سيد النقشبندي.. كروان الإنشاد الذي غنى لـ«الجن» بأمر رئاسي (بروفايل)

سيد النقشبندي، اسم يتردد في أروقة التاريخ المصري والعربي كأيقونة خالدة في عالم الإنشاد الديني.
ترك النقشبندي بصمته العميقة في قلوب الملايين بتلاوته الرائعة وأدائه المميز، حيث يعتبر من بين الفنانين الذين صنعوا تاريخاً مشرقاً في عالم الفن والإبداع.
بداية متواضعة
ولد سيد النقشبندي في 7 يناير/ كانون الثاني 1920 في قرية بسيطة بمحافظة الدقهلية في شمال شرق القاهرة.
ورغم أن بداياته كانت متواضعة، إلا أنه استطاع أن يتربع على عرش الإنشاد الديني بمصر والعالم العربي بفضل موهبته الفذة وإتقانه للقرآن الكريم والإنشاد الديني.
تعلم النقشبندي القرآن الكريم وأصول الإنشاد الديني في محافظة سوهاج بصعيد مصر، حيث تربى على يد والده الذي كان من أبرز شيوخ الطرق الصوفية في ذلك الوقت.
ومنذ صغره، برزت موهبته الفريدة في الإنشاد والتلاوة، فكان يهفو إليه المستمعون ويتابعون أداءه بإعجاب شديد في كل المناسبات التي كان يحييها في صعيد مصر.
طريق الشهرة
بداية الشهرة جاءت للنقشبندي عندما التقى الإذاعي الكبير أحمد فراج في مسجد الحسين بوسط القاهرة.
وبعد أدائه الرائع في هذا المسجد، قرر فراج تسجيله في برنامجه الشهير "في رحاب الله"، مما أسهم في توسع شهرته بشكل واضح.
ومن خلال الإذاعة، اكتسب النقشبندي شهرة واسعة، حيث قدم خلال مسيرته الفنية التي امتدت لسنوات عديدة ما يقرب من 40 ابتهالاً، أبرزها ابتهال "مولاي" الذي لا يزال يُعتبر أحد أهم الأعمال الفنية في تاريخ الإنشاد الديني.
وكانت له تعاونات فنية مع عدد من عمالقة الموسيقى في ذلك الوقت مثل محمود الشريف وسيد مكاوي وبليغ حمدي وحلمي أمين وأحمد صدقي.
واستطاع النقشبندي أن يحظى بتقدير الجمهور والنقاد على حد سواء، حيث نال عدة ألقاب منها كروان الإنشاد الديني وقيثارة السماء وإمام المداحين، وغيرها، التي تجسد مكانته الفنية والدينية في الوسط الفني والثقافي.
مع السادات
كان للنقشبندي قصة طريفة مع الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، حيث طلب السادات منه التعاون مع الموسيقار بليغ حمدي في إنشاد أحد الأناشيد في حفل خطوبة إحدى بناته.
كان النقشبندي مدعواً لحفل خطوبة إحدى بنات الرئيس السادات، في الوقت الذي كان فيه الموسيقار بليغ حمدي أحد الحضور ولهذا قرر الرئيس السادات أن يجمع بينهما في عمل واحد، وقتها اندهش النقشبندي وأبدى استغرابه، بينما شعر بليغ بسعادة فهو من عشاق صوته.
استشعر النقشبندي الحرج وحاول التنصل من التكليف الرئاسي مستعينا بصديقه الإذاعي وجدي الحكيم للخلاص من هذا المأزق، إلا أن الأخير أبلغه بأن تعاونه مع بليغ أمر رئاسي وفي حال عدم التنفيذ فسيتم اعتقاله.
نتيجة لذلك، ذهب النقشبندي مع وجدي الحكيم لمنزل بليغ حمدي، ومعهما الكلمات التي كتبها عبدالفتاح مصطفى، وعندما سمع النقشبندي اللحن خلع العمامة والجلباب من فرط الإعجاب باللحن ووصف "بليغ" بالجن.
تواضع حتى النهاية
رغم شهرته الواسعة وتأثيره الكبير، بقي النقشبندي متواضعاً ومتفانياً في فنه حتى لحظة وفاته في 14 فبراير 1976، إثر أزمة قلبية.
وفي وصيته، طلب النقشبندي أن يدفن مع والدته في مقابر الخلوتية بحي البساتين بالقاهرة، وألا يُقام له مأتم، بل يُكتفى بالعزاء والنعي في الجرائد.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI2IA== جزيرة ام اند امز