حكومة الشاهد والإخوان عاجزة أمام تصعيد الاتحاد التونسي للشغل
مع نجاح الإضراب في تونس يعتزم الاتحاد العام للشغل اتخاذ خطوات تصعيدية وسط احتجاجات تضرب البلاد ويصل مداها إلى المطالبة بإسقاط النظام
يعتزم الاتحاد العام التونسي للشغل اتخاذ خطوات تصعيدية أخرى في مواجهة تحالف رئيس الحكومة يوسف الشاهد والإخوان، وذلك بعد نجاح الإضراب العام الذي دخله موظفو الحكومة والقطاع العام في تونس، الخميس، بدعوة من المركزية النقابية، عقب فشل المفاوضات مع الحكومة، إلى جانب فشل هيكلي في السياسات المعتمدة بالبلاد.
خطوات متوقعة وفقاً لسيناريو تصاعدي للاحتجاجات التي تشهدها تونس، والتي وصل مداها إلى المطالبة بإسقاط النظام، وهو الشعار الذي يراه المحتجون منطقياً بعد تردي الأوضاع الاجتماعية وانهيار القدرة الشرائية وعجز الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2011 على وضع سياسات إصلاحية تحفظ العيش الكريم للمواطن التونسي.
ووفقاً لأحدث الأرقام، فقد وصلت الأوضاع الاقتصادية إلى أدنى مستوياتها، خاصة مع ارتفاع نسب الفقر سنة 2018 إلى 20% بعد أن كانت في حدود 10% سنة 2010، ومع نسبة تضخم قاربت 8% بعد أن كانت 4% سنة 2010.
أرقام جعلت من كل القطاعات المهنية والحيوية تنتفض ضد حكومة الشاهد والإخوان، فكان ظهور "حملة السترات الحمراء" في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018، ثم حملة "باسطا" (كلمة إسبانية تعني يكفي) في شهر ديسمبر/كانون الأول، لتعرف بعدها الحكومة موجة انتقادات واحتجاجات من الأطباء والمحامين والإعلاميين لتصل إلى الإضراب العام في القطاع العام والوظيفة العمومية.
وبمشاركة مئات الآلاف من الموظفين والعمال والعاطلين عن العمل في غالبية المحافظات التونسية في هذا الإضراب، بلغت نسبة نجاحه 100%، بحسب مراقبين.
الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري يؤكد لـ"العين الإخبارية" أن الهيئة الإدارية للاتحاد (قيادات المنظمة من كل القطاعات) ستجتمع، غداً السبت، لاتخاذ أشكال تصعيدية أخرى ضد الحكومة، مشيراً إلى أن هذا التحالف الحكومي يعمل على تفريط تونس في سيادتها الوطنية من خلال "الارتهان" لصندوق النقد الدولي.
وقال الطاهري إن المنظمة الشغلية ستدافع على حقوق الشعب التونسي ضد "المافيات" و"اللوبيات" التي زرعت الفقر في تونس.
وكان أمين عام المنظمة نور الدين الطبوبي قد أعلن عزمه على ما أسماه "تقليم" أظافر التحالف الحكومي الذي يريد ضرب أي حس مدني في تونس، وذلك في إشارة لحملات حزب النهضة الإخواني التي تستهدف تشويه العمل النقابي.
إضراب عام مفتوح في الأفق
لا يبدو أن غيوم الصراع بين الاتحاد العام التونسي للشغل ستنقشع قريباً في ظل منسوب عالٍ من التوتر بين الجانبين، الاتحاد يرى أن القضية التي يدافع عنها هي قضية اجتماعية وإنسانية، والحكومة تتجاهل ذلك وتعتبر أن الامتثال لإكراهات صندوق النقد الدولي هو الحل الأمثل.
القيادي النقابي الهادي الطرشوني (نقابة الثقافة والإعلام) يؤكد لـ"العين الإخبارية" أن الهيئة الإدارية بإمكانها الذهاب في تصعيد جديد يتمثل في إقرار إضراب عام آخر يشمل هذه المرة كل من قطاع الوظيفة العمومية والقطاع العام والخاص.
وقال إن الاتحاد يملك كل الأدوات النضالية الكاملة للدفاع عن قواعده وعن حق الشعب التونسي في رواتب محترمة تليق به، كما بيّن أن الإضراب قد يتجاوز في المرة المقبلة اليوم الواحد وقد يكون إما يومين أو مفتوحاً في حال مواصلة الحكومة رفضها الاستجابة للمطالب الاجتماعية.
معركة خاسرة مع الشعب
يرى النائب في البرلمان التونسي زهير حمدي (قومي) أن التحالف الحكومي دخل معركة خاسرة مع الشعب التونسي، مؤكداً أن الاتحاد يمثل نبض الآلاف من العمال والموظفين ومن غير المنطقي تجاهل الأزمة الاجتماعية أو معالجتها بطريقة "استعلائية" على حد تعبيره.
ويتوقع حمدي أن المصير السياسي لهذه الحكومة سيكون السقوط والانهيار، مبيناً أن كل الحكومات على امتداد التاريخ المعاصر في تونس منذ سنة 1956 إلى اليوم أثبتت أنها غير قادرة على لي ذراع منظمة الشغل.
من جانب آخر، تبنى حزب نداء تونس، (الحزب الذي ينتمي له رئيس الدولة الباجي قايد السبسي) الحراك الاجتماعي في تونس وبالتالي تتوسع عزلة الإخوان والشاهد وسط بركان من الرفض الشعبي ووسط إدانات قضائية لحزب النهضة بالتورط في الاغتيالات السياسية، من خلال امتلاكها جهازاً سرياً.
تحالف هش سينتهي بحسب مراقبين إلى الانحلال السياسي بعد اهتراء مشروعيته الشعبية والأخلاقية، قد ينتهي معه أيضاً المستقبل السياسي لرئيس الحكومة يوسف الذي خاض تجربة انتحارية بتحالفه مع الإخوان، أو ما يسميه البعض "مستنقع الإرهاب والتدمير".
aXA6IDMuMTUuMTQ5LjI0IA== جزيرة ام اند امز