هناك علم جديد يتكون في السنوات الأخيرة لينضج ويتطور من خلال تراكم التجارب الاحتجاجية في العقد الأخير من هذا القرن
كيف تدير الثورات نفسها؟
هناك علم جديد يتكون في السنوات الأخيرة لينضج ويتطور من خلال تراكم التجارب الاحتجاجية في العقد الأخير من هذا القرن، اسمه "علم الاحتجاج الثوري".
هذا المثلث جعل مسألة "نشر الأفكار، والتواصل، وتكوين الجماعات، والتعبئة والتجنيد والحشد والتنظيم" سهلة وفعالة عبر الشبكة العنكبوتية الإلكترونيةهناك علم جديد يتكون في السنوات الأخيرة لينضج ويتطور من خلال تراكم التجارب الاحتجاجية في العقد الأخير من هذا القرن
منذ الثورة البريطانية وحرب الاستقلال الأمريكية والثورة الفرنسية والثورة البلشفية في روسيا، بدأ اهتمام علماء علم الاجتماع السياسي وأساتذة العلوم السياسية في محاولة تقنين وتأصيل قانون الفعل ورد الفعل، الذي يتحكم في صناعة الاحتجاج الشعبي المؤدي إلى الثورات الجماهيرية.
3 متغيرات أثرت على حركات الاحتجاج في العالم:
1- اتفاق كل المواثيق الدولية والدساتير الحديثة والقوانين المنظمة على حق الناس في التعبير بكامل حريتهم، وكفالة حقهم في التظاهر السلمي تحت سقف القانون وبحماية ملزمة من الدولة.
2- ظهور تأصيل لحركات الاحتجاج من خلال دعم تنظيمات ما يُعرف بالمجتمع المدني.
وانقسم الرأي حول هذه الجماعات والجمعيات، فالبعض يراها جماعات نبيلة وشعبية خالقة للوعي ومنظمة لنشر حقوق الناس والتوعية بأسلوب المطالبة بحقوقهم وتفعيل آليات الاحتجاج المشروع لديهم.
ويأتي الوجه الآخر المضاد لهذه الجمعيات ليقول إنها مشروع تنظيم عالمي مشبوه، مموَّل من الاستخبارات الغربية، يسعى لنشر وتحقيق مشروع الفوضى الخلاقة في الدول المستهدفة من قبَل قوى الغرب. وتبقى دائماً مسألة عملية تمويل جمعيات المجتمع المدني من قبَل الجهات الدولية، وتنظيم دورات تدريبية وورش عمل لهم، كنقطة ارتكاز في الهجوم المستمر ضد جمعيات المجتمع المدني.
ويرد المدافعون عن جمعيات المجتمع المدني بإسقاط نظرية المؤامرة حول هذه الجمعيات بقولهم إن الأنظمة في الولايات المتحدة ودول الغرب تعاني هي الأخرى من نشاط هذه الجمعيات في شئون البيئة والدفاع عن الحقوق المدنية والحريات العامة.
ويمكن دائماً التوقف أمام مؤلفات البروفسير "جين شارب"، الذي يُعتبر المُنظِّر الأول لأفكار الاحتجاجات لهذه الجماعات والجمعيات، والذي وضع "كتالوجاً" يشرح فيه بالتفصيل الكامل خطوات وأساليب إسقاط الأنظمة عبر وسائل سلمية غير عنيفة من خلال الاحتجاج المشروع في الشوارع والساحات.
3- العنصر الثالث والأخير، وفي رأيي هو الأهم، هو امتزاج الإعلام بثورة الاتصالات بوسائل التواصل الاجتماعي.
هذا المثلث جعل مسألة "نشر الأفكار، والتواصل، وتكوين الجماعات، والتعبئة والتجنيد والحشد والتنظيم" سهلة وفعالة عبر الشبكة العنكبوتية الإلكترونية.
وتقع الأنظمة التقليدية في خطأ جسيم إذا لم تدرك أبعاد هذه المتغيرات في حركات الاحتجاج السلمي.
وتخطئ هذه الأنظمة أكثر إذا تعاملت بوسائل تقليدية عقيمة وقديمة في مواجهة حركات الاحتجاج الشبابي الجديدة.
الأزمات والصراعات الجديدة لا يمكن حلها بوسائل قديمة عفا عليها الزمن!
نقلاً عن "الوطن المصرية"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة