حزمة سيناريوهات مطروحة على طاولة "أوبك" غدا
توجه قوي نحو زيادة الإنتاج وسط خلاف مرتقب حول مقدار الزيادة خاصة مع تصاعد مخاوف إيران الاقتصادية.
تتوجه أنظار العالم وتحديداً منتجي النفط والدول الصناعية الكبرى الأكثر استهلاكاً للذهب الأسود صوب العاصمة النمساوية فيينا يومي الجمعة والسبت المقبلين، لمتابعة نتائج اجتماع أوبك مع شركائها خارج المنظمة بقيادة روسيا بشأن مستقبل مستوى الإنتاج وسط تباين في التوجهات بين زيادة الإنتاج للاستفادة من ارتفاع الطلب والأسعار العالمية من جانب، واستمرار خفض الإنتاج بواقع 1.8 مليون برميل يومياً، لتعزيز فرص ارتفاع الأسعار من جانب آخر.
وتقود روسيا والسعودية توجه رفع الإنتاج في ظل قدرات زيادة الإنتاج ووصول الأسعار إلى أفضل مستوياتها منذ أكثر من 3 سنوات، وهو التوجه الذي يتوافق مع طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف خفض الإنتاج، والذي أطلق أكثر من تغريدة مؤخراً يلقي فيها باللوم على أوبك لزيادة الأسعار.
في حين تعارض إيران وفنزويلا والجزائر والعراق الأعضاء في أوبك أي تخفيف في تخفيضات الإنتاج خشية أن يؤدي ذلك لتعثر الأسعار.
ووسط هذا التباين في المواقف، يتداول خام برنت حول 74 دولاراً للبرميل، وأكد خبراء ومتعاملون أن توقعات أسعار النفط تعاني هي الأخرى من التباين في ظل تداعيات تطورات الخلافات التجارية بين الصين وأمريكا على انخفاض الطلب مستقبلاً على النفط.
وعلق كارستن فريتش، المحلل المتخصص في أسواق السلع الأولية لدى كوميرتس بنك، أن تركيز سوق النفط ينصب في الوقت الحالي على "أوبك".
وأضاف في حديث لصحيفة "الاقتصادية" السعودية "تعتبر زيادة الإنتاج في النصف الثاني من العام أمراً مؤكداً، السؤال هو كم سيكون حجم الزيادة؟".
ولفت إلى أن ارتفاع أسعار النفط بنحو 70% منذ منتصف العام الماضي، وهو أمر شديد الحساسية لدى المستهلكين خاصة الصين والهند ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي تتفاعل بشكل سريع مع ارتفاع الأسعار الذي قد يحد من مستويات نمو الطلب على النفط بشكل تدريجي.
ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً الآن يتمثل في ماهية السيناريوهات التي ستطرح على طاولة المناقشات داخل اجتماعات أوبك وشركائها، والسيناريو الأوفر حظاً في ظل حاجة أوبك إلى قرار بالإجماع لتغيير خطة 2018؟.
سيناريو روسي
اقترحت روسيا زيادة الإنتاج من أوبك ومن خارجها بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً، وهو ما ينهي من الناحية العملية تخفيضات الإنتاج الراهنة التي تصل إلى 1.8 مليون برميل يومياً، وأسهمت في إعادة التوازن للسوق على مدى الـ18 شهراً الماضية ورفعت أسعار النفط إلى 75 دولاراً للبرميل، بعد أن كان سعر النفط قد انخفض إلى 27 دولاراً للبرميل في عام 2016.
ويأتي الطرح الروسي في ضوء مواجهة موسكو صعوبة بالغة في التبرير لشركات النفط الخاصة عدم زيادة استخراج النفط أمام مساهميها وعدم الاستفادة من ارتفاع الأسعار، خاصة أن اتفاق خفض الإنتاج التي حُددت في نهاية 2016، أدت إلى ارتفاع سعر الذهب الأسود بأكثر من 100%.
ويرى خبراء روس أن الاستثمار في روسيا في الشتاء أمر مستحيل، وفي حال تقرر زيادة الإنتاج في اجتماع أوبك في نوفمبر سيكون من الصعب زيادة الإنتاج.
ولكن هذا السيناريو يواجه اعتراضاً قوياً من جانب طهران، بعد أن صرح وزير النفط الإيراني بيجن زنغنة، يوم الثلاثاء، بأن أوبك لا ينبغي أن ترضخ لضغط من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لزيادة الإنتاج، وأنه سيغادر فيينا يوم الجمعة قبل أن تعقد أوبك محادثات مع المنتجين من خارجها في اليوم التالي.
وربما شدة الخلاف حول زيادة الإنتاج يجعل من الصعوبة التوافق حول رفع الكميات حتى 1.5 مليون برميل يومياً.
سيناريو سعودي
هناك سيناريو آخر تقوده السعودية حسبما ذكرت، أمس الأربعاء، وكالة الأنباء الأمريكية "بلومبرج" نقلاً عن مندوبين على إطلاع بالمحادثات -لم تسمهم- ينطوي على سعي المملكة لزيادة إنتاج أوبك بنحو 600 ألف برميل يومياً، ويستند هذا السيناريو إلى أن مستويات خفض الإنتاج سجلت 2.8 مليون برميل أي بزيادة مليون برميل عن المستهدف.
وفي ضوء فرض الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على كل من إيران وفنزويلا فلن يتمكنا من زيادة الإنتاج للوصول إلى حصص الإنتاج المحددة لكل منهما وفقاً لاتفاق خفض الإنتاج، الأمر الذي يمنح فرصة للدول الأخرى الأكثر قدرة على زيادة الإنتاج مثل الرياض وموسكو على تعويض جانب من الفجوة بين الخفض الفعلي والمستهدف حتى الآن.
ولكن برأي بلومبرج فإن هذا المقترح سيلاقي أيضاً مقاومة أكثر تشدداً من جانب إيران وفنزويلا والجزائر.
سيناريو ثالث.. زيادة الإنتاج بين 300 إلى 600 ألف برميل يومياً
ربما تؤدي معارضة الدول الأقل قدرة على زيادة الإنتاج إلى خفض سقف الزيادة إلى ما يتراوح بين 300 إلى 600 ألف برميل يومياً، وهو السيناريو الذي أشارت إليه بلومبرج يوم الإثنين، باعتباره سيناريو قد يتمتع بحظوظ أفضل نسبياً في التحقق، ولكن لا شيء مؤكد حتى الآن.
لا مفر من التوافق
تقود جميع السيناريوهات المطروحة لزيادة الإنتاج ولكن الخلاف حول مقدار الزيادة، ويعول أعضاء أوبك على موسكو لإقناع طهران وفنزويلا بزيادة الإنتاج بمعدلات من شأنها الحفاظ على استقرار الأسعار وعدم هبوطها مجدداً.
وفي هذا الصدد، أكد تقرير "ريج زون" الدولي المتخصص في أنشطة الحفر، أن الرياض وموسكو اتخذتا بالفعل الخطوة الأولى في إضفاء الطابع المؤسسي على الإطار طويل الأجل للتعاون بين أوبك والدول غير الأعضاء، وذلك على هامش اللقاء الناجح الذي جمع الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الكرملين، على هامش المباراة الافتتاحية لكأس العالم لكرة القدم.
ونوه التقرير بأن اجتماع غداً الجمعة، سيبحث بشكل حاسم ضرورة العودة إلى زيادة الإنتاج وتخفيف التخفيضات السابقة بعد استكمال تحقيق أهداف استعادة التوازن وخفض المخزونات.
ويلقى هذا التوجه تأييداً من جانب أكثر من دولة بالمنطقة، إذ قال وزير النفط العراقي جبار اللعيبي، أمس الأربعاء، إنه يأمل في التوصل إلى اتفاق عندما تجتمع أوبك، وإن كان سوق النفط لم يصل إلى مستوى الاستقرار.
فيما نقلت وكالة الأنباء الكويتية "كونا" عن وزير النفط الكويتي بخيت الرشيدي، أن دول منظمة أوبك والدول الأخرى المنتجة للنفط ستتخذ القرار المناسب للحفاظ على استقرار السوق النفطية، في اجتماعها يوم الجمعة المقبل.
وتوقع الخبير النفطي الدكتور محمد الشطي، أن يخرج اجتماع أوبك بمعالم سياسة إنتاجية جديدة تتسم بالتدرج في عودة الإنتاج بشكل يضمن استقرار أسواق النفط، مصحوباً بإيضاح معالم اتفاق مستدام بين الدول الأعضاء في منظمة الأوبك والدول المنتجة المستقلة حول إعلان التعاون المشترك على أسس تخدم تعافي الأسواق والاقتصاد العالمي، بحسب صحيفة الوطن السعودية.
aXA6IDMuMTQyLjE5OC41MSA= جزيرة ام اند امز