"العين الإخبارية" تفتش عن "حواديت" الأطفال المختفية.. مَن سرقها؟
في زمن "الهواتف الذكية"، اختفت حكايات الأطفال، التي كانت تعدّ لحظة خيالية مميزة لا تنسى في حياة الوالدين مع أطفالهم.
قصص مختلفة مرحة ومرعبة كانت تربط الأبناء بآبائهم، إلا أنها تراجعت في السنوات الأخيرة، "العين الإخبارية" سألت عددا من المختصين عن سر الاختفاء.
تقول شيماء نبيل، كاتبة متخصصة في قصص أطفال، إن القصص لم تختف لكن أدب الطفل في السنوات الأخيرة تطور بشكل كبير، وأثر بصورة إيجابية في تغيير سلوكيات الأطفال.
وانتقدت في تصريح لـ"العين الإخبارية" تخويف الأطفال بالقصص، قائلة: "هذه النوعية من القصص كان لا بد لها من الاختفاء، لأن التربية بتخويف الطفل وضربه بدأت في الاختفاء، وتم استبدالها بالتربية الإيجابية".
وتابعت: "التربية الإيجابية تكون على الصراحة والوضوح، أما التخويف كان يؤثر على شخصية الطفل، وخصوصًا إذا كان صاحب خيال واسع، فكانت هذه الحكايات تجعله لا يستطيع النوم".
وأشارت إلى أن التربية السلبية القديمة قد تنجح مع طفل وتفشل مع آخر، بعكس التربية الإيجابية التي تنجح مع الجميع، مضيفة: "القصص والأغنيات الهادفة تساهم في تغيير سلوكيات الطفل، لأنه عندما يتذكرها يمتنع عن القيام بالسلوك الضار".
واختتمت: "القصص القديمة يمكن أن نحكيها لأطفال كبار أو يافعين كقصة رعب، لكن علينا ألا نخيف الطفل الصغير بالخيال".
الثقافة منتج عصرها
وقال الدكتور أحمد الباسوسي، استشاري الطب النفسي وعلاج الإدمان في مصر، إن "الحكايات الفلكلورية التي لا يعرف قائلها ولا مصادرها، والتي يتناقلها الأجيال ويتحاكون بها في منتديات السمر والأمهات والجدات للأبناء من دون شك منتجات عصرها وثقافتها البدائية في ذلك الوقت مثل (أمّنا الغولة، أبو رجل مسلوخة، الشاطر حسن، ست الحسن، ألف ليلة وليلة)".
وأضاف أن هذه الحكايات كانت انعكاسًا لثقافة هذه العصور وقيمها الخاصة، لكن مع تغير الزمن وتطور الثقافة خلال النهضة الفكرية والثورة الصناعية مع بدايات القرن السابع عشر وحتى الآن، فقد صاحبها نهضة فكرية عقلية شاملة تغيرت من لغة الحكايات ومضمونها التي تناسب متطلبات الحداثة مثل الخيال العلمي وألعاب الحاسوب التي تستهلك وقت وعقول الأطفال في المعارك التنافسية وتشغيل الذهن، بديلا عن حكايات الرعب والخوف التي كانت تستخدم لإشغال خيال الأطفال وإخافتهم وفقا للثقافة البدائية القديمة الفقيرة".
وتابع: "العقل البشري ينضج وينمو مع مقتضيات الحداثة والتكنولوجيا التي تحث على استخدام كامل قدرات العقل وكامل الطاقة، لذلك لم يعد تخويف الأبناء له جدوى".
وأكد أن منظومة القيم الإنسانية مثل الحب والتسامح هو ما يحفظ متانة العلاقة مع الوالدين، أما التخويف فيمكن أن يتسبب في إحداث صدمات دراماتيكية تؤثر سلبيا على الأبناء الأكثر هشاشة من الناحية النفسية.
انتهى دورها
وترى إسراء رفعت، الباحثة المصرية في الشؤون الاجتماعية، أن القصص والحكايات هي وليدة وقتها، ولكل وقت مورثه الثقافي المميز، وفي الماضي كان هناك مساحة للخيال لأن الإعلام في العقود الماضية كان عبارة عن صحف وإذاعة، ما كان يترك مساحة للخيال.
وأضافت لـ"العين الإخبارية"، أنه مع ثورة الاتصالات الرقمية الجديدة، ومشاهدة الجميع لأفلام الرعب والخيال العلمي، أصبحت هذه الروايات الخيالية البدائية غير مجدية لإخافة الأطفال، لأنهم قد يشاهدون أشياء أقوى منها على التلفزيون أو على منصة يوتيوب، وبالتالي تفشل عملية إخافة الأولاد بهذه الحكايات، ومع الوقت انتهى دورها.
ووجهت إسراء بضرورة خلق قصص تبث الأخلاق والثقافة الراقية في عقول الأطفال، مشددة على أهمية زيادة البرامج الموجهة للأطفال في القنوات الفضائية العامة، وإنتاج المزيد من الأعمال الدرامية العربية الموجهة، حتى لا نتركهم عرضة للتغريب.
aXA6IDMuMTM3LjE3My45OCA= جزيرة ام اند امز