السعودية تحبط مؤامرات الإخونجية قبيل الحج
مع كل مناسبة دينية، مثل موسم الحج أو شهر رمضان، تعيد السعودية التذكير بإجراءاتها لتيسير أداء مناسك الحج والعمرة.
فشل ذريع لجماعة الإخوان الإرهابية وحليفها تنظيم "الحمدين" في تآمرهما على السعودية بعد تجرأهما على الدين والدعوة لمقاطعة الحج.
ووصل المملكة حتى أول أمس السبت نحو مليون حاج، وسط توقعات بتضاعف هذا العدد خلال الأيام المقبلة.
وكان مفتي تنظيم الإخوان الإرهابي في ليبيا صادق الغرياني، الذي دأب على إصدار فتاوى مضللة، قد دعا، قبل أسابيع، إلى عدم تكرار أداء الحج، داعيا لتوجيه نفقاته للمليشيات المسلحة التي تقاتل ضد الجيش الوطني الليبي.
قناة الفتنة "الجزيرة" الذراع الإعلامية لتنظيم الحمدين، سرعان ما تلقفت فتوى الغرياني المضللة، وألبستها لباسا فضفاضا لتعميم الدعوة للمسلمين بمقاطعة الحج، مستعينة في ذلك بالإخونجي عصام تليمة السكرتير السابق لمفتي الإرهاب الإخونجي يوسف القرضاوي.
ولم تكن فتوى الغرياني ودعوة تليمة الأولى من نوعها للتنظيم الإرهابي، فقد استبقتهما فتوى غريبة من القرضاوي العام الماضي حاول فيها إسقاط الركن الخامس من أركان الإسلام والتقليل من أهميته وجعله كسائر النوافل، خدمة لتنظيم الحمدين الذي فشل في منع مواطنيه من أداء الشعيرة.
تحالف ثلاثي الشر.. واستغلال الحج سياسيا
وتشترك 3 أطراف في السعي لتسييس الحج، هم النظام الإيراني وتنظيم الحمدين وجماعة الإخونجية، إلا أن السلطات السعودية تقف دائما بالمرصاد لأي محاولات تعكر على ضيوف الرحمن صفو عبادتهم، وتفسد أي مؤامرة تستهدف التشويش على جهودها في خدمة ضيوف الرحمن.
سعي تنظيم الإخوان الإرهابي منذ تأسيسه إلى استغلال فريضة الحج لأهداف سياسية، وإن اختلفت تلك الأهداف في بدايات تأسيس التنظيم عن الفترة الحالية.
ففي البدايات كان الإخونجية يستغلون الحج للترويج لأفكار الجماعة واستقطاب الأنصار، ولكن تلك الأهداف اختلفت بعد تصنيف السعودية الإخوان كتنظيم إرهابي، ثم مقاطعتها قطر -الداعمة لهم- لدعمها الإرهاب، حيث تحول التنظيم إلى التآمر على السعودية خلال موسم الحج.
في 17 مارس 1935 اعتمد مجلس الشورى العام الثالث للإخوان المنعقد في القاهرة لائحة الحج التي تحث كل فرد من الجماعة على التجهز لأداء فريضة الحج في حدود استطاعته، وكان حسن البنا مؤسس الجماعة ومرشدها من الحريصين على الخروج في رحلات الحج.
وفي موسم الحج عام 1936؛ كان اللقاء الشهير بين حسن البنا ومؤسس المملكة الملك عبدالعزيز، والذي طلب فيه البنا إنشاء فرع لجماعة الإخوان المسلمين في السعودية، فرفض الملك عبدالعزيز قائلاً: «كلنا مسلمون وكلنا إخوان فليس في دعواك جديد علينا»، وهو ما دفع الجماعة إلى مساع أخرى، وهي نشر أفكارهم من خلال البعثات الدعوية إلى المملكة خلال مواسم الحج وتشكيل خلايا للجماعة في السعودية.
وبعد حل الجماعة في مصر سنة 1948 ثم في عام 1954 بعد تورطها في محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر، غادر عدد كبير من عناصر الجماعة مصر، واتجه عدد منهم إلى السعودية، مستفيدين من الخلافات بين البلدين آنذاك.
وبعد وفاة عبدالناصر والإفراج عن الإخونجية المعتقلين عام 1971، انتهز حسن الهضيبي وهو المرشد الثاني للجماعة فرصة الحجّ سنة 1973، فعقد أوّل اجتماعٍ موسّعٍ لـ"الإخوان" في مكة المكرّمة.
ومع نجاح الثورة الخمينية في إيران 1979، سمح التشابه بين أفكار الإخوان وأيديولوجية أصحاب العمائم السوداء في قم ومشهد للتقارب المبكر بين الجماعة الإرهابية وإيران، وتلاقت أهداف الإخوان والنظام الخميني في تسييس الحج، حيث سعت إيران وتحت شعار "تصدير الثورة" إلى استغلال مواسم الحج للإعلان عن مواقف سياسية كانت تتبناها إيران عبر إقامة مراسم ما يسمى بـ"البراءة من المشركين".
وإعلان "البراءة من المشركين" هو شعار طائفي ألزم مرشد إيران الخميني الحجاج الإيرانيين برفعه وترديده في مواسم الحج، من خلال مسيرات أو مظاهرات "تتبرأ ممن يعتبرونهم مشركين"، باعتبار أن الحج يجب أن يتحول من مجرد فريضة دينية إلى فريضة سياسية.
وكانت جماعة الإخوان أول من أيد ما سُمي بـ"الثورة الإسلامية" في إيران عام 1979، وطالبت كل مسلمي العالم بالتأسي بمسلمي إيران، فكانت هذه الجماعة أول من ذهب إلى إيران بعد سقوط الشاه مباشرة؛ لتهنئة المرشد الإيراني الخميني.
وقفت السعودية بحزم أمام محاولات تسييس الحج، مشددة على أهمية المحافظة على مقاصد الحج الإيمانية، وتعظيم شعيرة الحج واستغلاله في بذل الطاعات والعبادات تقربًا لله، وعدم الخروج عن شعيرة هذا النسك العظيم برفع أي شعارات سياسية أو مذهبية.
فلجأ الإخوان إلى العمل في الخفاء خلال مواسم الحج لتحقيق أهدافهم، إلا أن كان التحول الجذري في التعامل مع التنظيم الإرهابي خلال عام 2013، مع سقوط القناع الزائف للإخوان، وتبنيها علنا الإرهاب، والعمل على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وذلك في أعقاب الثورة عليهم في مصر وإسقاط حكمهم في يونيو/حزيران من العام نفسه.
وخلال موسم الحج عام 2013، احتشد أتباع جماعة الإخوان لرفع شعار "رابعة" على جبل عرفات، رغم التحذيرات السعودية بعدم إقحام السياسة في المناسك الدينية.
وفي مارس 2014، صنفت السعودية الإخوان كتنظيم إرهابي، وذلك بالتزامن مع إعلان السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من الدوحة، وذلك لعدم التزام قطر باتفاق مبرم في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، بالعاصمة السعودية الرياض، وكان من بين بنوده وقف دعم تنظيم الإخوان الإرهابي، وطرد العناصر التابعة له من غير المواطنين من قطر.
وبدأت منذ ذلك الحين مؤامرات جديدة من الإخوانجية وتنظيم الحمدين على موسم الحج، أخذت شكلا أكثر خبث وشراسة بعد إعلان الدول الداعية لمكافحة الإرهاب في 5 يونيو/حزيران 2017 مقاطعة قطر لدعمها للإرهاب.
نشط تنظيم الحمدين وآلته الإعلامية بالتعاون مع جماعة الإخوان الإرهابية في الترويج شائعات حول قيام المملكة بمنع القطريين من أداء الحج، ومحاولة التشويش على الخدمات التي تقدمها المملكة لضيوف الرحمن، والمطالبة بتدويل الحج، في مؤامرات أفشلتها السعودية جميعا.
ومنذ إعلان الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب في 5 يونيو/حزيران 2017 مقاطعة قطر لدعمها للإرهاب، حرصت السعودية على عدم تأثر الشعب القطري بأفعال حكومته الداعمة للإرهاب، وقامت بتيسير كل السبل أمامهم لزيارة البيت الحرام وأداء مناسك الحج والعمرة.
ومع كل مناسبة دينية، مثل موسم الحج أو شهر رمضان، تعيد السعودية التذكير بإجراءاتها لتيسير أداء مناسك الحج والعمرة، مع إضافة استثناءات وتسهيلات جديدة متنوعة لمواجهة العراقيل التي يضعها تنظيم الحمدين أمام القطريين لزيارة بيت الله الحرام.
القرضاوي والغرياني.. و"الجزيرة"
وفي إطار تلك المؤامرات، دخل مفتي الإرهاب الإخونجي المقيم في قطر يوسف القرضاوي على الخط بإصدار فتوى غريبة عام 2018 بمحاولته التقليل من أهمية أحد أركان الإسلام، محاولاً خلالها إثنائهم عن أداء هذه الفريضة.
وقال يوسف القرضاوي في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إن "هذا الحج ليس لله تعالى حاجة فيه.. الله غني عن العباد، وإذا فرض عليهم فرائض فإنما ذلك ليزكوا أنفسهم وليرتقوا في معارج الرقي الروحي والنفسي والأخلاقي إلى ربهم، ولتتحقق لهم المنافع المختلفة في حياتهم".
وأضاف في تغريدة أخرى: "لو أن المسلم فقِه أنه حينما يطعم جائعاً، أو يداوي مريضاً، أو يؤوي مشرداً، أو يسهم في مشروع ذي بال، أن هذا أفضل عند الله من الإنفاق على الحج والعمرة كل عام؛ لكان المفروض أن يشعر باللذة الروحية أكثر مما يشعر به حين يحرم ويطوف بالبيت ويقول: (لبيك اللهم لبيك)".
فتوى القرضاوي الذي حاول فيها إسقاط الركن الخامس من أركان الإسلام والتقليل من أهميته وجعله كسائر النوافل، جاءت لتخفيف الضغط الشعبي على الحكومة القطرية بعد فشلها في منع مواطنيها من أداء هذه الشعيرة، وتبرير خطوة النظام في الدوحة.
وخرجت هذه الدعوات القطرية بعد نجاح موسم الحج الماضي الذي أبهر العالم، حيث تمكّن ضيوف الرحمن من أداء مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمن وأمان، معربين عن بالغ شكرهم لقادة المملكة وشعبها على جميع التسهيلات والخدمات التي قدمت لهم.
وقبيل أسابيع من موسم الحج 2019، طل مفتي تنظيم الإخوان الإرهابي في ليبيا صادق الغرياني، الذي دأب على إصدار فتاوى مضللة، بإصدار فتوى بعدم تكرار أداء فريضة الحج والعمرة لمن أداهما، داعيا لتوجيه نفقات الحج والعمرة للمليشيات المسلحة التي تقاتل ضد الجيش الوطني الليبي.
قناة الفتنة "الجزيرة" الذراع الإعلامية لتنظيم الحمدين، سرعان ما تلقفت فتوى الغرياني المضلة، وألبستها لباسا فضفاضا لتعميم الدعوة للمسلمين بمقاطعة الحج.
ونشرت "الجزيرة" عبر موقعها الإلكتروني مقالا للإخونجي عصام تليمة السكرتير السابق لمفتي الإرهاب الإخونجي يوسف القرضاوي يروج لدعوة الغرياني ويؤصل لها -عبر أسلوب الإخونجية المعتاد في المتاجرة بالدين وإعادة تأويل النصوص بما يتوافق وأهدافهم-، ويدعو علماء الأمة والمسلمين لدعم الفتوى وترويجها والتجاوب معها تحت مزاعم مسيئة للمملكة.
تلك المؤامرة تزامن مع دعوات إيرانية متجددة لممارسة مراسم ما يسمى "البراءة من المشركين".
وفي مواجهة تلك المؤامرات على تسييس الحج، وإطلاق شعارات سياسية ومذهبية، جاء الموقف السعودي واضحا وحاسما وحازما، وسط دعم وتأييد ومساندة لهذا الموقف من مختلف المؤسسات الدينية في المملكة والعالم الإسلامي، حرصا على أمن حجاج بيت الله الحرام.
تحذير متجدد
وجددت السعودية أكثر من مرة، كان آخرها أمس الأحد، دعوتها حجاج بيت الله الحرام "ليتفرغوا لأداء شعائر الحج ومراعاة إخوانهم وخصوصية الأماكن المقدسة وروحانيتها والابتعاد عن كل ما يعكر صفو الحج وسكينته برفع أي شعارات سياسية أو مذهبية".
وشددت على أنه "لن تقبل مثل هذه التصرفات بأي حال من الأحوال، وسيتخذ بشأنها الإجراءات اللازمة كافة، للحيلولة دون القيام بها وتطبيق ما تقضي به الأنظمة والتعليمات، حيال من يقدم على ذلك".
وشدد وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، على أهمية التزام الحجاج بأداء شعيرة الحج بلا رفث ولا فسوق ولا جدال، محذراً من بعض التصرفات التي يقوم بها بعض الناس من محاولة التشويش وإثارة البلبلة بين الحجاج أو زعزعة أمنهم.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس في مكتبه بمحافظة جدة على هامش إطلاق الحملة الدعوية "الحج دعوة ومنهج قويم 1440", التي تنفذها الوزارة لأول عام، ويستمر حتى نهاية موسم الحج.
ونوه بالجهود التي تقوم بها المملكة العربية السعودية بفضل من الله سبحانه وتعالى لحجاج بيت الله الحرام من جميع الأسباب التي تهيئ للحاج الجو الروحاني الذي يستطيع من خلاله القيام بنسك على الوجه الأكمل الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، ويحقق براءة ذمته.
وقال: "إن من يحاول إثارة البلبلة أو إزعاج الحجاج والتشويش عليهم، لا شك أنه آثم في الدنيا والآخرة، مبيناً أن توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك الصالح والإمام العادل سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله- بعدم إثارة مثل هذه الأمور إنما هو من منطلق أمر الله سبحانه وتعالى والقيام برسالته التي أوكلها الله إليه من جعل موسم الحج لعبادة الله فقط".
وبالتزامن مع التحذير السعودي تتواصل توافد قوافل ضيوف الرحمن إلى المملكة لأداء فريضة الحج، معلنين فشل كل مؤامرات الإخونجية والحمدين، وسط تكامل الخدمات في السعودية، سواء على الصعيد الديني أو الصحي أو الأمني، وتوفير كل ما من شأنه أداء الحجاج مناسكهم بسهولة ويسر وأمن، ليعودوا إلى بلادهم بحج مبرور وذنب مغفور.