لقد دعيت دعوة كريمة من رابطة العالم الإسلامي إلى المؤتمر العالمي للوحدة الإسلامية، ومناقشة مخاطر التصنيف والإقصاء.
لقد دعيت دعوة كريمة من رابطة العالم الإسلامي إلى المؤتمر العالمي للوحدة الإسلامية، ومناقشة مخاطر التصنيف والإقصاء، وتعزيز مفاهيم الدولة الوطنية وقيمها المشتركة في مكة المكرمة، وجوار البيت العتيق مهبط الوحي والتنزيل، برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين ليومي 5-6 ربيع الثاني 1440 هجرية، والمصادف 12-13 من كانون الأول 2018، وبمشاركة نخبة كبيرة من العلماء والمفكرين والدعاة والباحثين لما يقرب من ألف ومائتي شخصية إسلامية من 127 دولة، ويمثلون 28 طائفة ومذهبا وفرقة مختلفة.
من أجمل ما كان في المؤتمر هي اللقاءات الجانبية والحوارات المختلفة، حيث يلتقي لأول مرة رجل من مذهب وطائفة معينة، مع رجل آخر من مذهب وطائفة أخرى ليتعارفا لأول مرة ويتحاورا حوارا هادئا هادفا يبني أواصر صداقة تجمعها المشتركات الكثيرة وأخوة إسلامية هادفة لمستقبل زاهر واعد
كانت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود التي ألقاها أمير مكة خالد الفيصل، هي الكلمة الفصل والوثيقة الأساس للمؤتمر. كلمة جامعة مانعة كاملة متكاملة في وضع النقاط على الحروف، وتحفيز العلماء نحو الأهداف الكبرى وتبيان ما تعانيه الأمة اليوم، وضرورة نبذ الخلافات وتوحيد الصف وتصحيح المفاهيم المغلوطة، واستيعاب سنة الاختلاف الكوني "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وضرورة الحوار والتفاهم والوفاق والوئام والأخوة الإسلامية حلم المسلمين على أساس المشتركات والتقريب بين الرؤى نحو الوسطية والاعتدال والتسامح.
كما تحدث الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الشيخ د.محمد العيسى عن نشاطات الرابطة ومساعيها نحو الوحدة الإسلامية، ودعم مشاريع التقريب والوفاق ونشر ثقافة التصالح والتسامح والاعتدال والنأي عن سبل الفرقة والنزاع ومشاركتها الفاعلة ضد التطرف والغلو وداعش وأمثاله؛ لتحقيق الهدف المنشود من إحلال السلام والأمان حول العالم.
وأكد المشتركون جميعا على أهمية المملكة العربية السعودية قائدة للمسلمين وراعية للحرمين الشريفين ومصالح المسلمين وقيادتها الرائدة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين محمد بن سلمان، ورفض أي إساءة لها من أي جهة فهي خط أحمر.
وكانت هناك كلمات ومداخلات مهمة لمفتي المملكة عبد العزيز آل الشيخ، ورئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي عبد الله بن بيه، ومفتي لبنان عبد اللطيف دريان، ومفتي مصر شوقي علام، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين، ومفتي موريتانيا أحمد المرابط، والأمين العام لمركز الملك عبد الله للحوار بين أتباع الأديان والثقافات فيصل بن معمر وغيرهم، لكن استوقفتني كلمات الدكتور علي راشد النعيمي رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة في الإمارات العربية المتحدة، حيث تحدث بصراحة وقوة وتفاعل عن التحديات المعاصرة ووظيفة العلماء، ورفض التطرف وأهمية المواطنة وتعزيز مفاهيم الدولة الوطنية وقيمها المشتركة منبثقة من الدين الإسلامي ومبادئه القيمة، حيث تعتبر كلمته من أرقى الكلمات المؤثرة والتي وضعت يدها على الجرح بصراحة وقوة.
كما تمت مناقشة التحديات الكثيرة المعاصرة وضرورة مواجهتها، حيث قدمت مجموعة من الأوراق في ذلك.
وأعتقد أن الدين الإسلامي هو دين المحبة والرحمة لكل الناس وليس لخصوص المسلمين، حيث لخص الله رسالة النبي محمد (ص) بقوله تعالى: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".
ودعوته الواضحة للسلام "يا أيها الذين آمنوا أدخلوا في السلم كافة"، حتى في القتال الميل نحو السلم والسلام؛ حيث قوله تعالى "فإن جنحوا للسلم فاجنح لها"، ووضوح الدعوة للاتحاد "واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا"، و"إن هذه أمتكم أمة واحدة"، ورفض الفرقة والخلاف "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم"، والإسلام دين الوسطية والاعتدال رافضا التعصب والغلو والتطرف، "وكذلك جعلناكم أمة وسطا".
وأكد المجتمعون على أهمية الدور القيادي للمملكة العربية السعودية ودورها الرائد في حماية الإسلام والمسلمين، ومن أجمل ما كان في المؤتمر هي اللقاءات الجانبية والحوارات المختلفة، حيث يلتقي لأول مرة رجل من مذهب وطائفة معينة، مع رجل آخر من مذهب وطائفة أخرى ليتعارفا لأول مرة ويتحاورا حوارا هادئا هادفا يبني أواصر صداقة تجمعها المشتركات الكثيرة وأخوة إسلامية هادفة لمستقبل زاهر واعد.
كما رفض المشاركون أخذ عناوين وشعارات خرجت عن هدي الإسلام ومبادئه من "الإسلام السياسي" الساعي لتحقيق أغراض سياسية وتدمير البلدان والأوطان. والحقيقة التي يجب ذكرها شتان بين مؤتمر الوحدة الإسلامية في مكة المكرمة وبين مؤتمرات الوحدة التي تعقد سنويا في طهران، والتي كتبت عنها في مقالي السابق "طهران ومؤتمر الوحدة الإسمية" حيث الأولى في مكة تدعو حقيقة إلى السلام والخير والازدهار بعكس الثانية في طهران التي شارك فيها الإخوان المسلمون وأمثالهم من المتطرفين الإرهابيين. فما دخلت طهران دولة إلا دمرتها وأشعلت حروبا طائفية مدمرة تحرق الحرث والنسل كما في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
لذلك كله كان من الطبيعي جدا أن تكون مكة المكرمة هي عاصمة حقيقية للوحدة الإسلامية وليست طهران ولا قم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة