فضائح خلف القضبان.. أكثر من ألف موظف سجون بريطاني تحت طائلة التأديب
كشفت بيانات رسمية حديثة عن أزمة متفاقمة داخل منظومة السجون البريطانية، بعدما أظهرت أن أكثر من ألف موظف يعملون في السجون ومراكز المراقبة خضعوا لإجراءات تأديبية خلال الاثني عشر شهرًا الماضية.
في مؤشر مقلق على اتساع نطاق المخالفات وسوء السلوك داخل واحدة من أكثر المؤسسات حساسية في البلاد، وبحسب الأرقام الصادرة عن هيئة السجون والمراقبة البريطانية (HMPPS)، فإن 1286 موظفًا واجهوا تحقيقات تأديبية وسلوكية خلال العام، انتهت بمعاقبة 939 منهم، فيما قفز عدد حالات الفصل أو العقوبات الجسيمة من 287 إلى 405 حالة بين مارس 2024 وأبريل 2025، أي ما يقارب الضعف خلال عام واحد فقط.

وتنوعت المخالفات بين إقامة علاقات غير مشروعة مع نزلاء، وتهريب مواد محظورة، وإساءة استخدام أنظمة الحاسب الآلي، وصولًا إلى التغاضي عن تعاطي المخدرات داخل الزنازين، وهي وقائع تصدرت عناوين الصحف البريطانية وأثارت تساؤلات حادة حول الرقابة والانضباط داخل السجون.

ومن بين القضايا التي أحدثت صدمة واسعة، قضية ضابطة السجن ليندا دي سوزا أبرو، التي حُكم عليها بالسجن 15 شهرًا بعد انتشار مقطع مصور لها داخل سجن واندزورث، في واحدة من أكثر القضايا التي ألحقت ضررًا بسمعة جهاز السجون. كما برزت قضية إيزابيل ديل، التي أُدينت بإقامة علاقات متعددة مع سجناء في أكثر من سجن، وانتهى بها الأمر إلى المحاكمة بعد سلسلة من الوقائع التي كشفت هشاشة الضبط الإداري.
وأظهرت البيانات أن الرجال شكّلوا النسبة الأكبر من حالات الفصل، بواقع 276 حالة مقابل 129 حالة بين النساء، مع تسجيل ارتفاع في معدلات التحقيق بنسبة 5% بين الرجال و7% بين النساء. كما تبين أن الموظفين الأصغر سنًا هم الأكثر عرضة للمساءلة، إذ خضع 4.4 من كل 100 موظف دون سن الثلاثين للتحقيق، مقارنة بـ2.4 فقط بين من تجاوزوا الستين عامًا.

وعلى مستوى المؤسسات، تصدر سجن واندزورث قائمة السجون الأكثر تورطًا في قضايا سوء السلوك خلال العقد الماضي، بإجمالي 52 موظفًا خضعوا لإجراءات جسيمة، يليه سجن ويكفيلد بـ47 حالة. وفي العامين 2023 و2024، كان سجنا واندزورث ووايلاند الأعلى من حيث عدد حالات الفصل والعقوبات.
وفي سياق موازٍ، كشفت تحقيقات صحفية أن بعض إدارات السجون سمحت لموظفين متهمين بارتكاب مخالفات جنائية بالاستقالة أو الانتقال بهدوء إلى منشآت أخرى، دون إخطار الشرطة، في محاولة لتفادي الفضيحة الإعلامية. وأشارت شهادات من داخل سجن فيلثام، المعروف بكونه من أكثر السجون عنفًا في بريطانيا، إلى وجود ما وُصف بـ«التستر الإداري» على حوادث خطيرة.

كما أظهرت أرقام حصلت عليها وسائل إعلام بريطانية وجود أكثر من 1600 تحقيق متعلق بخرق إجراءات الأمن بين عامي 2022 و2024، مع توصية بفصل 52 موظفًا، في حين استقال 549 آخرون خلال التحقيقات ذاتها.
وتأتي هذه الوقائع في وقت تتزايد فيه الضغوط على الحكومة البريطانية لإعادة النظر في آليات الرقابة والتأهيل داخل السجون، وسط تحذيرات من أن استمرار هذا التدهور يهدد سلامة المؤسسات العقابية ويقوض ثقة الرأي العام في قدرتها على فرض القانون داخل أسوارها.