المتابع للخطاب السياسي والتعامل السعودي والإماراتي يجد أنه يطغى عليه الطابع الإنساني حيث تحركت الرياض وأبوظبي لسد الاحتياجات الإنسانية
تعاملت العديد من الدول مع فيروس كورونا باللجوء إلى حالة الانكفاء على الداخل في محاولة لترتيب أوضاعها الداخلية وبخاصة إنعاش أجهزتها ومؤسساتها وبخاصة الصحية في مواجهة فيروس كورونا، وبالتالي لم يكن هناك مجال لبعض الدول أن تفكر خارج محيطها الجغرافي.
لكن الإدارة السعودية والإماراتية مع فيروس كورونا تعاملت مع هذه الأزمة بمحاولة التوفيق ما بين الحالة الداخلية وبين الجانب الإنساني في إدارة هذه الأزمة، وبالتالي استطاعت السعودية والإمارات أن تقدم تجربة إنسانية عالية مع أزمة فيروس كورونا تأخذ بعين الاعتبار مد يد العون والمساعدة للشعوب المنكوبة في مواجهة هذا الوباء.
يمكن القول إن الإدارة السعودية والإماراتية في مواجهة فيروس كورونا والتي لم تلجأ إلى حالة الانكفاء على الداخل وإنما تخطت حدودها الجغرافية أنها مدفوعة بأمرين، الأول هو حالة النهضة والتطور التي تعيشها المؤسسات السعودية والإماراتية وبخاصة في قطاع المنظومة الصحية وقطاع المخزون الغذائي الإستراتيجي.
وهو ما جعل الدولتين قادرتين على مواجهة فيروس كورونا بدون الحاجة إلى الدخول في حالة من الاستنفار خوفا من العجز الذي قد يحصل في المخزون الغذائي أو حالة الترهل التي قد تثيب المنظومة الصحية والأمر الأخر وهو الأسس التي تسير عليها الدولتين وهو العامل الإنساني والذي تولي الرياض وأبوظبي أهمية كبيرة لهذا العامل، والتي ترى السعودية والإمارات أنه يقع على عاتقهما مساعدة الشعوب المنكوبة بحكم ما تتمتع به الدولتين من مكانة وثقل ووزن سياسي، وما يقع على عاتقهما منذ سنوات طويلة من الإمساك بزمام القيادة في المنطقة.
المتابع للخطاب السياسي والتعامل السياسي السعودي والإماراتي يجد أنه تعامل يطغى عليه الطابع الإنساني، حيث تحركت الرياض وأبوظبي في العمل على سد الاحتياجات الإنسانية من نقل وإجلاء العالقين من الدول العربية في المناطق الموبوءة بفيروس كورونا كما فعلت الإمارات، ومن التحرك لتأمين المعدات والأجهزة الطبية كما تعاملت السعودية مع فلسطين واليمن .
المتابع للخطاب السياسي والتعامل السياسي السعودي والإماراتي يجد أنه تعامل يطغى عليه الطابع الإنساني، حيث تحركت الرياض وأبوظبي في العمل على سد الاحتياجات الإنسانية من نقل وإجلاء العالقين من الدول العربية في المناطق الموبوءة بفيروس كورونا.
وبالتالي فهذا التحرك السعودي والإماراتي ليس من المبالغة إن قلنا إنه فرض إعادة تعريف مفاهيم حقوق الإنسان والتي نجدها في الخطاب السياسي الغربي تتوقف على "كلمات مطاطة مثل الحرية وغيرها".
وجاء هذا التعامل ليرسي قواعد جديدة فيما يتعلق بمفهوم حقوق الإنسان وهو الاتجاه السريع نحو الفعل وهو التحرك السريع في إدارة الأزمات بما يخدم الحفاظ على صحة الإنسان، وأن الحفاظ على صحة الإنسان وحقه في الحصول على الخدمات الصحية هي جوهر حقوق الإنسان.
الأمر الآخر وهو الأكثر أهمية في مسألة "حقوق الإنسان " هو تحقيق المساواة بين المواطن والمقيم في الحصول على الخدمة الصحية، والعلاج، ففي حين جاء فيروس كورونا ليكشف عن النفس العنصري لدى البعض، وهو ما نشاهده في المطالبة بإخراج الوافدين وعدم علاجهم.
وكانت السعودية تؤكد على تحقيق المساواة بين المواطن والمقيم في مواجهة فيروس كورونا، وهو ما نشاهده في القرارات السعودية والتي صدرت بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وهي التأكيد على تقديم العلاج المجاني للمواطنين والمقيمين وحتى ممن هم مخالفين لنظام الإقامة والعمل.
الأمر الآخر في مسألة "حقوق الإنسان" هو التعامل مع أزمة فيروس كورونا بالعمل على بث روح الطمأنينة وقطع الطريق أمام زراعة الخوف والهلع لدى المواطنين والمقيمين، ففي حين فضلت قيادات سياسية أن تتوارى عن الأنظار في مرحلة فيروس كورونا كما هو حال أمير قطر.
وفي حين حاولت قيادات سياسية غربية أن تعمل على تضخيم الحدث وأن تعمل على زرع الخوف والهلع وهو ما نشاهده في الخطاب السياسي الغربي الذي تجسده تصريحات رئيس الوزراء البريطاني، نجد أن السعودية والإمارات تعاملت مع هذه الحدث بإنسانية عالية تجسدت في بث روح الطمأنينة وتقوية روح العزيمة والإيمان لدى المواطنين والمقيمين وهو ما نشاهده في خطاب الملك سلمان الذي جاء ليزرع الأمل ويؤكد على أهمية مواجهة فيروس كورونا بالعزيمة والإيمان التي هي الطريق للخروج من هذه المرحلة.
وأيضاً في تصريحات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان التي كانت مطمئنة للمواطنين والمقيمين في دولة الإمارات والتي قال فيها "لا تشلون هم"، وهو الأمر الذي ساهم إلى حد كبير في أن يجعل السعودية والإمارات مختلفة عن بقية الدول حيث لا يوجد مشاهد تجسد حالة الهلع والخوف الشعبي، بل كانت الطمأنينة وهي من تسيطر على المشهد.
ختاماً.. فيروس كورونا يفرض إعادة تعريف حقوق الإنسان، فهي ليست مجرد شعارات فارغة تسقط مع أول اختبار لها، بل هي طريقة إدارة وخطاب سياسي متزن وعقلاني يقود إلى تقوية روح العزيمة والإيمان لدى الشعوب، وهي تحقيق النهضة والتطور الذي يخدم الإنسان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة