من يتابع طريقة عمل الرياض وأبوظبي وتنسيقهما يدرك أنّ البلدين ماضيان نحو استراتيجية مختلفة تقوم على وحدة شبه كاملة في زمن الشتات العربي.
كلما ازدادت العلاقات متانة والنجاحات انبلاجا بين الدول العربية الشقيقة؛ انبرت مجموعة من المشككين المحسوبين على الأمة العربية -أشخاص أحيانا ودول أحيانا أخرى- لعرقلة مسيرة التضامن والتنسيق بين الأشقاء العرب باستحضار جملة معلومات لا تمت للحقيقة بصلة من أجل ضرب مشاريع الوحدة السياسية والاقتصادية التي يؤمن بها بعض المسؤولين العرب ويسعون لبنائها فيما هو نفع لشعوبهم ودولهم وهذا ما يعمل عليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي في رسم علاقة فريدة من نوعها بين الإمارات والسعودية على مستوى المنطقة برمتها.
في نهاية المطاف فإن زيارة سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تضرم النار في قلوب كل الحاقدين من وحدة صف البلدان العربية بما لاقته من ترحيب رسمي وشعبي وصف بالمهيب
كثيرة هي التحليلات التي ترد من هنا وهناك أن ثمة خلافا بين الدولتين فيما يخص الملف اليمني وعدن على وجه التحديد وهذا ما لم تقف عنده العاصمتان العربيتان بمضيهما معا في استعادة الشرعية اليمنية لحقها القانوني في إدارة البلاد وتخليص اليمن من انقلابيين تابعين لإيران والتوفيق بين الأشقاء اليمنيين الشماليين والجنوبيين، واتفاق جدة الأخير يثبت ذلك.
في واقع الأمر من يتابع طريقة عمل الرياض وأبوظبي وتنسيقهما مع بعضهما على أعلى المستويات يدرك أن البلدين ماضيان نحو استراتيجية مختلفة نوعا ما تقوم على بناء وحدة شبه كاملة بين الدولتين في زمن الشتات العربي وهذا ما ستواجهه بعض الدول العربية والإقليمية بشيء من الامتعاض لأنه يشكل نواة صلبة لضرب كثير من المشاريع التآمرية على البلدان العربية (راجع ما تقوم به تركيا وإيران ضد البلدان العربية).
لا شك في أن أكثر ما يزعج من لا يدري الخير للأمة العربية هو مدى التلاحم والتضامن بين دولتين عربيتين تمتازان بثقل سياسي واقتصادي على مستوى دول العالم، وما زيارة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي للإمارات العربية المتحدة إلا نموذج على هذا التنسيق المشترك بعيد الأهداف من خلال المواضيع المطروحة للنقاش والاتفاقيات المراد توقيعها فكانت الزيارة مُكرمة محتفى بها على المستويات كافة:
أولا: على المستوى الرسمي: استقبل الأمير في "أبوظبي" كشقيق وجار وشريك في الدم والأرض قبل السياسة فوجد بانتظاره علية القادة السياسيين الإماراتيين -كعادتهم في استقبال الضيوف والأشقاء المكرمين- الذين استقبلوه بحرارة ومصافحات وابتسامات على المستوى الشخصي، أما على المستوى الرسمي فقد تم استقبال سموه بإطلاق إحدى وعشرين طلقة مدفع ترحيبا به وبتحليق للطائرات العسكرية الحربية في سماء "أبوظبي"، كما استقبل بالموسيقى التراثية التي عزفتها فرق موسيقية محلية لدى صوله إلى قصر "الوطن" كما جاء في بيانٍ رسمي من وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية أن زيارة سمو ولي العهد "تعكس التوافق بين أبوظبي والرياض في مواجهة التحديات الإقليمية" وكل هذا له دلالات سياسية كبيرة في مسيرة تطور العلاقة بين السعودية والإمارات.
ثانيا: على المستوى الشعبي: لاقت زيارة سمو الأمير محمد بن سلمان ترحيبا شعبيا من الشعب الإماراتي المضياف فتزينت شوارع الإمارات ولا سيما "أبوظبي" بأعلام المملكة العربية السعودية والعبارات المرحبة بالزيارة، كما نشطت على وسائل التواصل الاجتماعي التدوينات والوسوم المرحبة بزيارة سموه والترحيب به بكثافة من قبل ناشطين إماراتيين، كما بادلهم ناشطون سعوديون الامتنان وتقدير كرمهم وحفاوتهم باستقبال قائدهم وأميرهم الشاب الذي يستشرفون به الغد الأكثر إشراقا وإبهارا.
ثالثا: على المستوى السياسي والاقتصادي: ركزت الزيارة واللقاء بين الوفدين السعودي والإماراتي على ثبات الرؤية والتنسيق الكامل بين البلدين الشقيقين على جميع الأصعدة ولا سيما السياسية والأمنية والقضايا المحلية والإقليمية وعلى رأسها الوضع في اليمن الشقيق واستمرار التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودة بمساعيه وخطاه الثابتة حتى وصوله إلى الاستقرار وإرساء الحلول السياسية لأزمته، كما أكد المجتمعون مواجهة النفوذ الإيراني بالطرق السياسية والقوانين الدولية والاستعداد لكل طارئ بما يضمن أمن الخليج وسلامته واستقراره والعمل على حل القضايا المحلية والإقليمية بما يضمن الاستقرار والأمن، أما على المستوى الاقتصادي فكانت الزيارة مناسبة ليدعو الأمير "محمد بن سلمان" الإمارات العربية المتحدة لحضور قمة العشرين الاقتصادية التي ستعقد في المملكة العربية السعودية في أواخر عام 2020، كما أن هذه الزيارة تأتي بينما تعمل المملكة العربية السعودية على إنجاح الاكتتاب العام لجزء من أسهم عملاقة النفط السعودي "أرامكو" وحث المستثمرين الكبار على الاكتتاب فيه في وقت ذكرت فيه وكالة "بلومبرج" المالية أن "أبوظبي" تخطط لشراء أسهم بقيمة مليار ونصف المليار دولار من أسهم "أرامكو".
وفي نهاية المطاف فإن زيارة سمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تضرم النار في قلوب كل الحاقدين من وحدة صف البلدان العربية بما لاقته من ترحيب رسمي وشعبي وصف بالمهيب وبما تمت مناقشته والتصريح به عن التنسيق الكامل والعلاقات المتينة بين البلدين الشقيقين والرؤى الثابتة في التعاطي مع الملفات الإقليمية بما تم خلالها من التأكيد على إرساء التعاون الاقتصادي والاستثماري بما يُسهم في نماء وتطور البلدين وعيش شعبيهما حالة وحدة واستقرار قلَّ مثيلها في منطقتنا العربية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة