هذه هي السعودية الجديدة التي يتآمرون عليها الآن بقوة ووحشية وشراسة لقتل مشروع الإصلاح فيها.
أمس الأول حضرت، بدعوة من الصديقة الغالية السيدة ماجدة الرومي، حفل تراتيل دينية في كنيسة مار إلياس بمنطقة أنطلياس بالعاصمة بيروت.
والحفل هو عادة سنوية حرصت عليها الفنانة الكبيرة خلال الـ15 عاماً الماضية، حيث تتبرع بصوتها البديع لصالح جمعية خيرية.
أحد الجالسين في الصف الأول في داخل بهو الكنيسة كان السفير وليد بخاري، سفير السعودية في لبنان، في بادرة تاريخية استقبلها جمهور الحاضرين بتصفيق وحماس، وركز عليها الإعلام اللبناني الذي لم يعتد وجود سفير سعودي داخل جدران كنيسة لبنانية.
اللافت هذا العام أن أحد الجالسين في الصف الأول في داخل بهو الكنيسة كان السفير وليد بخاري، سفير السعودية في لبنان، في بادرة تاريخية استقبلها جمهور الحاضرين بتصفيق وحماس، وركز عليها الإعلام اللبناني الذي لم يعتد وجود سفير سعودي داخل جدران كنيسة لبنانية.
هذا المشهد ما كان الخيال يمكن أن يتصوره، ولا العقل يمكن أن يصدقه.
ذات الإحساس يأتيك حينما ترى مهرجان سباق السيارات العالمي الشهير «فورميلا إي» يقام في منطقة «الدرعية» بالرياض، ويحضره آلاف من كل عشاق سباق السيارات.
ولم يصدق الزائرون الأجانب الذين حضروا لمتابعة السباق أن تأشيرات دخولهم لزيارة الرياض تمت في زمن قياسي، بعد ما كان الحصول عليها في السابق أمراً بالغ الدقة والصعوبة.
ولم يصدق البعض أن عمرو دياب وكبار المطربين العالميين كانوا يحيون حفلات على هامش البطولة.
مشهد آخر توقفت أمامه شخصياً وأنا أتناول العشاء بدعوة من صديق سعودي في منطقة شمال الرياض. كانت الدعوة في مطعم إيطالي شهير عالمياً، وحينما دخلت لم أصدق أنني في عاصمة المملكة، فالمطعم وكأنه قطعة من ميلانو أو نيويورك، والجرسونات ومدير المطعم إيطاليون، وموظفة الاستقبال سعودية تجيد عدة لغات.
وحينما تجول بنظرك في المطعم، تجد أن هناك طاولة يجلس حولها 8 فتيات وحدهن، وأخرى مخصصة لعائلة من كل الأعمار، وثالثة لشاب وخطيبته، ورابعة لمجموعة شباب رجال.
هذا المشهد ما كان يمكن أن يحدث في السابق لأن كل من عاش منذ سنوات محدودة في الرياض، أو أي مدينة من مدن المملكة، كان يعرف أن اختلاط الجنسين في الأماكن العامة والمطاعم ممنوع بأوامر صارمة، وعليه عقاب شرعي وقانوني، لذلك كان بداخل كل مطعم قسم للأفراد الذكور، وآخر للعائلات، وهناك انفصال تام بينهما.
وحينما خرجت من المطعم وجدت إحدى السيدات تعطي بطاقة سيارتها لشاب موقف السيارات حتى يأتي بسيارتها، وحينما وصل بها أمام المطعم لم تجلس في الخلف أو بجانب من يقود السيارة، بل جلست فى مقعد القيادة.
هذا كله قد يبدو طبيعياً أو اعتيادياً أو شيئاً من الأحداث اليومية الطبيعية التي تحدث مليون مرة في كل المجتمعات، لكن لم يكن الأمر كذلك في السعودية القديمة.
أن يحضر سفير سعودي حفل تراتيل مسيحية في كنيسة، أو أن يكون هناك سباق دولي وعالمي للسيارات، أو أن يحصل الزائر على تأشيرة لدخول الرياض بسهولة، أو أن تكون هناك مطاعم عالمية ومختلطة، أو أن تقود المرأة سيارتها، أو أن تكون هناك حفلات غنائية عالمية، فهذا ما كان للعقل أن يتخيله أو يتصوره قبل وصول ولي العهد السعودي إلى الحكم، وقيامه بإطلاق مساحة غير مسبوقة من الانفتاح الاجتماعي، ودعم قوي للحريات الخاصة بهدف مسايرة ضرورات العصر دون أي تفريط في قيم أو عادات المجتمع.
هذه هي السعودية الجديدة التي يتآمرون عليها الآن بقوة ووحشية وشراسة لقتل مشروع الإصلاح فيها.
نقلا عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة