رؤية عبر السحب والظلام.. كيف يغير «اتحاد سات» مستقبل الاستشعار عن بعد؟

وصف خبير في علوم وتكنولوجيا الفضاء، إطلاق الإمارات القمر الاصطناعي الراداري "اتحاد سات"، بأنه يمثل خطوة نوعية في مستقبل الاستشعار عن بعد.
وقال د.علاء النهري نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم وتكنولوجيا الفضاء، إن الأقمار الرادارية تعتمد على التقنية المعروفة باسم "رادار الفتحة الاصطناعية (SAR)"، وهو ما يتيح مراقبة الأرض بدقة فائقة، حتى في أصعب الظروف الجوية، مثل السحب الكثيفة أو الظلام، مما يفتح آفاقا جديدة في مجال الرصد البيئي وإدارة الكوارث الطبيعية ومراقبة التغيرات المناخية".

وعلى عكس الأقمار الصناعية التقليدية التي تعتمد على الضوء المرئي للتصوير، تتميز الأقمار الرادارية مثل قمر "اتحاد سات" بقدرتها على اختراق السحب ورصد الأرض ليلا ونهارا باستخدام موجات الرادار، وهذه القدرة تجعل من القمر الاصطناعي أداة حيوية لرصد المناطق التي تعاني من أحوال جوية غير مستقرة، مثل الأعاصير أو الفيضانات، حيث تقدم صورا واضحة ودقيقة للمساعدة في اتخاذ القرارات المناسبة، كما يوضح النهري.
وإلى جانب هذه الرؤية التي لا تتأثر بالظروف الجوية أو توقيت الرصد، تمثل تقنية "رادار الفتحة الاصطناعية" في "اتحاد سات" طفرة هائلة في دقة الاستشعار.

ويقول النهري إن "هذه التقنية يمكنها توفير صور ثلاثية الأبعاد للطوبوغرافيا الأرضية، ما يساهم في مراقبة تغيرات سطح الأرض مثل التآكل، والانهيارات الأرضية، وتحركات القشرة الأرضية، كما أنها تلعب دورا مهما في الحفاظ على الموارد الطبيعية من خلال مراقبة الغابات، والمحاصيل الزراعية، والمسطحات المائية، مما يعزز جهود الاستدامة البيئية".
إضافة إلى ذلك، توفر الأقمار الصناعية الرادارية حلولا مبتكرة للرصد الأمني، حيث يمكن استخدامها لمراقبة المناطق الحدودية أو المرافق الحيوية على مدار الساعة، حتى في ظروف الإضاءة المنخفضة أو الأحوال الجوية السيئة، وهذا يساهم في تعزيز الاستجابة السريعة في حالات الطوارئ والكوارث، وتقديم بيانات دقيقة لدعم عمليات الإنقاذ والإغاثة، كما يوضح النهري.

ويستطيع القمر الراداري تحقيق كل هذه المزايا بفضل آلية عمله المبتكرة، والتي تبدأ بإرسال إشارات راديوية باتجاه سطح الأرض، وهذه الموجات هي موجات ميكروويف طويلة بما يكفي لاختراق الغيوم والضباب، ولا تحتاج إلى إضاءة الشمس مثل الأقمار التقليدية التي تعتمد على الضوء المرئي.
وعندما تصل الموجات الراديوية إلى سطح الأرض، تنعكس هذه الإشارات مرة أخرى نحو القمر الاصطناعي، وتختلف شدة وزمن انعكاس الإشارات اعتمادا على خصائص سطح الأرض، مثل التضاريس والمواد الموجودة، مما يتيح إنشاء صورة دقيقة لهذه المنطقة.
ويقوم القمر الصناعي بجمع الإشارات المنعكسة، ومن خلال حساب الوقت الذي استغرقته الإشارات في العودة وشدة الانعكاسات، ويتم تحليل البيانات، ويُستخدم الحاسوب لتحويل هذه الإشارات إلى صور تُظهر تفاصيل دقيقة لسطح الأرض.
ومع إطلاق "اتحاد سات"، تؤكد الإمارات ريادتها في مجال الفضاء وتكنولوجيا الاستشعار عن بعد، حيث يأتي هذا المشروع في إطار استراتيجية الإمارات لتعزيز قدراتها الفضائية ودعم البحث العلمي والتطور التكنولوجي، بما يتماشى مع رؤيتها لبناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.
والقمر الصناعي "اتحاد سات" يمثل حلقة وصل بين الطموح التكنولوجي للإمارات واحتياجات المجتمع الدولي، حيث سيُسهم في تقديم بيانات دقيقة للعديد من المجالات العلمية والبيئية والاقتصادية، كما يضع الإمارات في مقدمة الدول التي تستفيد من التقنيات الفضائية المتقدمة.