هل تعيد الإجراءات الأمنية للجنيه السوداني عافيته؟
جملة تساؤلات حول جدوى تلك القرارات في ظل شح النقد الأجنبي بالقنوات الرسمية وتمركزه بالسوق الموازية
في خطوة متوقعة، تبنت الحكومة السودانية إجراءات صارمة ذات طابع أمني وعقابي للسيطرة على الارتفاع الكبير الذي شهدته العملات الأجنبية أمام الجنيه خلال الأسابيع القليلة الماضية، ما أثار جملة تساؤلات حول جدوى تلك القرارات في ظل شح النقد الأجنبي بالقنوات الرسمية وتمركزه بالسوق الموازية.
وتباينت آراء خبراء اقتصاديين تحدثوا لـ"بوابة العين" الإخبارية، بشأن الاتجاه الحكومي، ففي الوقت الذي قلل البعض من تأثيراته الإيجابية، اعتبرها آخرون خطوة في الاتجاه الصحيح ستحدث استقرارا مؤقتاً في سعر الصرف.
وشملت القرارات الحكومية التي تمخضت عن اجتماع وزاري ترأسه الرئيس عمر البشير، إدراج تجارة العملة وتهريب الذهب والسلع المدعومة ضمن جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وتخريب الاقتصاد، والتي تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد والإعدام حسب بنود القانون الجنائي السوداني بجانب وقف الشركات الحكومية الكبرى من شراء النقد الاجنبي مؤقتاً، وخفض الإنفاق والسفر الحكومي وتعديل سياسات شراء تصدير الذهب.
تأثير طفيف
استبعد عميد كلية الاقتصاد بجامعة النيلين، البروفسيور حسن بشير، أن تسفر الإجراءات العقابية التي تبنتها الحكومة عن ارتفاع قيمة الجنيه، متوقعا أن تعود بنتائج سلبية كبيرة.
وأوضح بشير، في تعليق لـ"بوابة العين" الإخبارية، أن تجفيف السوق الموازية سيحدث شحا في النقد الأجنبي "لأن الحكومة ليس لها احتياطات تضخ في القنوات الرسمية لمواجهة الطلب".
وقال عميد كلية الاقتصاد، إن الحل النهائي لأزمة سعر الصرف ينبغي أن يبدأ بحلول منهجية تخاطب الأسباب الرئيسية لتدهور قيمة العملة الوطنية، وشدد على ضرورة زيادة تنافسية الصادرات وتهيئة بيئة الاستثمار واستقطاب ودائع وقروض لمواجهة الطلب.
واتفق مع ذلك الخبير الاقتصادي الدكتور علي إبراهيم، مؤكدا أن الإجراءات الحكومية تأثيرها الإيجابي سيكون طفيفا ومحدودا.
وقال إن الحكومة السودانية ترغب في القضاء على السوق الموازية للنقد الأجنبي وحصر العملات الصعبة في الجهاز المصرفي والقنوات الرسمية ولكن برأيه "هذا لا يتأتى بعقوبات وإنما بإصلاح حقيقي للسياسات النقدية، تفضي الى وضع حوافز لجذب مدخرات المغتربين وإزالة الفارق السعرين".
وشدد الخبير الاقتصادي، خلال تعليق لـ"بوابة العين" الإخبارية، على ضرورة تقليل الإنفاق الحكومي، والعمل لزيادة الصادر وخفض الواردات ومراجعة سياسات شراء الذهب لتقليل عجز الميزان التجاري والذي يؤدي بدوره لرفع قيمة العملة الوطنية.
خطوة صحيحة
غير أن المستشار الاقتصادي والمالي بسوق الأوراق المالية بولاية تكساس الأمريكية محمد أحمد عوض الجيد، بدا متفائلاً بالقرارات الحكومية باعتبارها خطوة في الاتجاه الصحيح لوقف ما أسماه بـ"نزيف الاقتصاد الوطني"، مشدداً على ضرورة أن تستصحب بإرادة قوية والاعتراف بالإخفاقات لمعالجتها.
وقال عوض الجيد، لـ"بوابة العين" الإخبارية، إن القرارات لو نحجت في وقف تهريب الذهب والصمغ العربي، سيهبط الدولار الأمريكي إلى 5 جنيهات فقط في المدى القريب.
موضحاً أن طن الصمغ العربي يهرّب بأقل من 2000 دولار ويصدر إلى أوروبا ويباع في السوق العالمية بأكثر من 15 ألف دولار، وينطبق الشيء نفسه على الذهب.
الوطني واثق
وبدا حزب المؤتمر الوطني الحاكم واثقاً من جدوى الإجراءات الأخيرة وعلى أسوأ الفروض في تقديره ستنهي حالة الفوضى العارمة التي تشهدها سوقا النقد الأجنبي والذهب.
ويؤكد عضو القطاع الاقتصادي بالحزب الحاكم، سالم الصافي حجير، أن ما تبنته الحكومة كفيل باستعادة الجنيه عافيته ولو مؤقتاً، موضحاً أن ما تمت إثارته من عقوبات وجزاءات ليس بالأمر الجديد فهي موجودة أصلاً وتم تفعيلها مواجهة المضاربات.
وأقر خلال تعليق لـ"بوابة العين" الإخبارية، بأن اقتصاد بلاده بحاجة إلى إجراءات أكثر نجاعة لرفع الإنتاج والإنتاجية، وزيادة الصادرات بغرض سد الفجوة في النقد الأجنبي لاستعاد التوازن للاقتصاد الوطني.
aXA6IDMuMTIuMzQuMTUwIA== جزيرة ام اند امز