إنجاز غير مسبوق.. ابتكار أدمغة صغيرة في المختبر لتطوير أدوية أكثر دقة
في إنجاز علمي غير مسبوق، طور باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، نموذجا ثلاثي الأبعاد لأنسجة الدماغ البشري يُعرف باسم " miBrain".
وهذا هو أول نموذج مخبري يدمج جميع أنواع الخلايا الرئيسية في الدماغ، بما في ذلك العصبونات، والخلايا الدبقية، والأوعية الدموية في بيئة واحدة نابضة بالحياة.

هذه "الأدمغة المصغّرة"، التي نُميت من خلايا جذعية مأخوذة من متبرعين، تُحاكي بدقة البنية والوظائف الأساسية لأنسجة الدماغ البشري. كما يمكن تعديلها وراثيا لتجسيد أمراض محددة أو لاختبار العلاجات الجديدة، مما يجعلها أداة ثورية في أبحاث الدماغ والأدوية.
ورغم أن كل وحدة من "miBrain" أصغر من حجم قطعة نقدية، فإن قيمتها العلمية هائلة، فهي تمنح الباحثين وسيلة لفهم تفاعلات خلايا الدماغ المعقدة دون الاعتماد الكامل على النماذج الحيوانية أو التجارب البشرية المكلفة.
وتقول البروفيسورة لي-هوي تساي، مديرة مركز "بيكاور" للتعلم والذاكرة والمشرفة على الدراسة المنشورة في مجلة "بروسيدنجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس"، إن "miBrain هو النظام الوحيد في المختبر الذي يجمع الأنواع الستة الأساسية من خلايا الدماغ البشري".
وتضيف: "في أول استخدام له، مكننا miBrain من فهم كيف يؤثر أحد الجينات المرتبطة بمرض ألزهايمر في تفاعلات الخلايا ويقود إلى ظهور العلامات المرضية المعروفة".
شارك في قيادة الدراسة كل من العالمين روبرت لانغر، أستاذ معهد "كوخ" الشهير، وجويل بلانشارد من كلية طب "ماونت سايناي"، بينما قاد البحث التطبيقي أليس ستانتون من كلية طب هارفارد وأديل بوبنيس من شركة "آربور للتقنيات الحيوية".
يتميز النموذج الجديد بقدرته على محاكاة بيئة الدماغ الطبيعية، بما في ذلك وجود حاجز دموي دماغي يمنع دخول معظم المواد الكيميائية والأدوية، وهو ما يجعله مثاليًا لاختبار فعالية الأدوية الجديدة وتوصيلها.
ويقول لانغر: "هذا النظام يمثل نقلة نوعية في أبحاث تطوير الأدوية، خاصة مع التوجه العالمي نحو تقليل استخدام الحيوانات في التجارب المخبرية".

كما أتاح "miBrain" للعلماء اختبار تأثير الجين "APOE4"، الذي يعدّ أقوى مؤشر وراثي للإصابة بمرض ألزهايمر، واكتشفوا من خلاله أن التفاعل بين خلايا "النجيمات" والخلايا المناعية الدقيقة يلعب دورا حاسما في تطور المرض.
ويأمل الباحثون أن يُسهم هذا النموذج في تسريع اكتشاف الأدوية والعلاجات الشخصية لأمراض مثل ألزهايمر، والصرع، واضطرابات الدماغ الأخرى.
وتختتم ستانتون بالقول: "بفضل مرونته العالية ودقته، يمكن لـ ( miBrain ) أن يفتح الباب أمام جيل جديد من الطب الشخصي الموجّه إلى كل مريض حسب جيناته وحالته الخاصة".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTYxIA== جزيرة ام اند امز