الشعر والشيلات.. تاريخ غني في الثقافة السعودية
تزخر المملكة العربية السعودية بتاريخ ثقافي وأدبي مشرف وطويل بدأ خلال القرن الماضي، وبلغ أوجه خلال السنوات الأخيرة حتى وصل عنان السماء.
حال الأدب قبل قيام المملكة مغاير لما شهدته الحركة الثقافية بعد قيام المملكة العربية السعودية عام 1351 هجريا 1932 ميلاديا، حيث شهد تطوراً متسارعاً وازدهاراً كبيراً.
وتتنوع الفنون الأدبية التي تميّز المملكة، من بينها فن الشعر والشيلات اللذان ميزا مسيرة الإبداع السعودي وكانا علامتان فارقتان في تاريخ المملكة.
"العين الإخبارية" تلقي نظر سريعة على تاريخ فني الشعر والشيلات في المملكة ومسيرة تطورهما.
تطور الشعر في السعودية
احتل الشعر في المملكة العربية السعودية مكاناً مهماً جداً في التاريخ الأدبي لشبه الجزيرة العربية, وكان انعكاساً لتاريخ الدولة السعودية خلال مراحلها الثلاث.
ووفقا لكتاب "نشأة الشعر السعودي" الصادر عن كلية الآداب جامعة عين شمس المصرية، فإن الشعر في المملكة تناول الأحداث السياسية والتاريخية والدينية والاجتماعية.
ومثل الشعراء السعوديون حلقة الوصل التي تربط الماضي بالحاضر، وكانوا أوفياء لتقاليد أسلافهم واستوحوا أفكارهم من ثقافتهم وتتبعوا خطواتهم بمحاكاة أسلوبهم في الكتابة.
وبفضل جهودهم ولد عصر النهضة الشعرية، حيث تميزت نشأة الشعر بالتزام الشعراء من جميع المناطق بالدفاع عن الإصلاح الديني.
تنوعت الموضوعات الشعرية حول الوعظ والسياسة والوصف والحب، كما برع الشعراء في الرثاء والثناء والمراسلات.
حال الشعر كحال أغلب الفنون الأدبية التي خطت خطوات كبيرة نحو التغيّر والتطور منذ قيام المملكة وابتداء نهضتها الحديثة واستقرار أوضاعها الاجتماعية والسياسية وازدهارها الاقتصادي.
وأسهمت العديد من العوامل في دفع الحركة الأدبية وتطويرها، منها ظهور دور النشر، وإنشاء الأندية الأدبية التي ترعاها الدولة، وكان لها أثر ظاهر في نشر النتاج الأدبي والفكري للسعوديين وغيرهم، وباستقلال "الثقافة" في وزارة كان له أثر جديد، صحبته تطلعات إلى حركة أدبية أعمق وأوسع.
في ستينيات القرن المنصرم بدأت حركات التجديد في الشعر السعودي التي تماهت مع التراث العربي في عهوده المتألقة، وتمثل اتجاهات الشعر في الأدب السعودي ما يلي:
الاتجاه المجدد
يغلب على هذا الاتجاه في الشعر الشعور الوجداني والذاتي وتقل فيه أشعار المدح؛ كما أنّ أكثر ما يبرز فيها هو الشعر الواقعي الذي يصور القضايا في المجتمع، حيث تفاعل أعلام هذا الاتجاه مع الأحداث التي وقعت في ذلك الوقت، مثل تحرير الجزائر، واحتلال فلسطين.
الاتجاه المحافظ
هو امتداد للشعر العربي القديم في الإيقاع والمضمون والشكل، وقد اتجه إليه الشعراء قبل الاتجاه المجدد؛ بما أنّه يمثل امتدادًا للشعر الموروث وليس كالشعر المجدد والذي تمليه الظروف والعوامل الأخرى.
ومن أهم خصائصه الفنية التقيد بالشعر القديم لدى العرب في التركيب والجمل، واللغة المأثورة فيه؛ بالإضافة لالتزام الشعراء فيه للقافية والوزن العمودي، واستخدام الصور الفنية الشائعة كالاستعارة المكنية والتشبيه والجناس.
الشيلات تغزو العالم انطلاقا من السعودية
غزت الشيلات آذان محبي الموسيقى حول العالم انطلاقاً من المملكة السعودية، إذ بلغ عدد مشاهدات بعضها أكثر من ٧٢ مليوناً على موقع "يوتيوب" بحسب "جوجل تريند".
وذكر موقع البحث الشهير أن كلمة "شيلات" وصلت عام ٢٠١٧ إلى أعلى نسبة بحث خلال تاريخ انتشارها على الإنترنت.
الشيلات هي جمع كلمة شيلة، وهي أحد الفنون الشعبية الموروثة في منطقة الجزيرة العربيّة، تحديداً في المملكة العربية السعودية
وهي نوع من أنواع التغنّي بالشعر، ولكنّها تختلف كلَّ الاختلاف عن المواويل التي تشتهر في كثير من المجتمعات العربية أو الأغاني.
فالمواويل تقترب من اللغة العادية بسبب كثيرة حروف المد فيها، والأغاني تستعمل فيها المعازف، أمّا الشيلات فهي تغنِّ بالشعر خالٍ من المعازف تمامًا.
والشيلة هي القالب الصوتي للشعر وتؤدى بألوان عدة منها ما هو متعلق بالموروث الشعبي القديم، ومنها ما تم بدعه حسب اللحن.
تعد الشيلات معروفة منذ القدم، فقد تغنت بها الأصوات على ظهور الإبل وحولها وفي أعمال البناء وأعمال الزراعة.
وعندما يؤديها صوت شجي وبشكل يضمن وزن القصيدة وسماع مفرداتها بشكل واضح فإنها تشكل عامل جذب للسماع والتشجيع على عمل وذهاب تعبه.
ونجحت الشيلات في تخليد العديد من القصائد القديمة، حيث تداولتها الأجيال لأن لها روح الطرب الشعري.
وتحظى الشيلات بمتابعة كثير من شرائح المجتمع، لألحانها الحماسية ولخلوها من المعازف التي لا تفضل شريحة من المجتمع الاستماع إليها.
وهي تتكون من 4 عناصر: القصيدة، اللحن والإيقاع، وأخيرا النشر، ويكفي رفعها على "يوتيوب" لأنها لا تحتاج إلى موزع وحقوق نشر وملكية فكرية، ما أسهم في انتشارها.