إن اتخاذ دولة الإمارات شعار "معاً أبداً" للاحتفال باليوم الوطني السعودي يحمل في دلالاته أبعاداً إنسانية قوية.
نحتفل في دولة الإمارات العربية المتحدة باليوم الوطني التسعين للمملكة العربية السعودية الشقيقة، ونعتزّ به يوماً يمثّل فخراً لكل عربي، ففيه أشرق فجر دولة لم تكن يوماً إلا مع أشقائها وأصدقائها، بمواقفها التاريخية المشرّفة التي أصبحت نموذجاً لمبادئ الأخوة والصداقة والتعاون الإقليمي والدولي.
نحتفل مع المملكة احتفال الشقيق مع شقيقه، فما يربط الإمارات والمملكة أعمق كثيراً من مجرّد علاقات طبيعية بين دولتين متجاورتين، بل هي علاقة ضاربة الجذور تستمدّ صلابتها وقوّتها من تاريخ مشترك وموروث ثقافي واجتماعي وفكري واحد، ترجمته رؤية القيادتين المنسجمة لمستقبل المنطقة ورفاهها وازدهارها.
إن اتخاذ دولة الإمارات شعار "معاً أبداً" للاحتفال باليوم الوطني السعودي يحمل في دلالاته أبعاداً إنسانية قوية، فالشعبان السعودي والإماراتي تربطهما شجون واهتمامات تعكس روح الأخوة والصداقة والمحبة والتعاون والتعاضد، إنها علاقة نشأت من تجانس كبير في الموروث الثقافي أنتجته عوامل التاريخ والجغرافيا.
إن الوشائج الثقافية التي تجمع أبناء الشعبين الشقيقين كانت دائماً دافعاً رئيسياً لبناء الجسور واستمرارها، لا سيَّما بين الشباب في البلدين، فكلَّما كان الموروث الثقافي متقاربا، كانت الرؤى المستقبلية متقاربة، لأنَّ الثقافة ليست مجرد أعمال أدبية، وإنما هي أسلوب حياة يساعد على توطيد التحالفات والحوار المشترك، ومحركٌ رئيسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لدورها في الانفتاح الحضاري على العالم.
نفتخر بتراثنا وثقافتنا المشتركة التي تمكّننا من الانفتاح على الآخر والحوار مع الحضارات والثقافات المختلفة، إذ أصبح البلدان مركزاً مؤثراً بشكل إيجابي في مسار منطقتنا، ورفع مكانتها العالمية، بما يتواءم مع معطيات العصر الجديد المفعم بالتكنولوجيا والابتكارات، مع الحفاظ في الوقت ذاته على قيم المجتمع عبر ربطه بتاريخه وموروثه الحضاري، فالدول التي تتمكّن من إيجاد صيغة توازن بين متطلبات المستقبل وعدم التفريط في الموروث، هي الدول الأكثر قدرة على مواصلة التنمية في مختلف المجالات.
لقد امتازت العلاقة السعودية الإماراتية بكونها علاقة مستندة إلى واقع شعبي، وقرار سياسي ترعاه القيادتان الحكيمتان في البلدين، الأمر الذي وطّد العلاقات التاريخية وأخذها إلى آفاق جديدة من التميّز والتطور، وجد التعبير العملي عنه في قيام مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي لعب دوراً كبيراً في إعطاء الدفع المطلوب للعلاقات بين البلدين، وتأطيرها ضمن مبادرات ومشاريع وبرامج مشتركة تخدم كلا البلدين والشعبين الشقيقين.
لقد كان قطاع الثقافة والشباب من أبرز عناصر التعاون بين بلدينا، لإيماننا بأن الشباب المؤمن بثقافته والمنفتح على العالم، ضمان لحماية المكتسبات وتحقيق الإنجازات، ومن هنا كان الشباب السعودي والإماراتي حريصاً على المشاركات الفاعلة في الأحداث الثقافية، مثل: مهرجانات الجنادرية وعكاظ و"مسك للفنون"، وشاعر المليون، وأمير الشعراء، ومهرجان البردة وغيرها.
وهذه الأحداث تُوّجت بمبادرة "الرواق الثقافي" التي ترعاها السفارة الإماراتية في الرياض، بهدف إشراك جميع شرائح المجتمع في البلدين وفي العالم العربي، عن طريق الحوار والنقاش حول أهمية الثقافة وتبادل الآراء والأفكار المبتكرة، في مجالات الموسيقى والرياضة والتراث والأزياء والشعر والفن التشكيلي، إلخ.
إن احتفالنا باليوم الوطني السعودي رسالة أخوّة وتعبيرٌ صادقٌ عن وقوفنا معاً، مستندين إلى تاريخ مشترك ومؤمنين بالمصير الواحد، ومتطلّعين إلى عصر من الرخاء والاستقرار والازدهار، تعود فيه منطقتنا قوة ثقافية واقتصادية مؤثرة في الحضارة الإنسانية، ونعمل معاً لنزرع الأمل في نفوس أجيال الحاضر والمستقبل، ونحارب التطرّف والإرهاب والأفكار الظلامية، فثقافتنا وموروثنا قائمان على التسامح والسلام والانفتاح.
اليوم الوطني السعودي، مبعث فخر واعتزاز للإماراتيين، وكما قال الأمير خالد الفيصل "الإماراتي سعودي، والسعودي إماراتي". لأنَّ التاريخ واحد والثقافة واحدة والجغرافيا مشتركة والمصير المشرق والمزدهر واحد.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة