سامي الطاهري.. يساري تونسي محنك يقض مضاجع الإخوان
سامي الطاهري.. نقابي محنك يحمل في جرابه قضية شعارها (وحدة الوطن لا يكون إلا بوحدة عماله وكل شرائحه)
صعد درجات السلم اليساري القومي في تونس، حتى بات قياديًا نقابيًا، منذ بداية الألفية، وصولا إلى عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل، منذ سنة 2011.
السياسي التونسي المحنك سامي الطاهري اكتسب زخمًا بمعاصرته لجيلي النظامين البورقيبي والنوفمبري- نسبة للرئيس الأسبق زين العابدين بن علي- إلى أن حل في فترة اختلاط الفوضى بضعف الدولة والإرهاب بالترهيب الإخواني.
- إضراب الموظفين.. زلزال يضرب حكومة الشاهد وإخوان تونس
- حكومة الشاهد والإخوان عاجزة أمام تصعيد الاتحاد التونسي للشغل
الطاهري نقابي محنك يحمل في جرابه قضية شعارها (وحدة الوطن لا يكون إلا بوحدة عماله وكل شرائحه)، فكرة رددها كثيرًا في تصريحاته الإعلامية، فكل رؤية تقدمية يجب أن تتعارض مع عباءة القرون الوسطى التي لا يزال الإسلام السياسي يرتديها إلى اليوم.
حصل الطاهري على جائزة نوبل للسلام، سنة 2015، ضمن كوكبة تونسية، ضمت كلا من الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وهيئة المحامين واتحاد أصحاب الأعمال، لم ينطلق اليساري التونسي قياديًا في صفوف أكبر منظمة نقابية بالبلاد، وإنما تدرج من القاعدة كتلميذ في سبعينيات القرن الماضي إلى أن صار نقابيًا بارزًا في نقابة التعليم الثانوي طيلة السنوات الأولى للألفية الثالثة، ثم معارضًا شرسا للأفكار الظلامية والقراءات المنغلقة للسياسة، وناقدًا مغوارًا لحزب النهضة الإخواني، قبل صعوده إلى عضوية المكتب التنفيذي لاتحاد الشغل أو ما يعرف بالمركزية النقابية.
بين السياسة والاجتماع
أستاذ العلوم الاجتماعية جهاد العيدودي تحدث لـ"العين الإخبارية"، مؤكدًا أن شخصية الطاهري تمثل نموذجًا للشخصية النقابية التونسية التي لا تفصل في مواقفها بين المطلب السياسي والاجتماعي، لافتًا إلى أن الأصوات التي تنادي بفصل بين الشأنين يحملون أبعادًا مغرضة تحاول إيقاف نقد الحكومة.
ويضيف العيدودي: "برز الدور الكبير للطاهري بعد 2011، عندما حاولت الأطراف الإخوانية الاستحواذ على الحكم وتحويل وجهة الدولة من مدنية إلى دينية تعادي محيطها الإقليمي".
شارك الطاهري المزاج التونسي الرافض لحكم الترويكا (2011-2014)، عقب اغتيال بلعيد والبراهمي سنة 2013، عندما كانت هواجس الرعب ساكنة في وجدان التونسيين؛ خوفا من سرطان التنظيم الذي بدأ في قضم مدخرات التاريخ الحداثي لتونس.
عندها لم يتأخر الاتحاد ومعه "الطاهري" بقيادة حسين العباسي الأمين العام في قلب الطاولة على "التكتيكات" لرئيس حزب النهضة الإخواني راشد الغنوشي، وسحب البساط من مشاريعه الدموية الانتقامية، فكان النزول للشارع فاصلا مهما وجوهريا من أجل إخراج التنظيم من الحكم، وتطهير المسكن التونسي وتلويثات فتاوى القرضاوي والاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
جدار الصد ضد الشاهد والإخوان
لا ينكر أحد خطوات الطاهري ضد سياسات تحالف يوسف الشاهد والإخوان، باعتبارها سياسات "تفقيرية" للشعب التونسي، فدافع بشراسة عن ضرورة تغيير منظومة الحكم، لأنها تتلقى التعليمات من صندوق النقد الدولي ولا تستمع لمشاغل المواطنين.
وبات الطاهري أحد الأصوات العالية المنادية بالإضراب العام، إذ يرى أنها الفرصة الأخيرة لانتزاع حقوق العمال ضد تحالف حكومي متغطرس وغير قادر على إنتاج القيمة المضافة الاقتصادية والاجتماعية، فكان في الصفوف الأولى لإضراب 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، وفي الواجهة الأولى للإضراب العام ليوم 17 يناير/ كانون الثاني 2019 .
وهنا يقول سالم الرياحي القيادي بحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد: "إن الطاهر كان ولا يزال الأقدر على تعبئة الجماهير داخل اتحاد الشغل"، مذكرًا بمواقفه الحازمة تجاه حكم الترويكا، إبان اغتيال شكري بلعيد (يسار) في 6 فبراير/ شباط 2013.
ويرى الرياحي أن الاتحاد هو ورشة لتكوين النقابيين، ولا يمكن أن يكون إلا اجتماعيا بعيدًا عن التيارات اليمينية الدينية، خاصة الإسلام السياسي الذي عارض تحركات النقابين سنة 1978 (الخميس الأسود)، مؤكدًا أن الطاهري رفيق سابق لشكري بلعيد، حيث يحمل هذا الرجل في لسانه فصاحة لغوية استمدها من أسوار المدارس (أستاذ تعليم ثانوي)، وصلب في الدفاع عن طبقة العمال، كأنه ماو تسي تونغ جديد يقفز من الماضي إلى حاضر تونسي تتشابك فيه الصور.
ويواجه الطاهري تشويها من قبل المليشيات الإلكترونية لتنظيم الإخوان الإرهابي، لأنه ببساطة عنوان صعب في المعادلة النقابية، يقض مضاجعهم ويفضح ألاعيبهم السياسية.
ويؤكد الكاتب في المجال السياسي محمد الزايدي أن الإخوان يعارضون كل الأصوات الحرة، ويمتلكون من الأموال المشبوهة التي تتجند لتشويه خصومها وضرب الأشخاص الفاضحة لإجرامها وفسادها.
وشدد على أن الإخوان يضمرون عداوة تاريخية للمنظمة الشغيلة تحت عنوان العداء الأيديولوجي، وهو عداء فطري لكل الأصوات المؤمنة بالحرية والتقدم.