الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد..
فقد قال الله تبارك وتعالى في محكم التنزيل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" (الحشر :18) يأمر الله عباده المؤمنين بالاستعداد ليوم القيامة، فينظروا ما قدموا لأنفسهم من أعمال، لأنهم سيجازون عليها قال تعالى : "وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ " (البقرة:281) وقال سبحانه في الحديث القدسي: " يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ " . رواه مسلم.
وحذر سبحانه عباده المؤمنين من نسيان ذلكم اليوم والاستعداد له فقال : "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ " (الحشر:19)فإنّ الغفلة عن اليوم الآخر موجبة للهلاك والعقوبة، فمن نسي ربه أَنْسَاهُ مَصَالِحَ نفسِه فَعَطَّلهَا، بأن يهمل في تحصيل سعادة نفسه وفلاحها وما تكمل به، وينسى عيوبَ نفسه ونقصَها وآفاتِها، فلا يخطر بباله إزالتها وإصلاحها، وينسى أمراض نفسه وقلبه وآلامَها، فلا يخطر بقلبه مداواتُها، وَلَيْسَ بَعْدَ تَعْطِيلِ مَصْلَحَةِ النَّفْسِ إِلَّا الْوُقُوعَ فِيمَا تَفْسَدُ بِهِ وَتَتَأَلَّمُ بِفَوْتِهِ غَايَةَ الْأَلَمِ، كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله.
وإذا علم الإنسان أنّ حياته قصيرة، وأنّه مقبل على عقبة شديدة لا ينجيه منها إلا رحمة الله، وهذه الرحمة لن تنال إلا بالعمل، تعين عليه أن يكون أنشط من التجار الذي يسعون لاستثمار أموالهم لتعود عليهم بالربح الوفير.
ومن نعمة الله علينا أن نوع علينا في المواسم والعبادات، فجعل من الأزمان ما له فضيلة على غيره، وجعل في هذه المواسم الكثير من العبادات اليسيرة ولكنها عظيمة الأجر والثواب.
وها نحن نعيش موسماً عظيماً جداً، إنه موسم شهر رمضان المبارك، ولعظم هذا الموسم الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستبشر بقدومه، فعن أنس بن مالك، قال دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم».
وكان السلف رحمهم الله يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان .
ما السبب ؟
لنتأمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
أ ) أتاكم شهر رمضان شهر مبارك.
ب ) فرض الله عليكم صيامه.
ج ) تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين.
د ) وفيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم . رواه النسائي.
فموسم هذا شأنه جدير بالاهتمام به، والعناية بأمره .
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة