كورونا الجديد.. شفافية الصين تنقذ العالم
كورونا يبدأ الانتشار من سوق ووهان هوانان لبيع المأكولات البحرية، حيث بيع عدد من الحيوانات البرية مثل كلاب الراكون والثعابين
بعد عقدين تقريبا من الزمن، تصبح آسيا مرة أخرى على شفا وباء جديد، وهو فيروس كورونا الجديد الذي يشبه بشكل مخيف وباء السارس (مرض الالتهاب الرئوي الحاد) الذي أصاب أكثر من 8 آلاف شخص وقتل 774 في جميع أنحاء العالم بين نوفمبر/تشرين الأول 2002 ويوليو/تموز 2003.
في مقاطعة قوانجدونج الجنوبية الواقعة على بعد حوالي ألف كيلومتر من ووهان (مهد وباء كورونا)، كان "لي" (ليس اسمه الحقيقي)، يبلغ من العمر آنذاك 15 عاما، ويدرس بالمدرسة الثانوية، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
في أحد الأيام التي كانت تعمل فيها الفصول الدراسية كعادتها بشكل طبيعي، تفاجأ الطلاب بإبلاغهم بعدم استطاعتهم العودة إلى منازلهم بين فصولهم النهارية والمسائية، لذلك تجمع الآباء خارج بوابة المدرسة لنقل صناديق الطعام إلى أطفالهم.
"مدرستي كان ينبعث منها رائحة الخل من كل مكان، اعتقادا من مسؤوليها أن أبخرة الخل ستساعد على منع انتشار المرض"، بهذه العبارة بدأ "لي" حديثه عن وضع بلاده في بداية انتشار فيروس السارس.
في ذاك الوقت، لم تكن هناك قطارات فائقة السرعة تربط ووهان بالمدن الأخرى، وبدت قوانجدونج، حيث بدأ الوباء، بعيدة جدا، وبدأ الناس في ارتداء الأقنعة.
أعلن عن الوباء للمرة الأولى في فبراير/شباط 2003، ولكن بحلول ذاك الوقت كان قد مر على البلاد بالفعل أشهر منذ تفشيه، ولقي 5 أشخاص مصرعهم وأصيب 300 آخرون في مقاطعة قوانجدونج.
وبعد نحو 5 أشهر من تفشي المرض، أعلن علماء أمريكيون وكنديون توصلهم إلى التركيب الجيني الذي يُعتقد أنه سبب ظهور فيروس السارس.
وقال إيفان هونج، المتخصص في الأمراض المعدية بجامعة هونج كونج: "كان من الصعب للغاية في ذاك الوقت السيطرة على تفشي المرض، لأنه لم يكن لدينا أي فكرة عن سبب الوباء".
وأشار مدير الصحة السابق في هونج كونج لي شيو هونج إلى عدد من المشكلات التي واجهت البلاد وأدت إلى تفشي الوباء، منها نقص الملابس الواقية للعاملين الطبيين وسلطات المستشفيات غير المُعدة جيدا، فضلا عن العيوب الأساسية في نظام الرعاية الصحية، مثل الأجنحة المكتظة بالمرضى وسوء التهوية.
وتفاقم الوضع بشكل كبير في فترة انتشار وباء السارس في الصين، إذ انتابت حالة من الرعب الكثيرين، لدرجة أن الناس فضلوا البقاء في المنزل إذا لم يضطروا إلى الذهاب إلى عملهم أو مدارسهم.
ولكن يبدو أن الصين تتعلم من أخطائها في مواجهة الأوبئة، ففي الأسابيع الـ6 الماضية منذ اكتشاف أول حالة لفيروس كورونا الجديد في ووهان، أصبح من الواضح بالفعل أن الصين اليوم ليست مثلها مثل عام 2003، إذ أبلغت منظمة الصحة العالمية بالفيروس الجديد في 31 ديسمبر/كانون الأول 2019، أي بعد أقل من 3 أسابيع من اكتشاف الحالة الأولى في 12 ديسمبر/كانون الأول.
وقال بيتر دازاك، رئيس منظمة EcoHealth Alliance غير الربحية، التي تعمل في مجال الأمراض المعدية الناشئة، إن الشفافية والتحديد الفوري للسلالة الجديدة سمح للدول الأخرى بتطوير اختبارات للفيروس في وقت مبكر، ما سيساعد على احتواء المرض.
وأشاد الخبراء بالصين لكونها شفافة بشأن تفشي المرض، كما أبدى الكثيرون إعجابهم بقرار الصين غير المسبوق هذا الأسبوع بوقف النقل من ووهان خلال أكبر عطلة في البلاد، كل ذلك بالإضافة إلى أن السكان الصينيين أكثر وعيا بكيفية حماية أنفسهم من انتشار المرض.
وقال المسؤولون إن الوضع سيتحسن، إذ خصصت المزيد من المنشآت الطبية للكشف عن الفيروس وعلاجه، ووفقا لتقارير وسائل الإعلام الرسمية، ووهان تخطط لبناء مستشفى جديد في 6 أيام.
وفي 2003 تم تتبع الفيروس التاجي الذي تسبب في ظهور السارس وهو قط الزباد وهو حيوان بري يعتبر طعاما لذيذا في بعض مناطق جنوب الصين، وبعد اندلاع المرض حظرت الصين ذبح واستهلاك قطط الزباد.
أما في هذه المرة، فيُعتقد أن تفشي فيروس ووهان التاجي بدأ في سوق ووهان هوانان لبيع المأكولات البحرية الذي أغلق الآن، حيث بيع عدد من الحيوانات البرية، بما في ذلك كلاب الراكون والثعابين، إذ يعتقد الخبراء أن كورونا كان يحمله الحيوانات (ربما الثعابين) ثم انتقل إلى البشر.
ففي هذه المرة، معروف ماهية المرض، بالإضافة إلى وجود لقاحات محتملة يمكن تجربتها، ولذلك هناك اعتقاد بأن تفشي فيروس كورونا الحالي لن يكون له التأثير نفسه الذي كان عليه مرض السارس في عام 2003.