العين الإخبارية": "إنه تحدى الإعاقة، لسببٍ بسيط، وهو إثبات أن عدم القدرة على الحركة ليس معناه "الإعاقة الذهنية"، فبإمكان المعاق حركيًا أن يثبت ذاته ويكافح في هذه الحياة، وينجح".
يصفه المقربون منه بأنه "شاب ذكي ومثقف"، كما أنه "محب للقراءة والاطلاع على الكتب"، والبحث عن المعرفة، عبر الأفلام والأعمال الوثائقية في شتى مجالات المعرفة.
كل تلك الصفات جعلت من "سليم" أحد أبرز النماذج الناجحة من ذوي الهمم التي يشار إليهم بالبنان في مديرية البريقة، غرب عدن؛ لتغلبه على الإعاقة الجسدية.
حتى أصبح سليم "سليمًا" بعقله وذكائه وحديثه، ونقاشه، وملاذًا وملجئًا لشباب منطقته ولكل من ينشد الرأي والبصيرة والتوجيه.
كفاح في العلم والعمل
ورغم أن سليم يفتقر لعمل ومصدر دخل ثابت وكافٍ لإعالة نفسه، إلا إنه يجتهد ليعف ذاته، من خلال بعض الأعمال هنا وهناك.
فهو يعمل حاليًا كمساعد خاص لمدير المكتبة الثقافية بنادي الشعلة الرياضي والثقافي في مديرية البريقة بعدن، ويذهب بشكل شبه يومي إلى المكتبة لفتح أبوابها أمام القراء.
كما أنه ينهل هو الآخر مما تجود به هذه المكتبة، ويبدأ يوميًا رحلته الخاصة بين رفوفها، وفي ثنايا الكتب؛ لإضافة أحدها إلى قائمة المراجع التي قرأها.
وسبق لسليم أن عمل في محل لبيع الخضار، بالإضافة إلى ممارسته لعمل "السمسار"، أو "الدلّال" بلهجة أهل عدن، في مجال بيع وشراء الأراضي والعقارات واستئجارها.
كل ذلك في سبيل إعالة نفسه، ومساعدة أسرته، خاصة في ظل مرض والده المسن المقعد هو الآخر؛ بسبب مرض ألمَّ به.
يناشد أصدقاء سليم والمقربين منه، السلطات الحكومية في مدينة عدن اليمنية، للاهتمام بسليم وأمثاله ممن يكافحون ويجتهدون.
خاصةً في ظل الحرب التي تعيشها اليمن، والتي فرضتها المليشيات الحوثية على البلاد، وحولت حياة اليمنيين إلى جحيم.
فأحلام سليم ليست مستحيلة، بل هي بسيطة تمامًا كبساطة نفسه المجتهدة والمكافحة، فهو لا يطلب أكثر من وظيفة مدنية، تضمن له ولأسرته دخلاً ثابتًا يعينهم على نوائب الدهر.