فضيحة جديدة في لبنان تصل للقضاء.. إهدار آلاف الأطنان من دقيق المساعدات
وسط أزمات لبنان المتلاحقة، تصدر، اليوم الخميس، مشهد فضيحة جديدة تتعلق بإهدار آلاف أطنان الطحين المقدمة من دولة العراق بعد الانفجار.
الأزمة بدأت غداة إعلان بلدية الغبيري عن أن آلاف أطنان الطحين المقدمة من دولة العراق بعد الانفجار معرّضة للتلف جراء تخزينها تحت مدرجات المدينة الرياضية، ما أثار انتقادات واسعة لوزارة الاقتصاد.
وفي وقت يئن الشعب اللبناني تحت الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، عمدت وزارة الاقتصاد إلى تخزين آلاف الطحين المرسلة كمساعدات من العراق، بطريقة عشوائية في مخزن فيما يعرف بالمدينة الرياضية في بيروت، ما أدى إلى فسادها وتلف جزء كبير منها نتيجة الأمطار الكثيفة التي تسربت إلى المكان، ودفع بمجموعة من المحامين للتقدم بدعوى إلى القضاء ضدّ المسؤولين.
- "الأغذية العالمي" يرسل 50 ألف طن من طحين القمح إلى لبنان
- نكبة بيروت.. برنامج الأغذية العالمي يؤمن شراء القمح للبنان
وفي حين حاول وزير الاقتصاد راوول نعمة التهرب من المسؤولية، أكدت بلدية الغبيري في بيان هذه الفضيحة، مرفقة بصور لكميات الطحين، أن "شرطة البلدية كشفت عن كارثة في مستودعات المدينة الرياضية"، لافتة إلى أن "الطحين عرضة للمياه والرطوبة والهواء وأن "آلاف الأطنان من الطحين من المساعدات المرسلة من دولة العراق تخزن بشكل سيئ أسفل المدرجات وفي القاعات السفلية".
وبعد الانتقادات التي طالت نعمة، أعلن عبر حسابه على "تويتر" أنه تمّ تخزين نحو ٧٠٠٠ طن من الطحين في المدينة الرياضية بشكل مؤقت وبسعي من الجيش اللبناني، وذلك لتوزيعه على مراحل على الأفران والمطاحن ليستفيد اللبنانيين من الهبة عبر زيادة وزن ربطة الخبز، مع أخذ كل التدابير الوقائية الممكنة للحفاظ على الطحين.
وأوضح في تغريدة ثانية أنّ "الصور التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، فهي تظهر مواد تعرضت للتلف أثناء عملية تفريغ ونقل البضائع".
لكن في المقابل، قال المدير العام للمنشآت الرياضية رياض الشيخة في بيان أن "الطحين مخزن في المدينة الرياضية لصالح وزارة الاقتصاد بناء على طلبها لمدة 15 يوما لا غير إلى حين توزيعه، وليس لنا أي علاقة بهذا الموضوع".
ورغم نفي مسؤوليته، فإن وزير الاقتصاد منع فريق سلامة الغذاء في بلدية الغبيري من الكشف على الطحين في المدينة الرياضية، بحسب ما أعلن الفريق اليوم في شريط فيديو مسجل من أمام موقع تخزين الطحين، مشيرا إلى أن وزير الاقتصاد لم يعط التصريح للمراقبين للدخول والكشف على المواد الغذائية والطحين.
واليوم ذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" أن مجموعة "الشعب يريد إصلاح النظام"، ممثلة بعدد من المحامين تقدمت ببلاغ إلى النيابة العامة المالية ضد كل من يظهره التحقيق من الوزراء والمديرين والموظفين والمسؤولين المعنيين بجرم "الإهمال الوظيفي والتسبب بإتلاف آلاف الأطنان من هبة الطحين العراقي المقدمة للحكومة اللبنانية لتوزيعها على فقراء الشعب اللبناني".
وفي وقت لاحق اليوم، وجه الوزير نعمة كتابا إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء بشأن تخزين هبة الطحين.
وأفاد أنه لم يكن على استعداد لتفريغها وتخزينها في غضون 3 أيام من تبليغه بالهبة، لكن قامت مديرية الجيش بتقديم المدينة الرياضية كمستودع مؤقت تحت إشرافها.
وأشار إلى أنه تم تخزين 7000 طن على طبال خشبية بحماية شوادر بلاستيكية، أما الصور التي انتشرت فهي عبارة عن أكياس تالفة غير صالحة للتصنيع وقد وضعت جانبا لتلفها.
وقال نعمة في هذا السياق إن "الكمية المتضررة لا تتعدى ثلاثة أكياس وستسحب تدريجياً". وأوضح أنّ الهبة العراقية بلغت 10 آلاف طن، تم توزيع نحو ثلاثة آلاف منها، بينما تمّ تخزين الكمية المتبقية في المدينة الرياضية.
هدم إهراءات الحبوب
وفي سياق متصل، أعلن وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة الخميس، أنه سيصار في المرحلة المقبلة إلى هدم اهراءات الحبوب بعد تصدّع أساساتها جراء انفجار مرفأ بيروت المروع قبل ثلاثة أشهر.
وقال في مؤتمر صحافي عقده في الوزارة، إنه بعد دراسة واقع المبنى من قبل خبراء "تبيّن لنا أن الاهراء متضرر، وبدقة أكبر يشكل خطراً على السلامة العامة للذين يقتربون منه".
وأوضح أن "إمكانية الانهيار واردة في كل لحظة خصوصاً أنّ الأساسات متضررة وبات هدمه ضرورة لتفادي أي مشكلة أخرى قد تطرأ" لافتاً إلى أن "الجيش سيتولى هدم الاهراء بمواكبة من الخبراء".
ووقع انفجار مروّع في العنبر رقم 12 المجاور لإهراءات القمح في المرفأ في الرابع من أغسطس/ آب الماضي، ما تسبّب بمقتل أكثر من مئتي شخص بينهم عدد من موظفي غرفة التحكم في الاهراءات وإصابة أكثر من 6500 شخص. كذلك، ألحق أضراراً جسيمة بالمرفأ وعدد من أحياء العاصمة.
وعزت السلطات الانفجار إلى تخزين كميات هائلة من نيترات الأمونيوم في المرفأ من دون شروط وقاية. وتحقق السلطات، التي أوقفت 25 شخصاً بينهم كبار المسؤولين عن إدارة المرفأ وأمنه، في القضية من دون أن تعلن عن أي نتائج بعد.
وكان حوالى 45 ألف طن من الحبوب خصوصاً القمح والذرة مخزنة في الاهراءات عند وقوع الانفجار، وفق وزارة الاقتصاد، من دون أن تتضح الكميات التي ما زالت موجودة في قسم من الصوامع.
إلا أن نعمة أوضح أنها "غير صالحة للاستهلاك البشري والحيواني"، وفق ما أظهرته تقارير أعدها خبراء بعد الانفجار. وقال "سنعمل لتفريغ الصوامع في أسرع ما يمكننا ومن دون مخاطرة" حفاظاً على سلامة العمال.
وبدأ لبنان بناء الاهراءات في نهاية الستينات، بفضل قرض حصل عليه حينها من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية. وحذّرت الأمم المتحدة نهاية أغسطس/آب من أن أكثر من نصف سكان لبنان معرضون لمواجهة خطر انعدام الأمن الغذائي في الأشهر المقبلة، بعدما فاقم الانفجار الأزمة الاقتصادية الحادة في البلاد.
ودعت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) في تقرير، الحكومة اللبنانيّة إلى إعطاء الأولوية لإعادة بناء اهراءات الحبوب باعتبارها أساسية للأمن الغذائي الوطني.