في ذكرى بيعة الملك سلمان.. "السعودية والإمارات" مصير مشترك
العلاقات بين الإمارات والسعودية، ليست علاقات تاريخية واستراتيجية فحسب وإنما هي علاقات دم ومصير مشترك
"إن العلاقات بين الإمارات والسعودية، ليست علاقات تاريخية واستراتيجية فحسب وإنما هي علاقات دم ومصير مشترك".. بتلك الكلمات عبر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات عن العلاقات بين السعودية والإمارات ، خلال الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي ــ الإماراتي الذي استضافته العاصمة أبوظبي، الأربعاء، وترأسه الشيخ محمد بن زايد والأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إن تلك العلاقات التي "وضع أسسها الراسخة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وإخوانه ملوك السعودية" وهي الآن "تعيش أزهى عصورها على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية وغيرها بفضل حكمة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وإرادتهما".
ويعد هذا الاجتماع الذي عقد بالتزامن مع الذكرى الخامسة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم، ومبايعته في 3 ربيع الآخر 1436هـ الموافق 23 يناير/ كانون الثاني 2015 ملكا للسعودية، والتي تحل اليوم السبت، يعد إحد ثمار تلك الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، وخير معبر عن العلاقات السعودية الإماراتية التي شهدت نقلة نوعية في عهد الملك سلمان .
وتأتي الذكرى الخامسة للبيعة وسط تعاون وتكامل كبيرين وشراكة استراتيجية تتوسع مع الإمارات في كافة الأصعدة التي تنعكس على علاقات البلدين الضاربة في جذور التاريخ متانة وقوة.
ويأتي الاجتماع الثاني للمجلس، الذي تأسس في مايو/أيار 2016، بعد نحو عام من تولي الملك سلمان الحكم، في ظل استمرارية الجهود التي يبذلها البلَدان بهدف تفعيل محاور التعاون المشتركة للتكامل بينهما اقتصادياً وتنموياً ومعرفياً وعسكرياً.
وتربط دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية علاقات أخوية راسخة في جميع المجالات أرسى دعائمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك الراحل فيصل بن عبد العزيز آل سعود.
وتوثقت العلاقات بين البلدين بدعم من الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وتعمقت وتجذرت بإشراف ومتابعة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمير محمد بن سلمان ، حتى أضحت العلاقات بين البلدين نموذجاً يحتذى في العلاقات بين الدول.
مجلس التنسيق.. محطات بارزة
وبتوجيهات قادة البلدين، مضت مسيرة التعاون بين البلدين نحو تعزيز الشراكة وتحقيق التكامل في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، بما يسهم في تحقيق الخير والرفاهية لشعبي البلدين، ومواجهة التحديات في المنطقة وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
مسيرة التعاون تم مأسستها عبر مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، الذي تم توقيع الاتفاق على إنشائه في 16 مايو/أيار 2016، في قصر السلام بجدة، بحضور الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وفي أول خطوة لتفعيل بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين بإنشاء المجلس، ووضع خارطة طريق له على المدى الطويل ليكون النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول، استضافت أبوظبي في 21 فبراير/شباط 2017 أعمال الخلوة الاستثنائية المشتركة بين البلدين تحت اسم "خلوة العزم"، كأول الأنشطة المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي الإماراتي.
واستضافت الرياض في 13 أبريل/نيسان 2017 أعمال جلسات المجموعة الثانية لخلوة العزم، بمشاركة أكثر من 200 مسؤول من حكومتي البلدين، وخبراء في القطاعات المختلفة، إضافة إلى ممثلي القطاع الخاص.
ويوم 7 يونيو/حزيران 2018، عقد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي في مدينة جدة برئاسة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمير محمد بن سلمان آل سعود، وتم خلال الاجتماع الإعلان عن رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً عبر 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً، من خلال "استراتيجية العزم" التي عمل عليها 350 مسؤولاً من البلدين من 139 جهة حكومية وسيادية وعسكرية خلال جلستي "خلوة العزم"، ومن خلال 3 محاور رئيسية هي المحور الاقتصادي والمحور البشري والمعرفي والمحور السياسي والأمني والعسكري.
ووضع قادة البلدين مدة 60 شهراً لتنفيذ مشاريع الاستراتيجية التي تهدف إلى بناء نموذج تكاملي استثنائي بين البلدين، يدعم مسيرة التعاون الخليجي المشترك، ويسهم في الوقت نفسه في حماية المكتسبات وحماية المصالح وخلق فرص جديدة أمام الشعبين الشقيقين.
وشهد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق المشترك توقيع 20 مذكرة تفاهم لتعزيز التكامل السعودي الإماراتي في مختلف المجالات، وإطلاق حزمة من المشاريع الاستراتيجية.
قوة وتكامل.. و7 مبادرات
ويوم الأربعاء 27 نوفمبر الجاري، عقد الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي وترأسه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والأمير محمد بن سلمان والذي شهد تبادل 4 مذكرات تفاهم في مجالات الصحة والثقافة والفضاء والغذاء واستعراض 7 مبادرات استراتيجية.
وتتضمن المبادرات السبع كلاً من التأشيرة السياحية المشتركة، تسهيل انسياب الحركة بين المنافذ الجمركية، استراتيجية الأمن الغذائي المشتركة، الأمن السيبراني، العملة الرقمية المشتركة، مشروع المصفاة العملاقة الجديد، ومجلس الشباب السعودي - الإماراتي.
ونتج من الاجتماع تأكيد السعودية والإمارات بالتوجه نحو التكامل، وعبر الشيخ محمد بن زايد عن أهمية هذا التكامل في كلمته خلال الاجتماع، قائلا "أن اقتصادنا المشترك يحتل المرتبة السادسة عشرة عالميا ويمكننا أن نعمل ليصبح اقتصادنا معاً من أكبر 10 اقتصادات في العالم ".
وأردف " كما تتعدى استثماراتنا الخارجية حالياً 250 مليار دولار في قطاعات اقتصادية مختلفة وصناديقنا الاستثمارية تعد في المركز الأول عالميا، وسنرفع من استثماراتنا لنكون من أكبر عشر دول تستثمر عالمياً، وأسواقنا المالية تتعدى 720 مليار دولار ونسعى لأن نكون من أكبر عشر أسواق مالية عالمياً ".
وأكد أن هذا النموذج الفريد من نوعه في التكامل لا يعود بالنفع فقط على الدولتين بل يقود قاطرة التعاون الخليجي ويقدم نموذجا استثنائيا للتعاون العربي - العربي ويضع البلدين في مكانة متميزة على خارطة التحالفات العالمية.
بدوره أكد الأمير محمد بن سلمان " إنه في هذا المجلس نستهدف تحقيق نموذج استثنائي من التعاون المشترك يبنى على مكامن القوة للبلدين وروح العزيمة والريادة التي يحظى بها شعباهما".
نقلة نوعية
وتتويجا لتلك الجهود المتواصلة، شهدت العلاقات الإماراتية-السعودية نقلة نوعية في العديد من المجالات، كان أبرز مؤشراتها دخول اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي الموقعة بين الدولتين حيز التنفيذ، اعتبارا من مطلع شهر أبريل/نيسان الماضي، بعد استكمالهما الإجراءات اللازمة لذلك، والتي تهدف إلى تعزيز أطر التعاون في المسائل الضريبية، وتوطيد الشراكة المالية والاقتصادية والاستثمارية بين الدولتين.
وفي 13 مايو/أيار الماضي، وقعت الإمارات والسعودية بالرياض اتفاق الاعتراف المتبادل ببرنامج المشغل الاقتصادي المعتمد بين البلدين، بهدف تعزيز التعاون الجمركي وتسهيل حركة التجارة البينية وتسريع معدلات التبادل التجاري، تنفيذاً لمقتضيات خلوة العزم التي أقرها مجلس التنسيق السعودي الإماراتي.
مواقف واحدة في مواجهة التحديات
على صعيد السياسة الخارجية، تتبنى الدولتان مواقف مشتركة إزاء القضايا العربية والخليجية والإقليمية والدولية، حيث تعمل الدولتان على تعزيز العمل العربي المشترك، وصون مسيرة مجلس التعاون الخليجي، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، والتصدي للتدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية، وتعملان على إيجاد حلول دائمة لأزمات ونزاعات المنطقة المختلفة.
على أرض الواقع، اتخذت الدولتان موقفا مشتركا من الأحداث التي شهدتها بعض الدول العربي في أعقاب ما عرف باحتجاجات الربيع العربي عام 2011، بدعم استقرار هذه الدول ضد التنظيمات الفوضوية.
وامتدادا للعلاقات التاريخية الاستراتيجية بين السعودية والإمارات، شكّل البلدان نموذجا في مواجهة التحديات وصل إلى حد الشهادة التي امتزجت فيها دماء أبناء البلدين دعما للشرعية في اليمن، في إطار تحالف يستهدف دحر الإرهاب ومواجهة التطرف.
وتوج جهودهم المشتركة والتنسيق الكبير بينهما في توقيع اتفاق الرياض التاريخي الذي وقّعته الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي برعاية سعودية يوم 5 نوفمبر الجاري.
ونوه الأمير محمد بن سلمان خلال حفل التوقيع بما قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة من تضحيات جليلة في ساحات الشرف مع جنود المملكة وزملائهم في بقية قوات التحالف العربي لدعم الشرعية على الأرض اليمنية، معبرا عن شكره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وتمثل العلاقة السعودية الإماراتية صمام أمان ليس للبلدين فحسب، بل للمنظومة الإقليمية برمتها، كونهما يجسدان قيم الاستقرار والتنمية، كما يمثلان منطق العقلانية السياسية ومفهوم الدولة الحديثة، في احترام القيم والتشريعات الدولية.
الإمارات في قلب سلمان
وتحظى الإمارات بمكانة خاصة لدى الملك سلمان، ولا يفوت الملك سلمان فرصة إلا ويعبر فيها عن تقديره للعلاقات مع الإمارات، فخلال استقباله، الشيخ محمد بن زايد في قصر منى بمكة المكرمة 12 أغسطس/ آب الماضي، أكد خادم الحرمين الشريفين عمق العلاقات الأخوية التي تجمع البلدين وشعبيهما الشقيقين والتي تزداد قوة وتميزا في ظل الحرص المشترك على تطويرها وتوسيع آفاقها.
ومع ختام العام الثاني لتوليه الحكم، قام الملك سلمان بجولة خليجية هي الأولى له منذ توليه الحكم ، استهلها بزيارة الإمارات (3 ديسمبر 2016).
وخلال تلك الزيارة، منح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود "وسام زايد"، تقديرا وعرفانا بدوره المحوري في تعزيز التعاون الأخوي بين البلدين ودعم العمل الخليجي والعربي المشترك.
شارع الملك سلمان في أبو ظبي
وتكريما وتقديرا لإنجازات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وبتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بإطلاق اسم خادم الحرمين الشريفين على أحد الشوارع الرئيسة في العاصمة أبوظبي.
وجاء تدشين الشارع في 23 سبتمبر/ إيلول الماضي تزامنا مع احتفالات المملكة العربية السعودية بيومها الوطني الـ89.
ويعتبر شارع الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، من أكثر الشوارع الرئيسية الحيوية في مدينة أبوظبي، ويتميز بجمالية التصميم والزراعات التجميلية على جانبيه وإطلالته على مياه كاسر الأمواج و يشهد كثافة في أعداد الزوار والسياح من داخل وخارج الدولة باعتباره أحد أجمل الشوارع الرئيسية في العاصمة أبوظبي.
وتمضي العلاقات بين الإمارات والسعودية في طريقها لتحقيق نموذج تكامل عربي استثنائي، بتوجيهات قادة البلدين، محوره التعاون والتكاتف على الأصعدة كافة، مستنداً إلى الإرث الحضاري والتاريخي ومقومات القوة المشتركة، وخصوصا أن التعاون بينهما يصب في مصلحة تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والرفاهية لشعبيهما.
aXA6IDMuMjEuMTIuODgg جزيرة ام اند امز