الحكومة السعودية أظهرت قوة استثنائية ولم تتأثر وتعمل بسياسة "الفعل ورد الفعل" للرد على المتآمرين.
يعتبر اختفاء ثم إعلان وفاة الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، قضية حاول أعداء السعودية، مملكة وشعبا، استغلالها ضد المملكة.
لكن الحكومة السعودية أظهرت قوة استثنائية ولم تتأثر وتعمل بسياسة "الفعل ورد الفعل" للرد على المتآمرين، بل أخذت وقتها اللازم للتحري وتقصي الحقيقة بكل عقل ورصانة وحكمة إلى أن توصلت إليها.
وفور الكشف عن الحقيقة أثبتت المملكة التي لها وزنها في المنطقة والعالم أنها دولة القانون والمحاسبة والنزاهة والشفافية، لتقف وتحاسب المسؤولين عن تصعيد الوضع لدى التحقيق مع خاشقجي ليصل لهذه النتيجة التي صدمت العالم والمملكة، وهذا موقف سيذكره التاريخ للمملكة رغم الصور السوداء والسيناريوهات التي يحيكها الأعداء ويحاولون توجيه العالم نحو عداء ليس فقط للحكومة وملكها وسمو ولي العهد، بل للشعب السعودي والعالم الإسلامي عموما.
وسائل الإعلام التي تدعي أنها قوية وذكية ومهنية سقطت في الفخ التركي القطري الإيراني الذي أراد استغلال قضية خاشقجي لأطول مدة ممكنة، وعن غير حق لا إنساني ولا شرعي ولا قانوني
ويتحول عالمنا إلى مكان مخيف ومرعب، خاصة عندما تتحول الحكومات التي تقمع الإعلام وحرية الرأي وتدعم الإرهاب إلى مصادر للأخبار يروج لها الإعلام الدولي، وخاصة بعض الوسائل التي طالما وثقنا بمصداقيتها ومهنيتها.
هذا ما وقع تحديدا في قضية اختفاء الإعلامي السعودي، والتي تحولت معها الحكومة التركية و"مصادرها" و"مسؤولوها" لوكالة أنباء دولية، غاب عنها قانون الإعلام وأخلاقيات الصحافة.
وأخذ السرد القصصي في هذه القصة التي اتخذها العالم جريمةً مشوقة، حولت أغلب وسائله إلى صحافة صفراء، منحى ومنعرجا نسي معه الجميع ما تمارسه تركيا تحت حكم أردوغان من قمع للكتاب والإعلاميين والناشطين، بلد لا يعترف بحرية التعبير وحقوق الإنسان، هل من القبول أو المشروع أن ننقل عنهم خبرا مهما كان؟
تعتبر الصحافة والكتابة عموما من المهن التي يتعرض أصحابها للخطر بشكل متواصل، خاصة إذا ما تناقضت أفكارهم وآراؤهم مع من في السلطة، فالقلم سلاح والكلمات رصاص إذا خرج لا يمكن أن يعود.
ومنذ بداية تطور الإنسانية، رأينا في كل دول العالم، وبدون استثناء، كتّابا يقتلون أو يهجرون أوطانهم ليعيشوا في ملاجئ آمنة.
وإذا ما بحثنا بدقة ورصدنا عدد هؤلاء فسنجد عشرات الآلاف منهم من وصلتنا قصصهم، ومنهم من لا نعلم عنهم شيئا.
وهنا كإعلامية لا أريد بكلامي هذا أن أبحث عن مبررات لقتل من يعبرون عن آرائهم مهما كانت هذه الآراء مستفزة أو تشكل مخاطر على بلدانهم، وحتى لمن يمثلون تهديدا لأمن دولهم، أرى دائما بضرورة محاكمات مدنية نزيهة في حقهم.
ولتذكير من يتصور أن الحريات الإعلامية في الغرب مطلقة أقول إن هذا غير صحيح على الإطلاق، فكل وسيلة إعلامية مهما اختلفت أو تنوعت هي لخدمة أجندة سياسية، ومصالح دول أو أشخاص أو مؤسسات، وأدعو من غاب عنه هذا الأمر أن يكون أكثر وعيا في تقبل الأخبار، وإن صعب عليه التمييز فليبحث من وراء هذه الوسائل.
وشخصيا ضد القمع أو القتل بكل أشكاله، سواء في حق الإنسان أو أي كائن من الكائنات الحية.
لكن ما يتداوله الإعلام حول قضية الصحفي السعودي جمال خاشقجي، ومزاعم قتله يستفزني يوما بعد يوم؛ لعدة أسباب أهمها:
أن الصحف والتلفزيونات ووسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، اتخذت من تركيا والمسؤولين الأتراك الذين يعملون تحت مظلة رجب طيب أردوغان مصادر لأخبارها.
ونسي الجميع أو تناسوا ما مارسه هذا الرجل ومازال في حق الإعلاميين والكتاب والناشطين الذين ما زالوا وراء القضبان، وذنبهم فقط كلمات كتبوها أو أنهم لم يعملوا ضمن آلية الإخوانجية التي يروج لها أردوغان ويستغلها مع شعوب العالم الإسلامي؛ طمعا في استعادة أمجاد العثمانيين.
السبب الثاني أن وسائل الإعلام التي تدعي أنها قوية وذكية ومهنية سقطت في الفخ التركي القطري الإيراني، الذي أراد استغلال قضية خاشقجي لأطول مدة ممكنة وعن غير حق؛ لا إنساني ولا شرعي ولا قانوني.
فمنذ إعلان "المصادر" التركية ذوي الهويات المجهولة عن الخبر، عمد "المسؤولون" الأتراك الذين لا نعرف هوياتهم أيضا إلى اعتماد أسلوب الري "قطرة-قطرة" في الإمداد بالأخبار حول القصة، رغم أنه وعلى حسب القصة المزعومة التي ألفوها للعالم، كانت كل عناصرها متوفرة لديهم، لكنهم تعمدوا أن "يسربوا" في كل يوم معلومة جديدة لتستمر قضية خاشقجي أطول فترة ممكنة.
ولم نشهد الإعلام الغربي بكل وسائله قد اكترث لأوضاع الإعلاميين وقمعهم، وحتى من قتلوا على يد الدواعش في ساحات القتال لهذه الفترة من الزمن.
وهذا ما يكشف لذوي العقول عن أن ما أراده الأتراك والأبواق الغربية، هو محاربة المملكة السعودية حكومة وشعبا، ومحاربة الأماكن المقدسة حيث بيت الله.
وفي هذه القضية غابت قوانين الإعلام وأخلاقيات الصحافة، فكيف لإعلاميين أن ينشروا تفاصيل "دقيقة" عن قضية رسموها في غاية الرعب والبشاعة، من دون الاعتماد على مصادر معروفة ودقيقة، وقبيل حتى أن يبدأ التحقيق في هذه القضية وتتبيّن تفاصيلها وصحتها.
والأدهى من ذلك هو أنه، ومع غياب الحقيقة واستمرار التحقيق، بدأت بعض الدول التلويح باتخاذ مواقف ضد المملكة العربية السعودية، وهذا التهويل الإعلامي والسياسي والذي كان وقوده تركيا بثمن يدفعه الأمير القطري من أموال شعبه بغير حق يوميا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة