لا أعتقد أن الوطن العربي مرّ بفترة عصيبة مليئة بالمأسي والدماء والدموع، كتلك التي مرت بنا في السنوات القليلة الماضية.
لا أعتقد أن الوطن العربي مرّ بفترة عصيبة مليئة بالمآسي والدماء والدموع، كتلك التي مرت بنا في السنوات القليلة الماضية. انهيار دول وتشريد للملايين، وتدمير أجيال بأكملها بسبب اندلاع ما يسمى بالربيع العربي، تلك الشرارة التي استغلتها بخبث إيران واستمرت في إذكائها لتستفيد من الفوضى بالتمدد ونشر فشلها في الدول العربية.
ضاعت الكثير من الدول بسبب التدخل الفارسي الذي لايزال مستمراً حتى هذه اللحظة، ما تريده إيران هو السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأراضي العربية، ورغم أن مشروعها بات أوضح من الشمس، ورغم معرفة الجميع أن الدول التي تطمح إيران بالسيطرة عليها، لن تكون إلا نسخاً مكررة للفشل الذي يعاني منه الداخل الإيراني نفسه؛ والذي انفجرت بسببه مظاهرات سئم المشاركون فيها من الفساد والبطالة والهدر على مليشيات الخارج، أقول: رغم وضوح المشروع الإيراني في المنطقة، إلا أن الكثير من العرب سامدون لا يعون خطورة أن تتمدد في الوطن العربي دولة ثيوقراطية يحكمها معممون بعقليات العصور الوسطى، لكن السعودية والإمارات كانتا الدولتين الوحيدتين اللتين فطنتا لهذا المشروع المرعب من بدايته، وعملتا بكل قوة وحزم على كبح جماحه، فقدت السعودية والإمارات أرواحاً طاهرة وأموالاً طائلة في سبيل إيقاف هذا المد، ليس ذلك فحسب بل كان على هاتين الدولتين مواجهة الأصوات العربية «المُغيبة» التي ترى المشهد كمنافسة للسيطرة في الوطن العربي؛ بينما الواقع هو دور مشرّف تلعبه السعودية والإمارات لكبح النار الفارسية الآخذة في التمدد، ولولا ماقامت به هاتان الدولتان لأصبح الولي الفقيه يحكم غالبية الأراضي العربية، إذ إن من السذاجة أن نتوقع بأن الأمر كان سيتوقف عند لبنان وسوريا واليمن والعراق، فالأطماع الفارسية أبعد من ذلك بكثير.
ربما لا يفهم الكثيرون أهمية الدور الذي تلعبه السعودية والإمارات الآن، لكن بكل تأكيد سنحصد نتيجة صرامة هذه القيادات في حسم الأمور وتصحيحها في المستقبل، وعندها سيكون الوطن العربي مديناً بالكثير من الامتنان لهاتين الدولتين على تحركهما السريع والحاسم
لم تواجه السعودية والإمارات المد الإيراني فحسب، بل قرأتا المشهد القاتم بوضوح واستوعبتا الدرس جيداً، وجاء القرار سريعاً: لن يكون لإيران نفوذ في المنطقة كما لن يكون لمتطرفي القاعدة وداعش وجود في أراضينا، ولذلك بدأت هاتان الدولتان في إصلاحات شاملة تستهدف نزع بذور التطرف قبل تبرعمها، والقضاء على الكراهية ونشر قيم التعايش وتعاليم الإسلام الوسطي المتسامح مع الآخر.
ربما لا يفهم الكثيرون أهمية الدور الذي تلعبه السعودية والإمارات الآن، لكن بكل تأكيد سنحصد نتيجة صرامة هذه القيادات في حسم الأمور وتصحيحها في المستقبل، وعندها سيكون الوطن العربي مديناً بالكثير من الامتنان لهاتين الدولتين على تحركهما السريع والحاسم لمواجهة التحديات التي كادت أن تدمّر الوطن العربي تماماً.
نقلاً عن " الرياض "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة