السيناريو الأسوأ يتحقق.. ارتفاع قياسي لمستوى سطح البحر في جنوب أمريكا
وثّق العلماء ارتفاعًا دراماتيكيًا في مستوى سطح البحر على طول سواحل الولايات المتحدة على خليج المكسيك والسواحل الجنوبية الشرقية.
وأثار هذا الارتفاع تساؤلات حول ما إذا كانت مدن "نيو أورلينز وميامي وهيوستن" وغيرها من المدن الساحلية أكثر عرضة للعواصف والفيضانات العنيفة مما كان متوقعًا في السابق.
ومن المتوقع أن يكون لهذا الارتفاع عواقب بعيدة المدى في المناطق الأمريكية التي شهدت تقلبات عنيفة وتراجع الأراضي الرطبة وأشجار المانغروف التي كانت تحميها في السابق.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن المناطق المهددة التي يقطنها ملايين الأشخاص تزداد تأثرًا وبسرعة أكبر، وهو ما قد يعرض قطاعًا كبيرًا من البلاد لخطر أكبر من العواصف والفيضانات.
ارتفاع مستوى سطح البحر
ووجد الباحثون أن ارتفاع منسوب المياه ينذر بآثار خطيرة، وتشير إحدى الدراسات إلى أن الأعاصير المدمرة الأخيرة، مثل إعصار "مايكل" (2018) و"إيان" (2022)، تفاقمت إلى حد كبير لارتفاع سرعة المحيط.
وأظهرت بيانات مقياس المد الفيدرالي بالإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي أن مستوى سطح البحر في بحيرة بونتشارترين في نيو أورلينز بات أعلى بـ8 بوصات مما كان عليه عام 2006 بعد إعصار كاترينا.
وقال جيان جون ين، عالم المناخ بجامعة أريزونا ومؤلف دراسة نشرت نتائجها في الأسابيع الأخيرة لوصف هذه التغييرات: "يشهد الساحل الجنوبي الشرقي وساحل الخليج بتأثير تسارع ارتفاع مستوى سطح البحر".
وتقيس دراسة "ين"، المنشورة في دورية "Journal of Climate"، معدل ارتفاع مستوى سطح البحر منذ عام 2010 بأكثر من 10 ملليمترات سنويًا في المنطقة، أو ما يقرب من 5 بوصات في مجموعه حتى 2022.
ضعف المتوسط العالمي
ويعد هذا الارتفاع أكثر من ضعف المتوسط العالمي الذي يقف عند 4.5 ملليمتر سنويًا منذ عام 2010، بناءً على قياس الأقمار الصناعية لمعدل ارتفاع مستوى سطح البحر وخبراء في جامعة كولورادو بمدينة بولدر.
وأشارت دراسة "ين" إلى أن الإعصارين "مايكل" و"إيان"، وهما من أقوى العواصف التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق، أصبحا أسوأ بشكل كبير بسبب الارتفاع الإضافي في مستوى سطح البحر.
وقال "ين": "اتضح أن مستوى المياه المرتبط بإعصار (إيان) كان الأعلى على الإطلاق بسبب التأثير المشترك لارتفاع مستوى سطح البحر وعرام العواصف (زيادة غير طبيعية في المياه الناتجة عن العواصف)".
دراسة أخرى قام بها خبراء في قياس مستوى سطح البحر بقيادة سونكي دانجندورف، الأستاذ بجامعة تولين الأمريكية، وجدت نفس الاتجاه منذ عام 2010 عبر ساحل الخليج الأمريكي والسواحل الجنوبية الشرقية.
الأعلى منذ 120 عاماً
وقدّرت الدراسة الارتفاع القياسي في مستوى سطح البحر بأنه "الأعلى منذ 120 سنة على الأقل"، ويقول "دانجندورف": "هذه المعدلات تشبه ما كان متوقعًا في نهاية القرن في أسوأ سيناريوهات الاحتباس الحراري".
وتشير هذه النتائج البحثية إلى أن الارتفاع السريع ربما يكون ناتجًا عن تغيرات عميقة في المحيط، ففي أجزاء من تكساس ولويزيانا لطالما كانت الأرض الغارقة عاملا يسهم في ارتفاع مستويات سطح البحر بمرور الوقت.
ولكن في أحدث الدراسات، أظهر العلماء ارتفاعًا سريعًا في مستويات سطح البحر في أماكن مثل مدينتي بينساكولا وسيداركي بولاية فلوريدا وهي مناطق لا تغرق الأرض فيها بالسرعة التي هي عليها في تكساس.
أعاصير أكثر حدة
وبشكل عام، يعني ارتفاع منسوب المياه في خليج المكسيك وحول فلوريدا أن مخاطر الأعاصير في المناطق الأكثر عرضة للعواصف تزداد حدة، مع انزلاق ملايين الأفدنة وآلاف المنازل تحت خطوط المد المتضخمة.
ولهذا، توقع خبراء من مؤسسة "First Street" غير الربحية أن العقارات في العديد من المناطق الساحلية قد تفقد قيمتها مع اشتداد الفيضانات، وهو تحوّل قد يضر أصحاب المنازل ويقوّض قواعد الضرائب المحلية.
ويبدو أن الارتفاع السريع في مستوى سطح البحر يبدأ في خليج المكسيك، الذي يزداد احترارًا بشكل أسرع بكثير من المحيط، إذ تتوسع المياه الدافئة بشكل طبيعي وهو ما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر.
وتنتقل هذه المياه الدافئة أيضًا عن طريق التيارات القادمة من الخليج وعلى طول الساحل الشرقي، مما يؤثر على أماكن مثل جورجيا وكارولينا، وحول إمكانية استمرار هذا الاتجاه يرى العلماء أن الأمر لا يزال غامضا.
ويرى "دانجندورف" أن التغيرات السريعة في مستوى سطح البحر مقلقة وتأثيراتها فورية، وهي أشبه بما كان يتوقعه العلماء ذات مرة فقط إذا استمر العالم في ضخ كميات هائلة من غازات الاحتباس في الغلاف الجوي.
aXA6IDMuMTQ1LjExMC45OSA= جزيرة ام اند امز