كُتاب لـ"العين الإخبارية": السعودية صنعت هوية ثقافية تكرس لأدبياتها
الرؤية الثقافية السعودية تتطلع لإشراك المبدعين والموهوبين من أبناء وشباب المملكة في بناء قطاع ثقافي يقوم على قواعد الهوية الوطنية
رؤية واستراتيجية جديدة أعلنتها وزارة الثقافة السعودية؛ لتصنع بها هوية تميزها داخلياً وخارجياً، وتقود بها جهود تنمية القطاعات الثقافية والفنية، بما يثري نمط حياة الفرد ويشجّع على التعبير والحوار الثقافي، بحسب برامج التحول الوطني ورؤية 2030.
وبين أروقة التاريخ ودروبه، جاء تدشين الرؤية الثقافية الوطنية على أرض مركز الملك عبدالعزيز التاريخي في الرياض، في احتفالية كبرى، إيذاناً ببدء العمل على كتابة تاريخ جديد حافل بالمعارف والآداب والفنون، ويسجل لانطلاقة الخطوة الأولى في مسيرة الوزارة الثقافية.
وأعلن الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، أن "الرؤية الثقافية السعودية تتطلع لإشراك المبدعين والموهوبين من أبناء وشباب المملكة في بناء قطاع ثقافي يقوم على قواعد الهوية الوطنية ويحرص عليها كمصدر فخر واعتزاز، ويكرس للثقافة والفنون كنمط حياة يعزز النمو الاقتصادي ومكانة المملكة الدولية".
وتوالت ردود الفعل في أعقاب إعلان الاستراتيجية، وقال الناقد والكاتب محمد عبدالخالق: "تملك السعودية حضارة واعدة تشكل هوية متفردة بين جاراتها في المنطقة العربية، وتجعل منها أيقونة ثقافية وفنية مغايرة، حضارة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ ولا تزال ملامحها حاضرة وقوية حتى الآن، ودليل على تغلغلها في نفوس أبنائها الذين تمسكوا بها وحافظوا عليها، وعبروا بها الحقب وتحدوا بها رياح التغيير التي تهب بين الحين والآخر".
وأضاف عبدالخالق، لـ"العين الإخبارية": "بدأت السعودية في التأصيل لهوية ثقافية بإعلان مجمع الملك سلمان ومشروع (الرياض آرت)، الذي سيخلد أعمالا فنية تسجل تاريخ الدولة على يد أبنائها، وعلى الأجيال الجديدة أن تتمسك بتلك الفرصة بمواصلة العمل لتقدم ثقافة الدولة وحضارتها في شكل حديث متقدم يثبت أنه لا تعارض بين التمسك بالثقافة والحفاظ على الهوية الخاصة وبين التقدم والحداثة".
وأكد الشاعر والإعلامي المصري محمد الحمامصي، أن "إطلاق السعودية استراتيجية ثقافية تشكل رؤيتها للدور الذي يمكن أن تلعبه داخليًا وخارجيًا، وتحمل خصوصية حراكها الإبداعي والفكري والفني، وتؤكد أصالة هويتها وتراثها الحضاري، وتمثل انتصارًا للمستقبل وأجياله من المبدعين والمثقفين والمفكرين".
وقال الحمامصي، لـ"العين الإخبارية"، إن توجه الاستراتيجية إلى بناء الفرد ثقافياً وتشجيعه على التعبير والحوار الثقافي، وتوفير بيئة تشجع المواهب في كل مجالات الإبداع، أمر بالغ الأهمية، حيث الربط بين الثقافة والمجتمع، فالتنمية الثقافية المجتمعية جزء لا يتجزأ من تعزيز السلام والاستقرار والأمن.
ورأى الحمامصي أن ما طرحته الاستراتيجية من أفكار ومبادرات تدخل حيز التنفيذ قريبًا يجعل من المملكة منصة ثقافية عربية وعالمية قوية، ومحط رِحال المثقفين والمبدعين والفنانين من كل أرجاء العالم، فإقامتها مهرجانًا سينمائيًا دوليًا يعني أنك ستستقبل فناني العرب والعالم ونتاجاتهم السينمائية، وسوف يتسع سقف الحرية ليحتوي الرؤى والأفكار والموضوعات على اختلاف توجهاتها.
بينما قال الكاتب والأديب أحمد الهلال، لـ"العين الإخبارية"، إن تعدد الفنون والثقافات بصورة كبيرة ومتنوعة في السعودية يقوي بروز هويتها الثقافية ثقافته، كونها بلدا شبه قاري تتسم باتساع مساحتها وانفتاحها على 3 قارات مهمة، ومن هذه الفنون الرسم والنحت الذي أسهم في إبراز هوية المملكة وبيئتها المتنوعة.
وأكد الهلال أن المملكة لديها سفراء يتحدثون باسمها في مختلف مجالات الفنون، فنجد الرسام العالمي عبدالحميد البقشي، والرسام والنحات أحمد المغلوث والنحات المبدع حسنين الرمل وغيرهم الكثير ممن قدموا الهوية السعودية، من خلال رسوماتهم ومجسماتهم، وشاركوا في إبراز الهوية السعودية بصورة ربما لا يعرفها الكثير عنها.
ولفت الهلال إلى أن تدشين استراتيجية الثقافة السعودية فرصة سانحة لرسم صورة حقيقة عن الهوية السعودية وإبرازها سينمائياً ومسرحياً وغنائياً بلهجاتها وفنونها، "فلدينا في الغناء السامري النجدي والسامري الحساوي والمجس الغربي، كذلك المجرور والمسحوب وغيرها من الفنون الشعبية الذي هي خير مِصداق على عمق الهوية السعودية".
وأعلنت وزارة الثقافة السعودية، في استراتيجيتها، تدشين 27 مبادرة تُشكّل في مجموعها كل المسارات الثقافية التي تنشط فيها المواهب السعودية في مختلف مناطق المملكة، وتتحقق معها التطلعات المستقبلية، من بينها تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، وإنشاء صندوق "نمو" الثقافي، وإطلاق برنامج الابتعاث الثقافي، وتطوير المكتبات العامة، وإقامة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي.