النطح اليائس في الصخر، لن ينتج عنه إلا شجّ رأس قطر التي سكنتها الأباطيل.
ليست المرة الأولى التي يحاول فيها تنظيم الحمدين تنفيذ مخطط شيطاني فينقلب مخططه وبالاً عليه، ويبوء بالخيبة والخسران. فقد حاول صبيان الحكم في الدوحة، وأذنابهم وأبواقهم الممولون منهم أن ينسجوا واحدة من أكاذيبهم البائسة، فادعوا وجود خلافات أو حتى تباينات في وجهات النظر بين الإمارات والسعودية في شأن العمليات التي تستهدف إعادة الأمن والهدوء إلى اليمن الشقيق، ليجيء الردُّ الإماراتي السعودي صاعقاً كاسحاً جليّاً كضوء الشمس التي يحاول الأقزام تغطيتها.
بؤس التفكير القطري قاد صبيان الدوحة منذ اللحظة الأولى لقرار الرباعية العربية مقاطعة قطر إلى خطة تكشف إلى جانب التهافت السياسي خبث الطوية وتدني الخلق، فقد صورت لهم أوهامهم أنهم يمكن أن يحدثوا ثغرة في العلاقات الإماراتية السعودية عن طريق الدسّ أو الأكاذيب التي يعتاشون عليها، وأما التهافت السياسي في اللعبة القطرية الغبية فهو يتأتى من أنها لم تعرف، ولن تعرف أبداً، مدى عمق الأواصر والصلات السعودية التي ترتكز إلى أُخُوَّة صادقة واحترام متبادل بين البلدين والشعبين، وإدراك للمسؤولية السياسية والإنسانية التي تُحتِّم الحفاظ على استقرار المنطقة وأمن شعوبها ضد أسوأ مخطط تعرضت له طيلة تاريخها الحديث، وهو المخطط الذي يريد أن يتركها أشلاء تمزّق الصراعات والخلافات شملها.
ولذا فإن هذا النطح اليائس في الصخر، لن ينتج عنه إلا شجّ رأس قطر التي سكنتها الأباطيل. وأما خبث الطوية في هذه المحاولات، فينعكس في أن قطر تلجأ إلى الأسلوب الذي لا تعرف سواه، وهو زرع الفتن وبث الفرقة، باعتبار ذلك منهجاً سياسياً تعتنقه، وخلقاً يتملك قادتها وسياسييها منذ نحو عقدين، وما أقبحه.
الأُخُوَّة الإماراتية السعودية ليست في حاجة إلى ما يؤكدها، أو ما يبرهن عليها، لكن المشاعر الشعبية الفياضة التي تسابق إلى التعبير عنها مواطنو البلدين من كل الأطياف والمستويات خلال الأيام الأخيرة كانت رسالة لها دلالاتها في هذا الوقت إلى صانعي الفتن والمؤامرات.
إن مَنْ أقام سياسته على تأليف الكلمة وتوحيد الصفوف لا تؤثر فيه تلك الأمراض السياسية والخلقية التي ضربت نظام الحمدين. فالإمارات إنما قامت على توحّد الكلمة والصف والهدف، فنهضت وازدهرت بفضل قائد عظيم هو المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. والمملكة قامت وازدهرت على لمِّ الشمل وتوحيد هذه المساحة الشاسعة في الجزيرة العربية تحت راية واحدة مباركة على يد الملك عبدالعزيز، رحمه الله، مما جعل المملكة تحتل مكانتها العالمية الفريدة التي تترسَّخ يوماً بعد يوم.
هذا أحد أوجه التشابه بين الإمارات والسعودية، ولذا فإن ما يجمع بينهما من تكاتف وأُخُوَّة يرتكز على توحّد المفهوم السياسي الذي قامت عليه الدولتان، والاحترام الذي اتسمت به علاقات قادتهما منذ سبعينيات القرن الماضي، وهذا الأساس المتين يجعل علاقة البلدين تتجاوز مفهوم "التحالف الاستراتيجي" أو "تحالف المصالح"، وهذا ما لا تعرفه الدوحة، وحُق لها ألا تعرف، فكيف لها أن تعي قيماً مثل الاحترام والمسؤولية، وهي لم تجرّب أياً من هذه القيم ولا تتصور وجودها من الأصل؟.
لا تعرف الدوحة أن الرجال الكبار يستمدّون الهيبة من صدقهم ومن التزامهم بكلمتهم والوفاء بوعودهم، ومن مسؤوليتهم التي يرعونها ويتحملونها، ومن تقدير الشيم والفضائل التي يتوارثونها كابراً عن كابراً، ويفخرون بها أكثر من المُلك والسلطان، لكن من ورث عن سلفه غير ذلك لا يفهم اللغة التي لم يسمعها في محيطه.
الأُخُوَّة الإماراتية السعودية ليست في حاجة إلى ما يؤكدها، أو ما يبرهن عليها، لكن المشاعر الشعبية الفياضة التي تسابق إلى التعبير عنها مواطنو البلدين من كل الأطياف والمستويات، خلال الأيام الأخيرة، كانت رسالة لها دلالاتها في هذا الوقت إلى صانعي الفتن والمؤامرات، وصفعة على وجوههم بعد أن علا ضجيجهم الفارغ بحديث الإفك عن العلاقات الإماراتية-السعودية التي تملأ قلوبهم حسرة وحقداً.
ليس بوسعي أن أزيد كثيراً على ما قاله مئات الآلاف من أبناء الإمارات والسعودية الذين تسابقوا إلى التعبير عن مشاعر الحب والتقدير على وسائل التواصل الاجتماعي؛ مستخدمين كل ما هو متاح من أدوات، أو على عشرات المقالات السعودية التي تحدثت بإكبار وحب عن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وعن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ودوره في تعميق العلاقات بين البلدين، لكنني أود أن أشير إلى أن امتزاج الدماء الإماراتية والسعودية في ميادين الشرف والبطولة والفخر هو أعظم وأصدق تتويج لعلاقاتنا ولأخُوَّتنا.
كان البلدان معاً دائماً في معارك الشرف، ولقد جمعت بينهما رفقة السلاح في تحرير الكويت عام 1990، وفي قوات "درع الجزيرة" وفي تعاون عسكري منتظم منذ أوائل الثمانينيات، لكن السنوات الأخيرة كانت تطوراً نوعياً في أُخُوَّة السلاح والدم، تجسّد في تحركات ومهام إماراتية سعودية خالصة، سعت إلى وأد الخطر بأيدٍّ خليجية، والدفاع عن الخليج والعالم العربي ضد أعداء يتربصون به ويحيكون المكائد من أجل تفتيته وقضمه قطعة وراء قطعة، وللأسف كانت قطر جزءاً من هذه المؤامرات.
في البحرين تحركت الإمارات والسعودية جنباً إلى جنب، وبقرار شجاع من القيادة في البلدين، وسُحقت المؤامرة التي حاولت اختراق دول الخليج من داخله، وفي اليمن كانت الملحمة الكبرى سعودية إماراتية خالصة، وهي لا تزال مستمرة حتى النصر وقطع يد إيران وميليشياتها. وعلى الساحتين سالت دماء الشهداء الطاهرة لتعطي الأخُوّة والتحالف الممتدين في التاريخ بعداً جديداً يتجاوز كل ما سبق. فهل بعد امتزاج الدماء في ميادين الشرف رابط؟ يكفي أن كل إماراتي يفكر في أن ابنه أو شقيقه أو أباه الذي يقاتل في اليمن يحميه شقيق سعودي، وكل سعودي يدرك أن ابنه أو شقيقه أو أباه الذي يؤدي واجبه الوطني والديني والإنساني في اليمن يسهر عليه شقيق إماراتي، وأن كلاً منهما مستعد للتضحية بحياته فداء للآخر، فهل يفهم من لا يريد أن يفهم أن العلاقات الإماراتية السعودية الضاربة بجذورها في عمق التاريخ والقيم المشتركة، والممتدة فروعها الطيبة إلى عنان السماء تنمية ورخاء وازدهاراً ومكانة عالمية، تستعصي على مؤامرات الأقزام؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة