عالمة آثار: تابوت الإسكندرية لا يمكن أن يكون لحاكم أو إمبراطور
الدكتورة منى حجاج: التابوت لا يخص إمبراطورا أو حاكما على الإطلاق لأن الملوك في هذه الفترة البطلمية لهم جبانة خاصة بهم.
أثار اكتشاف التابوت الأثري بمنطقة سيدي جابر بالإسكندرية موجة كبيرة من الأسئلة والاهتمام الإعلامي والمجتمعي على مستوى المتخصصين والباحثين عن مقبرة الإسكندر الأكبر سواء داخل مصر أو خارجها، وصل الأمر إلى التحذير من فتح التابوت، بسبب لعنة ستصيب العالم لمدة ألف سنة مقبلة.
منذ 200 عام وتحديداً في منتصف القرن الـ١٩، والعالم منشغل في رحلة البحث عن مقبرة الإمبراطور"الإسكندر الأكبر" الذي استطاع فتح نصف العالم وضمها لامبراطوريته الصاعدة، والذي ظل موتاً مفاجئاً بعمر 32 عاماً في بابل، ومكان دفنه لغزاً حير العديد من الباحثين والمتخصصين والهواة على السواء داخل مصر وخارجها.
"العين الإخبارية" حاورت الدكتورة منى حجاج، أستاذة الآثار اليونانية والرومانية جامعة الإسكندرية، للوصول لمفتاح اللغز حول مقبرة الإسكندر الأكبر، ومحاولة الإجابة عن الأسئلة التي شغلت عقول الكثيرين منذ الإعلان الأخير عن اكتشاف التابوت، هل التابوت يخص الإسكندر؟ وماذا عن مقبرة الإسكندر المفقودة؟ والتي نفت تماماً أن يكون التابوت المكتشف خاصاً بالإسكندر، وأن مقبرته بعيدة كل البعد عن مكان الاكتشاف.
عن وصف الاكتشاف وأهميته تقول حجاج "الاكتشاف الجديد لمقبرة تمثل امتداداً للجبانة الشرقية للإسكندرية القديمة، وهي مقبرة متواضعة وعادية جداً محفورة في الصخر شأنها شأن كل مقابر الإسكندرية، وبها فتحات للدفن في الجدران على عمق 6 أمتار".
التابوت ليس تابوت الإسكندر الأكبر:
عن أهمية التابوت المكتشف تقول حجاج "أهمية هذا التابوت ليس في شكله التقليدي الخالي من أي كتابات أو زخرفة، وإنما في حجمه الضخم، كما أن التابوت لم يفتح من قبل، والدليل على ذلك وجود طبقة من الجلاط أو الجص بين الغطاء والتابوت، وهذا يشير إلى أنه أغلق ولم يفتح طوال هذه الفترة، وهنا أهمية التابوت المكتشف، حيث إن كل التوابيت المكتشفة من قبل تم فتحها والعبث بمحتوياتها من قبل".
وتؤكد حجاج أن التابوت المكتشف لا يخص الإسكندر، وتضيف:" يشير حجم التابوت الضخم إلى أنه أقدم من الفترة البطلمية، حيث إن في العصر المتأخر لا توجد توابيت بهذه الأحجام، ورأيي أن التابوت أقدم من المقبرة نفسها، وربما يكون من عصر الأسر المصرية المتأخرة أي من الأسرة الـ26 حتى نهاية الدولة المصرية، أو في فترة حكم البطالمة لمصر لكنه أعيد استخدامه في العصر الروماني المتأخر، لأن القدماء اعتادوا استخدام الآثار مرة أخرى، خاصة عندما يكون تابوت بهذه الضخامة وتكلفته عالية جداً من قطع ونقل التابوت من أسوان للإسكندرية".
وترى حجاج سبباً آخر لاستبعاد كون التابوت هو للإسكندر "أن هذه المقبرة كشفت على عمق 6 أمتار، وهو ما يدل على أن المقبرة من العصر الروماني المتأخر الممتد من القرن الرابع حتى القرن السابع الميلادي، وعلى هذا هي ليست مقبرة بطلمية، كما أن المقبرة خالية من الزخارف، وهذا يؤكد أنها ترجع لفترة متأخرة، بعد مراسم الدفن كانت المقبرة تغلق بلوحة مزخرفة بالنباتات البارزة، ولكن هذه المقبرة ليس عليها لوحة شاهد، وبالتالي يرجح أن اللصوص في عصور قديمة دخلوا المقبرة ونهبت، ولكن لم لم يستطيعوا تحريك التابوت لضخامته، وهو تابوت جرانيتي رمادي يستخرج من أسوان يقرب طوله من ثلاثة أمتار، وهو حجم ضخم مقارنة بالتوابيت التي اكتشفت في الإسكندرية".
موقع الاكتشاف يستحيل أن يكون مقبرة للإسكندر:
وتؤكد حجاج أن التابوت لا يخص إمبراطوراً أو حاكماً على الإطلاق، لأن الملوك في هذه الفترة البطلمية لهم جبانة خاصة بهم تسمى"الجبانة الملكية"، وتقع في وسط مدينة الإسكندرية عند التقاء الشارعين الرئيسين بالمدينة بين محطة الشاطبي والرمل، ومن جانب آخر منطقة "سيدي جابر" مكان اكتشاف التابوت لم تكن موجودة في حدود المدينة أثناء الدولة البطلمية نهائياً، حيث كانت صحراء جرداء خارج المدينة، وبالتالي كانت مكان للدفن، حيث إن المقابر في هذه الفترة كانت خارج المدينة، بعكس مقابر الملوك البطالمة التي تم تأليها في حياتهم، وهناك العديد من المقابر التي تم اكتشافها في منطقة سيدي جابر في العصر البطلمي، وبالتالي من المستحيل وجود شخصية ملكية في هذه المنطقة.
وتضيف حجاج أنه من الممكن أن تكون المقبرة والتابوت لأحد الموظفين في الحكومة الرومانية أو الكهنة أو القادة العسكريين، ولكن في رأيي الخاص أنه من المرجح أن تكون المقبرة والتابوت لشخصية عادية ميسورة الحال، وليس لملك أو قائد أو كاهن أو حاكم.
aXA6IDE4LjIyNC41NS42MyA= جزيرة ام اند امز