سيف العدل.. الزعيم "الخفي" لتنظيم القاعدة
بعد ترجيحات أمريكية وأممية بتوليه قيادة تنظيم القاعدة الإرهابي، طفا اسم سيف العدل المصري على السطح مرة أخرى.
فالقيادي البارز في تنظيم القاعدة الإرهابي، يعتقد وبقوة أنه تولى قيادته خلفا لأيمن الظواهري الذي قتل في غارة أمريكية بطائرة مسيرة استهدفت منزله بالعاصمة الأفغانية كابول في أغسطس/آب الماضي.
وأكدت وزارة الخارجية الأمريكية، على لسان متحدث باسمها أمس، أن سيف العدل بات الزعيم الجديد لتنظيم القاعدة، رغم أن التنظيم الإرهابي لم يعلن رسميا بعد اسم زعيمه الجديد.
وقال المتحدث إن "تقييمنا يتوافق مع تقييم الأمم المتحدة، أن الزعيم الفعلي الجديد للقاعدة سيف العدل موجود في إيران".
ويأتي التأكيد الأمريكي عقب تقرير أصدرته الأمم المتحدة يوم الثلاثاء الماضي، قال إن الرأي السائد للدول الأعضاء هو أن العدل أصبح زعيم تنظيم القاعدة الإرهابي.
وعكس سلفيه، اللذين كانا يظهران في مقاطع فيديو، تُبث في جميع أنحاء العالم، وتحمل تهديدات للولايات المتحدة، يعتقد أن سيف العدل الذي يعرف بأنه "رجل الظل" ساعد في تحويل "القاعدة" إلى أكثر الجماعات الإرهابية دموية في العالم.
من هو سيف العدل المصري؟
وسيف العدل المصري اسمه محمد صلاح الدين زيدان (62 عاماً) هو ضابط سابق في القوات الخاصة المصرية ولد بمحافظة المنوفية بدلتا مصر (شمال)، حيث تردد على بعض المساجد التي تسيطر عليها "حركة الجهاد الإسلامي" بمصر مما ساهم في اعتناقه الأفكار المتطرفة.
ورغم ذلك التحق زيدان بالكلية الحربية التي تخرج فيها، ليعمل بعد ذلك في صفوف القوات الخاصة بالجيش المصري حتى الثمانينيات من القرن الماضي، وكانت نهاية خدمته في الجيش المصري في 6 مايو/أيار 1987 بعد تعرض وزير الداخلية المصري حسن أبوباشا لمحاولة اغتيال، قبض عليه ضمن آخرين إثرها، قبل أن يطلق سراحه لعدم كفاية الأدلة ضده لكن تم تسريحه من الجيش.
أول لقاء ببن لادن
وعقب تسريحه من الجيش، سافر إلى السعودية، حيث يرجح أنه التقى أسامة بن لادن لأول مرة، ليسافر بعد ذلك إلى أفغانستان عام 1988 حيث تزوج من ابنة مصطفى حامد "أبوالوليد المصري" مؤرخ القاعدة والمستشار السياسي لبن لادن، وشارك في القتال ضد القوات السوفياتية التي كانت بصدد الانسحاب من أفغانستان.
وفي أفغانستان، درب سيف العدل المصري عناصر القاعدة على استخدام صواريخ ستينغر المحمولة على الكتف والمضادة للطائرات ضد الطائرات العمودية الهجومية الروسية.
وعقب انتهاء الحرب في أفغانستان قرر بن لادن نقل نشاطات القاعدة إلى السودان وساعده سيف العدل في إقامة معسكرات تدريب هناك، حيث درب فيها عناصر التنظيم على استخدام المتفجرات في تدمير الأبنية.
وانطلاقا من السودان وسع القاعدة أنشطته في القرن الأفريقي، وكان سيف العدل يتولى إقامة معسكرات التدريب في الصومال لتدريب المنتسبين الجدد إلى صفوف التنظيم الإرهابي.
ويعتبر سيف العدل مسؤولا عن إسقاط طائرتين عموديتين أمريكيتين من طراز بلاك هوك في مقديشو عام 1993 وقتل 18 جنديا أمريكيا في المعارك بين الجنود الأمريكيين المشاركين في مهمة للأمم المتحدة وإصابة العشرات.
دور بارز في تدريب الإرهابيين
ولا يعتبر سيف العدل من مؤسسي تنظيم القاعدة، لكنه لعب دورا مهما في تعزيز قدرات التنظيم الإرهابي، وتدريب عناصره عسكريا، كما وضع أسس جمع المعلومات الأمنية عن أهداف عمليات التنظيم.
ولعل قدرات سيف العدل العسكرية التي اكتسبها بحكم عمله في القوات الخاصة المصرية ساعدته في التدرج سريعاً في هرم القيادة لتنظيم القاعدة، حيث تولى منصب رئيس اللجنة الأمنية في منتصف التسعينيات، ولعب دوراً مهماً في إنشاء البنية التحتية للقاعدة في القرن الأفريقي خاصة في الصومال، كما كان مسؤولا عن أمن بن لادن شخصيا.
ولا يمكن إغفال دور سيف العدل في ضم أبومصعب الزرقاوي للتنظيم الإرهابي، حيث التقاه عام 1990، ليقنع بعد ذلك بن لادن بتقديم المساعدة المالية لمجموعة الزرقاوي لإقامة معسكر تدريب في ولاية هيرات الأفغانية بالقرب من الحدود الإيرانية، وهو المعسكر الذي لعب دوراً كبيراً في تسهيل حركة الإرهابيين من وإلى أفغانستان عبر إيران.
تعاون وثيق بين القاعدة وإيران
واللافت أن تنظيم القاعدة الإرهابي أقام محطتين في إيران، واحدة في طهران والأخرى في مدينة مشهد، لتسهيل سفر عناصره من وإلى أفغانستان، وهي نفس المسالك التي يعتقد أن سيف العدل استخدمها لنقل عناصر القاعدة إلى إيران عقب هجمات سبتمبر/أيلول 2001.
وكان سيف العدل أحد قادة القاعدة الذين علموا ودبروا لهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، إلا أن تقرير الحكومة الأمريكية عن تلك الهجمات يقول إن سيف العدل كان ضمن مجموعة قليلة من مسؤولي القاعدة الذين أبدوا تحفظات على المخطط، لأن الهجمات قد تهدد حكم حركة طالبان في أفغانستان.
ومع انطلاق العمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان عام 2001 قاد سيف العدل عملية نقل عناصر التنظيم الإرهابي من أفغانستان إلى إيران عبر المحطتين اللتين أقامهما في إيران وشبكة البيوت الآمنة التي أسسها هناك.
ويعتقد أن سيف العدل يستقر في إيران منذ عام 2002 برفقة المسؤول البارز في القاعدة أبومحمد المصري، وبعد ضغوط أمريكية كبيرة على طهران تم إلقاء القبض عليه عام 2003.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أطلقت طهران سراح سيف العدل في عام 2015 بموجب عملية تبادل أسرى بين التنظيم الإرهابي وطهران، حيث لا يزال سيف العدل مقيماً في إيران.
ورصدت الولايات المتحدة 10 ملايين دولار وبريطانيا 7.5 مليون جنيه استرليني لمن يدلي بمعلومات عن سيف العدل بسبب دوره في تفجيرات السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998 والتي خلفت 224 قتيلاً.